تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


إسرائيل ودورها المشبوه في المشهد العربي الراهن..؟!

شؤون سياسية
الأحد 29-4-2012
عبد الحليم سعود

لدى البحث والتدقيق في المشهد العربي الراهن الممتد من فلسطين ـ التي تتم تصفية قضيتها على نار هادئة ـ وصولا إلى العراق وما يحدث في سورية ومصر والسودان وليبيا واليمن، مع الأخذ بالاعتبار الدور الخياني الذي تلعبه بعض المشيخات والممالك المحسوبة على الجسد العربي الواحد،

لابد من ملاحظة مجموعة من الأسئلة التي تتراشق كالسهام، والتي يصعب الإجابة عليها ما لم يتم النبش في تاريخ وأهداف الحركة الصهيونية منذ تأسيسها حتى قدوم الصهاينة إلى أرض فلسطين.‏

وإذا كان ما يكتبه ويؤرخه بعض كتابنا العرب بخصوص هذه الحركة وأهدافها ونشاطاتها العدوانية يؤخذ عليه أحيانا الجانب الانفعالي الناجم عن المعاناة المريرة جراء العدوان والإرهاب الإسرائيلي المستمر لأكثر من ستة عقود، فإن ما يكتبه بعض الكتاب الأجانب في هذا المجال لا يمكن تصنيفه وفق هذا المعيار لأنه أولا يأتي من أشخاص بعيدين عن التأثير العاطفي وثانيا لأنه موثق بشهادات واعترافات لمسؤولين صهاينة مؤثرين في تاريخ هذا الكيان الغاصب، وبما أن السؤال الكبير الذي يطرق باب كل عربي اليوم ماذا يحدث اليوم في العالم العربي ولمصلحة من..؟ فمن دواعي الأمانة والحقيقة أن تترك الإجابة لكاتب أجنبي قدم توصيفات دقيقة لهذا الكيان منذ خمسينات القرن الماضي تصلح أن تطلق عليه اليوم.‏

ففي عام 1957 أصدر الكاتب الهندي «ر.ك.كارانجيا» كتابا عنونه بـ «خنجر إسرائيل» شبه خلاله الكيان الصهيوني الذي لم يمض على إنشائه سوى تسع سنوات بالخنجر الأجنبي المسدد إلى جسد الأمة العربية، في إشارة مبكرة إلى طبيعة الدور السرطاني الذي تلعبه إسرائيل في هذا الجسد العربي.‏

كارانجيا ضمن كتابه حوار أجراه مع الإرهابي موشي دايان ـ أبرز جنرالات إسرائيل في تلك المرحلةـ حيث كشف دايان عن وثيقة سرية أعدتها هيئة الأركان العامة الإسرائيلية جاء فيها:«لتقويض الوحدة العربية وبث الخلافات الدينية بين العرب يجب اتخاذ الإجراءات منذ اللحظة الأولى من الحرب لإنشاء دول جديدة في أراضي الأقطار العربية، وقد أوضحت الوثيقة أن الهدف الإقليمي الأدنى لإسرائيل هو احتلال المناطق المجاورة لقناة السويس ونهر الليطاني والخليج العربي لأنها تنطوي على أهمية حيوية، وتقضي الخطة الوثيقة بتقسيم كل من سورية والعراق إلى ثلاث دويلات على أسس طائفية وعرقية وكذلك تحويل لبنان إلى دويلتين صغيرتين على أسس مشابهة.‏

هذه الوثيقة التي قدمها كتاب «خنجر إسرائيل» سبقتها مقدمات ومشاريع صهيونية مبيتة، حيث سبق لديفيد بن غوريون أول رئيس وزراء للكيان الصهيوني أن أشار إلى الأهداف الإستراتيجية للحركة الصهيونية قبل ذلك بعشرين عاما، حيث أكد أمام المجلس العالمي لعمال صهيون الذي عقد عام 1937 بأن الدولة اليهودية المعروضة على الصهاينة من قبل بريطانيا لا يمكن أن تكون الحل المنشود لمسألة اليهود ولا هدف الصهيونية الذي سعت إليه طويلا، حتى لو أجريت على حدود الدولة بعض التعديلات الممكنة واللازمة، إلا أنه يمكن قبولها بوصفها المرحلة الأولى والأساسية التي تنطلق منها تتمة مراحل تحقيق الوطن الصهيوني الأكبر، ومن المعروف عن بن غوريون أنه كان يحلم بإقامة إسرائيل الكبرى الممتدة من النيل إلى الفرات وهو الشعار المكتوب على باب الكنيست الإسرائيلي.‏

وبناء على ما وثقه هذا الكاتب الهندي قبل خمسين عاما ألا يحق لنا بأن نشك أن بعض ما يجري اليوم في عالمنا العربي من أحداث دامية ومريبة ـ إن لم يكن جميعه ـ هو جزء من سيناريو صهيوني تم إعداده قبل عشرات السنين، وعليه يمكن أن نسأل لمصلحة من يقسم السودان إلى دولتين متناحرتين إحداهما تجاهر بصداقتها وتحالفها مع إسرائيل، ولمصلحة من يستمر مسلسل الإرهاب والفوضى في العراق رغم خروج المحتل الأميركي ولمصلحة من يستدعى تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات كل واحدة تناصب الأخرى العداء، ولمصلحة من تستدعى الفتنة في سورية، ويتم تهريب السلاح والإرهابيين لقتل أبنائها وإضعاف الدولة الوحيدة التي ترفع لواء العروبة والمقاومة في وجه مخططات إسرائيل التوسعية والعدوانية، ولمصلحة من يستبدل العداء المبرر والمنطقي لإسرائيل بعداء آخر لدولة جارة وصديقة تقف إلى جانبنا وتناصر قضايانا، ولمصلحة من تدمر ليبيا ويفتت اليمن، وتبقى مصر رهينة الفوضى والتخبط وانعدام التوازن، ولمصلحة من تبدد ثروات أهل الخليج على صفقات السلاح الأميركي الذي لم ولن يستخدم لدرء المخاطر الإسرائيلية..؟!‏

أسئلة كثيرة من هذا العيار تنطلق في كل يوم على إيقاع ما تبثه قنوات التحريض والفتنة من برامج ومواد إعلامية لا هدف لها سوى تعميق الشرخ وزيادة الفرقة بين أبناء الوطن الواحد والبلد الواحد وتشويه صورة الرموز الوطنية وطمس منجزاتهم، في مقابل الدعاية المجانية التي تحاول تجميل صورة العدو وإلباسه رداء الإنسانية.‏

المؤلم حقا هو أن الصهاينة اليهود يواصلون مشروعهم المدمر في وطننا العربي بنجاح مستفيدين من الخريف الذي تمر به بعض أقطاره، ولكن الأشد إيلاما هو أن إسرائيل تواصل بقاءها كخنجر مسموم في جسد الأمة بمساعي ومساندة بعض أبناء جلدتنا من «الصهاينة» العرب، لتتكرر نكبة الأمة مجددا في أشكال وصيغ جديدة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية