بدأت في الساحل السوري بقيادة المجاهد صالح العلي وابراهيم هنانو في شمال سورية, وقبل أن يصل الفرنسيون إلى دمشق ويدخلوها تصدى لهم البطل يوسف العظمة في معركة ميسلون التي استشهد على أثرها, في معركة غير متكافئة ولكن كي لا يسجل التاريخ أن المستعمرين دخلوا دمشق دون قتال وتوج هذا النضال المسلح بالثورة السورية الكبرى عام 1925 بقيادة المجاهد سلطان الأطرش ثم النضال السياسي الذي أعقب هذه الثورة ليكون الفجر الأبلج يوم السابع عشر من نيسان 1946م ومع احتفالنا بالذكرى الثانية والستين ليوم الجلاء العظيم نستلهم العبر والدروس ليبقى هذا الاستقلال مصاناً والوطن عزيزاً قوياً.
إن أبناء الشعب العربي السوري الذين أشعلوا الأرض تحت أقدام المستعمرين في كل زاوية من زوايا القطر, وقاموا بالثورات المسلحة التي بعثت الوعي في الشعب بأن الخلاص لا يكون إلا بتفاهم كل هذه الثورات وتوحيد الجهد لأن العدو واحد والمصلحة واحدة والوطن واحد, ولذلك قامت الثورة السورية الكبرى في جبل العرب عام 1925 وقد أعلنت هذه الثورة في بيانها الأول:
إن وطننا واحد, وعدونا واحد, وسجلت أكبر الانتصارات على الفرنسيين في معركتي الكفر والمزرعة, هذه الانتصارات الكبيرة جعلت أحرار سورية يتنادون من كل حدب وصوب ليلتفوا حول سلطان باشا الأطرش لإعطاء الثورة بعداً وطنياً وقومياً, وبرهنوا بذلك عن وعي متقدم وطني وقومي للشعب العربي السوري ورؤية بعيدة عن التعصب المذهبي أو الطائفي.
ولقد كان شعار الثورة السورية الكبرى ضد المستعمر, جملة قليلة الكلمات كبيرة المعنى,ولا يزال هذا الشعار صالحاً بل مطلوباً حتى في يومنا هذا, إنه الشعار الذي تبناه سابقاً فخر الدين المعني الثاني في حربه ضد العثمانيين, ثم تبناه المؤتمر السوري أثناء إمارة وملكية فيصل بن الحسين, ثم تبنته الثورة السورية الكبرى ورفعه سلطان الأطرش بأعلى صوته (الدين لله والوطن للجميع) وأكد في بيانات الثورة: (لا طائفية, ولا تنازع, ولا أحقاد, بل وطن واحد وشعب واحد وهدف واحد, أي حرية في العقيدة, ومساواة أمام الواجب الوطني).
ولقد كان من أهم عوامل نجاح النضال ضد الاستعمار والتي ساهمت في صنع الاستقلال أيضاً وضوح أهداف الثورة ومطالبها, وهي طرد الأجنبي وتوحيد البلاد وإعلان الاستقلال والسيادة الوطنية, لأن الاستقلال هو الحرية والحرية هي الكرامة الإنسانية.
ولا حضارة إنسانية إن لم تتضمن الحرية, هذا إلى جانب توفر قيادة موحدة وقادرة للثورة تتسم بالقدرة والشجاعة والحكمة والتفاني في سبيل الوطن, والغيرية والتواضع والصبر, والتكامل بين النضالين السياسي والعسكري, حيث كانت المقاومة والثورة السيف الذي يهدد به السياسيون المحتل, ليرضخ لمطالب الشعب وهذا ما كان وتحقق في 17 نيسان ,1946 وهذا ما نتمنى أن تقوم به الآن المقاومة الوطنية في العراق وفلسطين ,بأن تتحد وتتلافى كل الخلافات وتبتعد عن الطائفية والولاءات الضيقة وتجمع على قيادة موحدة, متخذة من تجربة الثورة السورية الكبرى أنموذجاً, وعندما كان الجلاء ظهرت حكومات عملت كل واحدة على التعامل مع هذا الاستقلال بمناظير مختلفة وزوايا مختلفة, حيث اعتبر بعضهم الوطن مزرعة له, واستمر ذلك إلى أن كانت ثورة الثامن من آذار المجيدة التي اعتبرت الثورة السورية الكبرى ثورة تحررية وطنية, وعندما قامت الحركة التصحيحية المباركة بقيادة القائد الخالد حافظ الأسد, كرمت المجاهدين وصانعي هذه الثورة وجعلت منهم القدوة والرمز في نضالنا الوطني والقومي.
إننا اليوم مطالبون بالسير على هدى الثوار, نبذل الغالي والرخيص في سبيل الحفاظ على استقلالنا الوطني, ونكمل تحرير الأرض بإعادة الأراضي العربية المحتلة, وفي المقدمة جولاننا الحبيب, بقيادة سيادة الرئيس بشار الأسد.
عضو اتحاد الكتاب العرب