وتربى اليوم في كافة المناطق الجبلية والسهلية، وهي تعتبر من الحيوانات التي تحظى باهتمام من قبل المربين والمزارعين كونها تشكل مصدراً غذائياً ورزقاً لهم حيث يعتبر حليبها ولبنها من أجود وأفضل أنواع الحليب والألبان لما يشكلانه من قيمة غذائية متكاملة بالإضافة إلى أن حليبها أقرب الأنواع إلى حليب الأم وقد وصفه الأطباء القدامى للشفاء من الكثير من الأمراض وتحديداً للصداع كما يفضل الكثيرون لحوم الماعز وتحديداً لحوم الذكور منها ويستفاد من صوفها في صناعة الخيام والبسط وحياكة الألبسة الشتوية ونظراً لأهمية الماعز هذه شكلت أحد معالم الهجرات والرحلات الاستكشافية القديمة براً وبحراً لما تشكله من قيمة غذائية ولبساطة تغذيتها.
وقد اشتهرت بلاد الشام وتحديداً سورية وفلسطين بتربية الماعز وتحديداً النوع الذي ينسب إليها / الماعز الشامي حيث يربى في نابلس بفلسطين وفي الغوطتين في الشام ويعتبر هذا العرق من أفضل أنواع الماعز في العالم وقد اكتسبت تربيته خلال آلاف السنين صفات انتاجية اقتصادية جيدة وبات له شهرة في المنطقة العربية وفي دول العالم ونتيجة للاقبال تم اقتناؤه من قبل المهتمين في الدول العربية المجاورة، شهدت تربية الماعز الشامي تراجعاً ملحوظاً في سورية وذلك بسبب ارتفاع أسعاره التصديرية وهذا الاستنزاف لهذه الثروة الحيوانية المهمة دفع بالدولة ممثلة بوزارة الزراعة إلى إقامة محطتين في دمشق والقنيطرة والبدء بإقامة محطة ثالثة في حمص للإشراف على تربية هذا النوع وتحسين سلالته وزيادة أعداده ورغم ذلك فإن العدد الأكبر من هذا القطيع يمتلكه المزارعون في مختلف محافظات القطر.
وفي السنوات الماضية شهدت تربية هذا النوع من الماعز اتساعاً وإقبالاً ملحوظاً فبعد أن كان عدد هذا القطيع لا يتجاوز المئات في ادلب راحت أعداده تتزايد سنوياً ليبلغ وحسب احصائية مديرية الزراعة العام الماضي والخاصة بالثروة الحيوانية حوالي 3200 رأس منها أكثر من 2300 رأس حلوب
وتتركز تربية الماعز في محافظة إدلب في معظم أرياف المحافظة وتحديداً في المناطق الجبلية التي تؤمن لها بيئة مناسبة لنجاح تربيتها ويوجد العدد الأكبر من قطيع الماعز الشامي في المحافظة في منطقتي حارم وكفر تحاريم اللتين تكثر فيهما الجبال وتعدد فيهما مصادر غذاء ورعي هذه الثروة ويقبل المزارعون وباهتمام ملحوظ على اقتناء وتربية الماعز الشامي في هذه المناطق كونها تتمتع بإنتاجية جيدة لمادة الحليب وهذا النوع يأتي في المرتبة الثانية على مستوى الثروة الحيوانية بعد الأبقار في إنتاج هذه المادة التي تتميز بالجودة والطيبة والقيمة الغذائية المتكاملة أكثر من أي نوع من أنواع الحليب الأخرى.
ويبلغ إنتاج الرأس الواحد في الحلبة الواحدة ما بين 3و5 كغ وهناك أنواع محسنة يبلغ انتاجها ضعف هذه الكمية ونظراً لأهميتها انتشرت في عدة مناطق وبلدات في الريف الشمالي للمحافظة أسواق خاصة بهذا النوع من الماعز يرتاده المربون والمهتمون من تجار وهواة من مختلف المحافظات وقد شكلت هذه الأسواق حركة اقتصادية في هذه البلدات نظراً لارتفاع أسعار هذا النوع من الماعز ليصل سعر الواحدة منها وطبعاً حسب كمية انتاجها وعدد التوائم التي تلدها واللون المفضل إلى أرقام خيالية تتراوح ما بين الـ200 والـ800 ألف ليرة ويلعب شكل ووقفة وشموخ ولونها أيضاً دوراً مهما في تحديد سعرها لعل أهم ما يكسب الماعز الشامي الأهمية الاقتصادية أن نسبة ولادة التوائم عند هذا النوع تصل إلى 75٪ من إجمالي الولادات حيث يتراوح عدد التوائم ما بين توءمين وأربعة توائم وهذا ما يزيد ويضاعف من سعرها وعند مربي هذه الثروة يقال بأن فلاناً يملك ثروة مادية واقتصادية تقاس بعدد ما يملكه من رؤوس ماعز شامي وقد راجت في السنوات الماضية تجارة وبيع هذا النوع من الماعز بهدف تسويقها إلى الدول المجاورة إلا أن الإجراءات التي اتخذت للحد من هذه التجارة ساهمت في استقرار عدد هذا القطيع وراحت تتزايد أعداده في المحافظة ليصل اليوم إلى العدد المشار إليه سابقاً.
ومن أهم ميزات الماعز الشامي بأنها هادئة ومعظمها بدون قرون ويغلب عليه اللون الدبسي واللونان الأبيض والأسود وتمتاز بطول قوائمها ورقبتها التي تتدلى منها حلمتان حيث طولهما يدل على كمية إنتاج الحليب وتنتج الماعز الشامي في الموسم الأول لها 250 كغ وفي الثاني 500 كغ وفي الثالث 800 كغ وقد يصل انتاجها أحياناً إلى الطن تقريباً وتبلغ الماعز الشامي سن النضج والانجاب عندما تبلغ من العمر ما بين الشهر السابع والعاشر.
ونظراً لأهمية هذا النوع من الماعز الذي يشكل ثروة اقتصادية مهمة يطالب مربوها بمزيد من الاهتمام بهذا النوع من حيث تأمين الأعلاف والرعاية الصحية والعمل على تحسين نوعيته وتقديم الدعم المادي للمزارعين على شكل قروض ميسرة وإحداث صناديق تأمين وتعويض لهذا النوع أسوة بقطيع الأبقار ليصبح هذا النوع منافساً لبقية الأنواع المميزة في العالم.