تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


إلغاء اتفاق الغاز .. مسار جديد بين مصر وإسرائيل

شؤون سياسية
الأحد 29-4-2012
عدنان علي

جاء إلغاء عقد تصدير الغاز المصري لاسرائيل استحقاقا طبيعيا لمرحلة ما بعد نظام مبارك ازاء هذه القضية التي كانت تلقى معارضة شعبية كبيرة في عهده دون ان تلقى أدنى اهتمام من جانب النظام السابق برغم عشرات

وقفات الاحتجاج التي كانت تتم بشكل منتظم على مدار السنوات الماضية.ولعل الحكمة المتضمنة في اتخاذ هذا القرار قبل الانتخابات الرئاسية، وهو متوقع منذ الاطاحة بالنظام السابق، انه سيحسب على المجلس العسكري وليس على الرئيس الجديد الذي قد تربكه هذه القضية على صعيد علاقات مصر مع الولايات المتحدة التي تشير كثير من المؤشرات إلى أنها سوف تسرع خططها القديمة لوقف مساعداتها لمصر والتي تقلصت خلال السنوات الأخيرة إلى نحو 1.3 مليار دولا فقط نزولا من 2.2 مليار منذ اقرارها بعد توقيع اتفاقية كامب ديفد نهاية ثمانينات القرن الماضي.‏

وقد جاء القرار بعد 15 تفجيراً تعرض لها الخط الناقل للغاز خلال قرابة العام، وهي تفجيرات تشير إلى أن الشعب المصري لم يعد يطيق استمرار هذا الارث الثقيل سياسيا واقتصاديا حيث تزود أكبر دولة عربية عدوة العرب الاولى بالوقود بما يمكنها من مواصلة عدوانها على الفلسطينيين والعرب وبأسعار زهيدة تقل مراراً عن الاسعار العالمية، فيما يشبه عقد الاذعان في الوقت الذي يواجه المواطن المصري صعوبات اقتصادية جمة بما فيها تأمين مادة الغاز نفسها.‏

والمعروف أن شركة شرق المتوسط التي كانت تتولى عملية نقل الغاز المصري لاسرائيل، هي شركة قطاع خاص مصرية-اسرائيلية أسست خصيصا من أجل تصدير الغاز المصري إلى اسرائيل في العام 2000 وكان أحد المساهمين الرئيسيين فيها رجل الاعمال المصري حسين سالم الهارب الان في اسبانيا وهو أحد أقرب المقربين إلى الرئيس المصري السابق.‏

ويقضي العقد الذي تبلغ قيمته 2.5 مليار دولار بان تقوم شركة شرق المتوسط للغاز ببيع 1.7 مليار متر مكعب من الغاز المصري سنويا لمدة 15 عاما الى شركة الكهرباء الاسرائيلية، وبدأ ضخ الغاز فعليا الى اسرائيل في العام 2008 .وتشير صحيفة يديعوت أحرونوت الاسرائيلية الى أن ولدي الرئيس المصري السابق حسني مبارك (جمال وعلاء) قد حازا على ثلاثمائة مليون دولار من إسرائيل عمولة على دورهما في إتمام صفقة الغاز عام 2005.وكانت السلطات الاسرائيلية جهدت في البحث عن مصادر بديلة اثر تعرض الخط الناقل لسلسلة عمليات التفجير ما أدى الى شبه توقف تام لحركة نقل الغاز منذ العام الماضي . واضافة الى زيادة الاعتماد على مصادر طاقة أخرى مثل المازوت، زادت من اعتمادها على الغاز المستخرج من حقل غازي تحت سطح البحر مقابل شواطئ مدينة عسقلان لكنها تخشى نفاده هذا العام وقبل البدء بضخ الغاز من حقل آخر تقول انها اكتشفته قبالة شاطئ حيفا، لكنه في الحقيقة يمتد الى الشواطئ اللبنانية، وهو ما دفع بيروت إلى تأكيد انها ستلجأ إلى القضاء الدولي لمنع سلطات الاحتلال من سرقة هذا المورد .لكن الاعتماد على المازوت في توليد الكهرباء ملوث للبيئة ومكلف جدا ويتوقع أن يؤدي لرفع أسعاره بعدما كان الغاز المصري يساهم في توفير 45% من حاجات اسرائيل من الغاز وبسعر يقل عن ثلث السعر العالمي. ورأى وزير البنى التحتية الاسرائيلي عوزي لانداو إن وقف الغاز المصري يهدد أمن الطاقة في إسرائيل، ودعا للإسراع في توفير بدائل أخرى حتى لو كانت ملوثة للبيئة كالفحم الحجري ولاستعجال إنجاز بناء مركز لضخ غاز من بئر قبالة شاطئ حيفا يبدأ العمل وفق الخطة في 2014. وزعم لانداو ان لدى إسرائيل مصادر داخلية وخارجية من الغاز، وكانت لا ترغب في الإعلان عنها لاعتبارات سياسية سرية، غير أنه قد آن الأوان للإعلان عنها كما قال. ورغم ان الجانب المصري برر قرار الغاء اتفاقية الغاز مع اسرائيل بأسباب تجارية بحتة، اثر امتناع شركة شرق المتوسط عن سداد قيمة الغاز الذي تحصل عليه لمدة تزيد عن اربعة اشهر‏

ووصلت قيمة المستحقات المصرية التي لم تسددها الشركة نحو 100 مليون دولار، الا ان البعد السياسي للقضية لا تخطئه العين، ويتمثل في عدم قدرة الاوضاع الجديدة في مصر على تقبل مثل هذا العقد الذي بات يمثل أحد العناوين اللافتة في سياسة الاذعان التي كان ينتهجها النظام السابق حيال اسرائيل، بما يشبه مشاركة ذلك النظام المباشرة في احكام الحصار على قطاع غزة. وبالفعل لاقى القرار ارتياحا واسعا في الاوساط الشعبية والحزبية في مصر، حيث رحب البرلمان المصري وحزب الحرية والعدالة بالقرار، ووصفه النائب على فتح الباب زعيم الأغلبية بمجلس الشورى بـ«تصحيح خطأ كان يمثل إهانة واستهانة بكرامة وعزة المصريين»، ووصفه المستشار محمود الخضيري رئيس لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب بأنه كان مطلباً شعبياً وثورياً. ورغم أن الخبراء يرون أن القرار ليس له علاقة مباشرة بمعاهدة كامب ديفيد الموقعة بين مصر وإسرائيل في 1978، لان صفقة الغاز ليست جزءا من تلك المعاهدة، لكن من الواضح‏

أن العلاقات بين الجانبين باتت اليوم تتخذ شيئا فشيئا مسارا مختلفا عما كانت عليه خلال العقود الثلاثة من حكم مبارك .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية