بأن جدول اعمال المؤتمر لم يتضح بعد وان ما تم الاعلان عنه لجهة التوصل الى اعلان مشترك ما هو الا محاولة لتغطية فشل رايس باقناع اسرائيل بالاستجابة لمطالب الفلسطينيين وبالمقابل ممارسة الضغط على السلطة الفلسطينية لتقديم تنازلات في المواضيع الجوهرية كحق العودة والقدس وحدود الدولة الفلسطينية.كما يشير إعلان رايس بالعودة الى المنطقة مجددا في الايام القادمه والتصريحات الاميركية والاسرائيلية حول عدم الافراط في التوقعات إلى فشلها ايضا في الضغط على اسرائيل للرضوخ الى شروط السلام الدولية وحتى المعلنة اميركياً ومحاولة التعويض عن ذلك بالضغط على الفلسطينيين باشكال مختلفه منها التلويح بالغاء الاجتماع وتحميل الجانب الفلسطيني المسؤولية عن ذلك .
السؤال الذي يطرح نفسه في ضوء ذلك هو أين الورقة والاقتراحات الاميركية للاجتماع وهل دور رايس يقتصر على نقل الرسائل والمطالب بين الطرفين وتاليا هل يمكن ان يساعد مثل هذا الدور في احداث فتحة في السياسة الاسرائيلية المعادية للسلام ?
كل التصريحات الاميركية واخرها تصريح الرئيس بوش حول اقتصار دور بلاده على التقريب بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني تؤكد بأن اميركا بإدارتها الحالية ليس لديها رؤية واضحة للحل تنسجم مع القرارات الدولية وتعهداتها للفلسطينيين لتحقيق تقدم في السلام على المسار الفلسطيني ولو كان لديها هذا التوجه لكانت رايس على الاقل طرحته بخطوطه العريضه تجنبا لازعاج اسرائيل التي تسعى لتحويل الاجتماع الى مفتاح للتطبيع وفرصة لالتقاط الصور فقط.
التحدث الاميركي عن موافقة اسرائيل على طرح القضايا الاساسية في الاجتماع لا يعني ان اسرائيل ستوافق على التفاوض بشأن ذلك واشتراط الحكومة الاسرائيلية على الفلسطينيين باسقاط حق العودة والتخلي عن حدود الرابع من حزيران والقبول بمبدأ استبدال الاراضي ينسف هذه الموافقة الاسرائيلية الشكلية ادارج القضايا الرئيسية في المذكرة التي تسعى رايس لتبنيها من الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني فهذه القضايا هي حقوق فلسطينية مكتسبة ومضمنة في الشرعية الدولية وتعمل اسرائيل على تحويلها الى قضايا ثانوية قابلة للتفاوض والالغاء لاحقا والاصرار الاسرائيلي على رفض حق العودة وادراجه في بند القضايا الجوهرية يدل على خبث الموافقة الاسرائيلية في هذا الشأن .
فإسرائيل تسعى من خلال الوثيقة التي تعمل عليها رايس الى تنازلات فلسطينية جوهرية تمس كل الشعب الفلسطيني وهي لم تقدم حتى الان أي التزام للفلسطينيين في مجمل القضايا المطروحه وخاصة القدس وحدود الدولة الفلسطينية المقترحة ومستقبل المستوطنات في الضفة الغربية ...الخ وكذلك ليس هناك من يجبرها على الالتزام بوثيقة طابعها عمومي وتفتقد الى ابسط مقومات فرض مضمونها وبالمقابل تقف اميركا بجانب اسرائيل للضغط على الفلسطينيين واجبارهم على تنفيذ تنازلاتهم حتى لو رفضت اسرائيل ما تعهدت به والتجارب السابقة على هذا الصعيد صارخة في تعبيرها عن الازدواجية الاميركية والانحياز المطلق .
ان التهديد الاميركي المبطن بالغاء او تأجيل اجتماع الخريف غير موجه لاسرائيل وانما للفلسطينيين خاصة والعرب على وجه العموم والهدف المرتجى تحقيق الشروط الاسرائيلية ليس للسلام بل للاستسلام وللتذكير ان اسرائيل لم تنطق بهذا الموضوع الا خلال مباحثاتها مع الجانب العربي الامر الذي يؤكد بأن هذه التهديدات موجهة فقط للعرب .
ان التمسك بالحقوق العربية والفلسطينية في هذه المرحلة اكثر من ضروري بل هو استراتيجي لنيلها في المستقبل وإدارة بوش الحالي عاجزة عن تحقيق أي شيء يصب في المصلحة العربية واي تنازل سيكون مجانياً ويعمق آلام الفلسطينيين ويعقّد عملية السلام .