تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أفغانستان.. منطق غريب لحرب قذرة

Japan Times
ترجمـــــــــــة
الأحد 29-4-2012
ترجمة :ريما الرفاعي

الأفغان شعب نشيط ومعتد بنفسه وهو صاحب تاريخ طويل في مقاومة الاحتلال الأجنبي، وقد دفع ثمن ذلك اثمانا باهظة ولا يزال كذلك حتى الان.

وآخر حلقة من سلسلة العنف الفظيعة هذه حين قتل رقيب اميركي يدعى روبرت بيلز 16 شخصاً من الأبرياء الأفغان كانوا نياما في 11 اذار في قرية بالاندي التي تقع في منطقة بانجواي بإقليم قندهار الذي شهد مقاومة شديدة لاحتلال الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي للبلاد.‏

وتعتبر بالاندي صورة مصغرة عن أفغانستان في موقفها من الاحتلال الغربي للبلاد.‏

لقد هلل الكثير من المحللين للحملة العسكرية ضد أفغانستان بقيادة الولايات المتحدة في تشرين اول 2001 والتي كانت حربا غير متكافئة حيث شنت دول العالم الأكثر تقدما هجوما على الدولة أكثر فقرا في العالم ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من الافغان  .‏

لقد دعم العديد من المعلقين الحرب، وغضوا النظر عن فواحشها أو تظاهروا وكان شيئاً لم يحدث، وبدا وكأن «العالم المتحضر» يتخلى عنهم كونهم أقل تحضرا بطريقة أو بأخرى. وقدمت الحرب على انها «حرب جيدة»، حتى ان منظمات حقوق الانسان والقانون الدولي وجدوا بعض المنطق في الحرب في أفغانستان.‏

وكتب ريتشارد فولك وهو باحث حقوق الإنسان ومبعوث الامم المتحدة في دورية فورين بوليسي جورنال «يؤسفني أنني ايدت الحرب في بدايتها على أساس الدفاع عن النفس خوفا من الهجمات في المستقبل انطلاقا من أفغانستان» ليخرج بنتيجة مفادها ان «الحروب العبثية والمهووسة تنتج سلوكاً طائشاً ومهووسا ».‏

ان العبارات في وصف الحرب مثل «لا معنى لها » و «مرضية» لا يمكن لها ان تصف الحرب القذرة في أفغانستان، كما ورد على لسان الرئيس باراك أوباما خلال استقباله مؤخرا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في البيت الابيض.‏

لقد دفعت آخر مذبحة والتي ذهب ضحيتها المدنيون الافغان رئيس البلاد، حامد كرازي، لمطالبة الولايات المتحدة بإعادة نشر قواتها بعيدا عن القرى في جميع أنحاء البلاد.‏

ويفهم من تصريحات اوباما ان الولايات المتحدة وحلفاءها سوف يتمسكون بخطتهم لإنهاء العمليات القتالية حتى عام 2014، ومن ثم الحفاظ على وجود عسكري دائم من خلال مذكرة بين الولايات المتحدة وأفغانستان. وبالنظر إلى معدلات تعرض الافغان للقتل ما ينذر بالخطر ، فإن تصريحات اوباما تشير أيضا إلى المزيد من قتل الأبرياء لمجرد أن أوباما لا يريد أن ينظر اليها على أن سياسته رخوة في افغانستان وهي تهمة لا تناسب موسم الانتخابات الرئاسية .‏

لن يستطيع الأفغان الاحتفاظ بهذه المهزلة لفترة طويلة. فحركة طالبان لن تشارك الولايات المتحدة في محادثات مباشرة أو غير مباشرة. أما بالنسبة لرئيس البلاد الضعيف ، فلن يستطيع العثور على التوازن الصحيح لاستيعاب خطط الولايات المتحدة والغضب الشديد بين مواطنيه.‏

اما مخططو حرب أفغانستان الأصليون فقد استيقظوا على واقع جديد، وهو أن الأفغان لن يقبلوا بأقل من انسحاب كامل للولايات المتحدة والناتو من بلادهم، ومهما كانت التكلفة.‏

ان شعور إدارة بوش و أوباما بالتفوق العسكري المبالغ به جعلهما يفشلون في استيعاب ما أصبح حتمية تاريخية، وهي ان أفغانستان تنتمي إلى شعبها الذي سيقاتل لتأكيد هذه الحقيقة مرارا وتكرارا. الحرية هي قيمة مطلقة، ولا يمكن التراجع عنها بسبب الحرب أو الاحتلال العسكري، والوضوح الاخلاقي للصراع الأفغاني من أجل الحرية في عام 2012 لا يزال قويا كما كان عليه في عام 2001.‏

واليوم بات من الواضح ان ذريعة الحرب على افغانستان ( محاربة الارهاب) ضعيفة لأن الوضع في كل مكان، هو مماثل لما كان عليه قبل. الحرب، والوجود العسكري اليوم هو فقط لحفظ ماء الوجه، ولتأكيد درجة من الهيمنة الأميركية، والإعداد لمستقبل تستطيع فيه الولايات المتحدة جني مكاسب معينة. وبسبب عدم وجود مركزية أخلاقية واستراتيجية تحولت الحرب الى شيء سادي، غريب وعنصري .‏

ان الولايات المتحدة تحول مواطنيها إلى «قتلة مرضيين «، ويقول فالك: «الجنود الاميركيون يتبولون على مقاتلي طالبان القتلى، ويحرقون القرآن، كما أدين بعض من اعضاء دوريات الريف من قبل محكمة عسكرية اميركية بقتل المدنيين الأفغان كنوع من الرياضة، والتفسيرات الرسمية الولايات المتحدة أصبحت بعيدة عن الواقع».‏

في لقاء مع كرازي، سأل شيخ من قرية بالاندي الرئيس كرزاي : لقد قتلوا الكثير من أحبابنا، هل لديك جواب لماذا؟‏

لا أحد يستطيع إعطاء جواب، لان القتل المرضي لا يمكن للغة الدبلوماسية تبريره . ما هو واضح هو أن موجة العنف الأخيرة والإذلال سوف تشعل الرغبة عند الأفغان بإنهاء حلقة دموية أخرى من تاريخه وفقا لشروطهم.‏

وقال شيخ اخرفي تقرير نشرته الفضائيات في 17 اذار « أنا لا أريد تعويضات مالية ، وأنا لا أريد رحلة الى الحج و لا أريد منزلا. ما أريده هو معاقبة الاميركيين. هذا هو مطلبي الوحيد «.‏

هل يعلم الجنود الاميركيون ما يقاتلون من أجله، أو من الذين يقاتلونهم ؟ خاصة ان معظم الضحايا هم من النساء والأطفال.‏

ان ريتشارد فولك كان محقا حين قال: ان الحروب العبثية والمهووسين لا ينتجون سوى السلوك المرضي، والمنطق الغريب .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية