و استلهم قوته وقدرته في الانتشار من الدعم الأمريكيّ الصهيوني العلني وغير المخفي . المهم تقول القصّة : ( دخل مدينة الضاد العريقة تاجرٌ كبير ذاع صيته في البلاد البعيدة والقريبة فهو يبيع كل ما يخطر في البال وما لا يخطر في البال من أشياء مثيرة وساحرة ومغرية ، فتهافت عليه أهالي وساكني مدينة الضاد العريقة، كلٌ يتوق إلى شراء ما كان يحلم به من أشياء مثيرة وساحرة ومغرية ، لكن المسحورين بهذه البضائع الشيّقة المغريّة بُهتوا وأصابتهم الدهشة والحيرة عندما رفض البائع الغريب العجيب تقاضي المال المحلّي كبدلٍ عن بضاعته بل طلب مقابل كل سلعة أن يتنازل المشـتري منه عن يومٍ من عمر ولدٍ من أولاده !. وهكذا فهم كل أهالي وساكني مدينة الضاد أن الأشياء المثيرة والساحرة و المغريّة تكلّف كلّ مرّة وكل واحدةٍ منها على حدة يوماً من أعمار أولادهم ، وبعدها انقسم الناس في مدينة الضاد بين فريقٍ متمسّكٍ بأعمار أولاده وآخر متمسكٍ بالأشياء الساحرة والمثيرة والشهيّة والمغرية فاقتتل الفريقان وطال بينهما القتال ... وخسر كلا الفريقين الكثير الكثير من أعمار أولادهم ) .
تذكرت هذه القصّة التي كتبتها سابقاً وأنا أتابع وسائل الإعلام التي أسرفت ولا تزال تسرف في التحريض على القتل والتدمير و تتفنن في الفبركة و الدجل و تتمتّع و تنتشي وهي تسرد أعداد القتلى و الجرحى وتنفث كالأفاعي سمها وهي تتناول في شرحها المغرض و المسيء لكل رمزٍ ثوري تحرري فمن يتابع كيف يشوّه ويُساء إلى (لينين وستالين وماوتسي تونغ و كيم إيل سونغ و غيفارا وكاسترو وجمال عبد الناصرو تيتو وغاندي ونهرو و حافظ الأسد و الخميني و حسن نصر الله وتشافيز ونجاد و بشار الأسد ) و كيف يروّج للإرهاب بطريقة ذكيّة رهيبة فتلمّع صورة ( ابن لادن والظواهري والزرقاوي والأسير و كتائب الفاروق و جند الشام و .......) يكتشف أنها خطة محكمة يمارسها إعلامٌ برّاق مثيرٌ ومغر ٍ ، يجعل شعوب المنطقة من حيث ندري ولا ندري أقلّ تحضراً وأقل وعياً وأقلّ عدلاً وأقلّ استقامةً وإلاّ كيف نفسّر هبّة الشعوب طلباً للعدالة و للحق في حين تتصرّف هذه الشعوب بشكلٍ جائر ٍ دموي يخلّف القتل والدمار وبسلاح ٍ أمريكي وإسرائيلي ؟! وكيف نفسّر قيام النخب العربيّة المعارضة لتلتمس المساواة و النهج الوطني فإذا بها لا تطبّق المساواة ولا تتبنى أيّ موقف وطني يوقف نزيف الدم بل و ترهن حوارها و سبل مطاليبها بصعاليك الفنادق الفاخرة وتوصيات السفارات الغربيّة ؟!! .
هذا الإعلام المشبوه العميل يشبه في قصتي القصيرة ذاك التاجر الذي اشترط ثمناً للإثارة و التشويق والإغراء حياة و أعمار أولادنا فقسم شعوبنا إلى فريقين لتعيش هذه الشعوب واقعها المؤلم حيث استبدل الإخوة المتعايشون المتحابّون حياتهم بحالة دائمة من الصراع الذي لا غالب فيه ولا مغلوب و حرب مستمرة تخلّف الفقر والجوع و الضعف و الموت و الجميع في هذا الخراب مقتنعٌ أنّه على صواب و يمسك بعنان الحق !!! إنهم تجّار الموت حقاً
إنّ من أغرب ظواهر هذا القرن ظاهرة تجّار الموت الذين لبسوا بزّات التحرر و امتطوا منابر الإعلام و قلبوا الحقائق بأشرس وأدهى حملة أكاذيب وفبركات جعلت الشعوب تولّد من ثوراتها وانتفاضاتها بدل العدالة والحريّة عالماً طاغياً مستبدّاً يحاكم الناس ميدانيّاً ويقتلهم على قارعة الطريق وينكل بجثثهم .. تجار موتٍ حوّلوا صرخات الثوّار إلى نفاق تجعل من يولول على الشاشات يستدعي جيوش المستعمرين كي تأتي لتدمر الأوطان و تستولي عليها تجعله إنساناً وطنيّاً ثائراً ..
تجار الموت الذين نجحوا في صياغة الطعم المر لحياتنا اليوميّة بسبب قبول شعوبنا باحتلالٍ وقح ٍ لخصوصيّة عقولنا وتفكيرنا وعقائدنا و تاريخنا ومستقبلنا وحتى بالتسلّط على حقنا في تقرير مصيرنا ومصير أولادنا .. تجّار الموت الذين كتبوا عنواينهم الجديدة و المختلفة وفي أدمغتنا وأحاسيسنا واختبئوا في غرف العمليّات المظلمة ( الجزيرة و العربيّة و الفرانس و الفيوتشر والحوار و .... ).
تجار الموت الذين تمت صناعتهم بيد الصهاينة والغرب وتموّلوا بمال النفط العربي استباحوا أمةً عريقة .. استباحوا تاريخها وذاكرتها واعتدوا على غدها و خيالها ..وفوّضوا ثلّة من الخونة الوقحين المتربصين خلف دريئة مزورة تدّعي التديّن والدين منها براء وتدّعي الحريّة و الحرّية منها براء تجار الموت الذين قرروا شراءنا بخيرنا وشرّنا واعتقدوا لحمنا طرياً كي يأكلونا ويشربونا .. واعتقدوا أننا كشعوبٍ عربيّة لسنا أكثر من قطعان تستحق الرعاية حتى تصبح جاهزة للذبح .. لكنّهم لم يكتشفوا أنّ الشعب السوري تحديداً لم ولن يكون كذلك في يوم من الأيام .. وأن السوريّين قائداً وشعباً وجيشاً لن يقبلوا السير في هذا القطيع المستعد لمصيره المحتوم .. وإن الجيش العربي السوري بضبّاطه وصف ضبّاطه وجنوده ومجنّديه يجعلون سوريّة والسوريّين منيعة طعمها مرٌ علقم على الجائعين للموت و الخراب .