تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ثقافـــة الأمثـــال

حصاد الورق
الأحد 29-4-2012
يمن سليمان عباس

تتميز الأمثال الشعبية فيما تتميز به.. العفوية وعدم اختيار الألفاظ المعجمية أو البعيدة عن ألسنة العامة ثم إصدار الأحكام التي قد تبدو بعيدة عن الرقابة كمايقول السيد نجم في مجلة الرافد.

ولعل أهم مايميز المثل الشعبي «التجربة» التي قد تبدأ فردية وتنتهي فردية في ظاهرها إلاأنها تجربة متكررة ومشتركة ولنتائجها تقييم مشترك اتفق عليه الجميع فعبر أحدهم عنها في بلاغة عفوية والتقطها آخر له القدرة على المحاكاة والتقليد والحفظ ثم كان ثالث له سمة الحفظ عمايردد أمامه وتتوالى الحلقات فردية وبالتكرار تصبح سمة جماعية متفقاً عليها.‏

لاقت التجربة أهمية خاصة في الحديث عن المثل الشعبي في دائرة المعارف الفرنسية باعتبار أن الحكمة الشعبية لم تتولد من العدم تسبقها التجارب فتتولد الجملة «المثل» وتلك التجارب تتصف بالمباشرة والعفوية وسجلها فردي وذكي وانفعلت بها الجماعة واستوت الجملة على مر الأجيال حتى أصبحت حكمة الجماعة.‏

والحقيقة أن الجانب المضموني أو المعنى في المثل لاينفصل عن صياغته اللغوية التي تعتمد مبدئياً على قاعدة بلاغية رئيسية هي قاعدة الإيجاز حيث يقول الزمخشري: البلاغة الإيجاز وكلما أوجزت اللفظ أشبعت المعنى فكلما كانت كلمات المثل أقل عدداً كان ذلك أفضل، وذلك لسببين الأول يتعلق بحسن التأثير في المتلقي من خلال لغة مكثفة حتى إننا كثيراً مانجد أمثالاً تتكون من كلمتين فقط مثل (الماء نما) و(الحب أعمى) أما السبب الثاني يتعلق بسهولة حفظه في الذاكرة لأنه كلما كان المثل أكثر إيجازاً كان حفظه أسهل في الذاكرة.‏

والأمثال الشعبية تراث إنساني وسمة إبداعية لدى كل الشعوب وإن بدت متفاوتة من شعب إلى آخر ومن الريف ومجتمعات البدو عنه في المدينة ومن فئة اجتماعية ثقافية إلى أخرى ومع ذلك فهي قاسم عام ومشترك.‏

يبدو أن القريحة البشرية تسعى بوعي إلى الحفاظ على مكتسباتها الحياتية وتوريثها فكانت الأمثال الشعبية وبكل خصائصها من إيجاز وتكثيف من إحكام ودقة في المعنى من قوة تعبير وإن بدت نشأتها بين الجماعة نتيجة لتجارب خاصة ومحددة لكنها تنتهي إلى أحكام عامة للوصول إلى الغرض بلا مواربة.‏

المثل في اللغة هو النظير والشبيه هذا الأمر هو مثل هذا وهو قول في أمر يشبه قولاً آخر سابقاً له لعله التماثل بينهما.‏

قال الفارابي في تعريف المثل: المثل هو ماترضاه العامة والخاصة في لفظه ومعناه حتى ابتذلوه فيمابينهم وقنعوا به في السراء والضراء ووصلوا به إلى المطالب القصية وتواصلوا به عند المكرية وهو من أبلغ الحكمة لأن الناس لايجتمعون على ناقص أو مقصر في الجودة أو غير بالغ في النفاسة لعله التعريف الذي تبنى الدور الاجتماعي لمثل.‏

Yemenbbass@qmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية