وفيه تتحدث عن زيارتها التي كانت الأولى من نوعها،إذ رأت شعباً عربياً متميزاً يمتلك بالفطرة الكثير من مقومات الوعي السياحي،ولا يتعجب المرء بعد عودته إلى بلده بأن يجد سورية بسحر طبيعتها وعراقة تاريخها تحتل مكاناً رئيساً في القلب والعقل، ولعل أهم ما لفتها الأماكن والمباني الدينية فيها، ومشاركة رجال الدين الإسلامي والمسيحي في أداء صلاة الغائب على أرواح الشهداء،ما يؤكد للعالم أجمع روح التعاون والإخاء بين المسلمين والمسيحيين.بالطبع..لم تكن تلك الصحافية الوحيدة التي تحدثت عن شامة الدنيا ووردتها،فالتاريخ البعيد يشهد أنها استقطبت الشعراء والمؤرخين والساسة ورجال الدين والسياح من كل أصقاع الدنيا، فأنى تلفت وحيثما يممت تجد المدن السورية تعج بالكثير من الكنوز الأثرية والمعالم الدينية، ولدى دخولك أياً منها لابد أنك ستخلع النعل وتغضَ الطرف وتقف مذهولاً ومدهوشاً أمام عظمة حواضرها الإسلامية والمسيحية،وربما كان مصيرك كمصير ذلك الرجل الرومي الذي وقع مغشياً عليه لما رأى عظمة الجامع الأموي وحين سئل عن السبب قال: “نحن معشر أهل رومية نتحدث عن أن بقاء العرب قليل، فلما رأيت ما بنوا علمت أن لهم مدة سيبقونها”.
والسؤال...ألا يستحق هذا التاريخ العريق قليلا من الاهتمام لنحافظ على استمراره ؟...سؤال ربما جاء متأخراً كورشة العمل التي عقدتها وزارة السياحة ليأتي الصوت خافتاً من قبل منظميها بضرورة وجود حاجة ملحة لتطوير البنية التحتية للمواقع الأثرية، وتبني خطة وطنية للاهتمام بواقع السياحة الدينية،أليس غريباً أننا حتى الان لم نفكر بإعداد خطط متكاملة لكل موقع أثري، ولم نقم بوضع برامج ترويجية وتسويقية مناسبة رغم علمنا أنها إحدى أهم نقاط الجذب السياحي..
الورشة انتهت كالعادة بتوصيات كان أهمها: تشكيل لجنة عليا لتطوير اعتماد مشروع مقام السيدة زينب نظراً لأهميته، لكن دون تحديد جدول زمني للتنفيذ ليكون مصيره كمصير ناعورة الشيخ محي الدين بن عربي المعلم التاريخي الهام والتي لاتزال تعنّ وتئن منذ سبعينيات القرن الماضي، أو كمقام شيخ العارفين نفسه،او حتى مجمع يلبغا الذي لم يكتمل بناؤه حتى الآن...والقائمة تطول.
يبدو أننا سنكتفي بأن نغني مع فيروز....أنا حسبي أنني من جبل هو بين الله والأرض كلام، وحسبنا أن نستنشق كل صباح أنفاس ريا جِلقا.
fadiamsr@yahoo.com