لم يكتف المذيع محمد السعيد بقراءة عادية لمجموعة الأخبار المقتطفة,التي يتم اختيارها لتعرض ضمن برنامج (صحافة متلفزة) وإنما قدم اجتهاداته الشخصية لهذه القراءات,محاولاً قدر الإمكان الخروج من نمط الجمود الذي يسم مقدمي برامجنا..
ولذلك سنجده بالإضافة إلى أسلوبه في الإلقاء المعبر,يستخدم بعضاً من إيماءات وحركات تساعد على تلفزة الخبر المقروء.لنصبح بالتالي أمام خبر متلفز ,حقيقة,صوتاً وصورة,كأن يستخدم على سبيل المثال كلا كفي يديه,ويقوم بفتحهما بحركة تشبه حركة فكي فم التمساح أثناء قراءته خبراً يتعلق بمهاجمة هذا الحيوان لسيدة..
هي محاولات للسعيد يسعى من خلالها للتحرر من نمط الرتابة والحضور الآلي الجامد الغالب على مذيعي محطاتنا..ولكن هل نكون بذلك قد حققنا مادة صحفية متلفزة أم...?!
إعاقة
قدمت محطة (الآن) تقريراً عن أحد المعوقين حركياً في لبنان,لم يبق له من أعضاء جسده ماهو سليم إلا يد واحدة.هذا الشخص تمكن من اختراع آلة تنقله من كرسيه المتحرك إلى سريره,كما أوجد آلة أخرى ترفع كرسيه ذاك إلى أعلى سيارته عند صعوده إليها لقيادتها ,وتنزله (للكرسي) عندما يبغي الخروج من السيارة.بالإضافة إلى أنه بنى بيتاً خاصاً به يوفر له جميع متطلباته بصورة متاحة ومريحة ,هادفاً من وراء كل ذلك الوصول إلى حياة حرة مستقلة كبقية الخلق...
على مايبدو أن هذا الإنسان المعوق -حركياً فقط-حقق ماتعجز الحكومات في بلداننا عن تحقيقه.إذ يكفي لبضعة سنتيمترات تعلو في طريق أي معوق من منعه عن إكمال سيره..ولتبقى لكل منا معوقاته الخاصة,ودوماً يقوى على تخطيها.. دون شعارات طنانة أو نظريات براقة عن تمكين ودمج..أو ماشابه..
دموع كارول صقر..
دمعت عينا كارول صقر لدى مشاهدتها ريبورتاجاً لها في إحدى الورش المهنية المخصصة لتشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة خلال برنامج (إنت مين).
دموع كارول جاءت ممتزجة مع اكتشافها أن الإعاقة الحقيقية قد لاتكون ظاهرة ,فهناك-على حد قولها-إعاقات في دواخلنا..عاهات في عقولنا..يمكن أن تخرّب وتهدم ,ولهذا هي أخطر بكثير من إعاقات ظاهرة.
في بادىء الأمر حارت كارول عن ماذا ستحدث هؤلاء ,لتؤكد أنها فور التقت عيناها بعيونهم نسيت حقيقة أوضاعهم,لتبهر-كما قالت-بقوة الحياة والقناعة والسعادة الظاهرة في تلك العيون.
مقارنة بين حياة أولئك وحياتها التي تتمحور حول (هل نقصت أو زادت كيلو غراماً..هل ربحت مليوناً أم خسرت نصف مليون..)وغيرها من أمور..لتنتهي إلى القول (ما أتفهنا يا نادين)!!
ولنا أن نضيف:إن تفاهة الحياة أو عدمها,لاترتبط أبداً بوجود إعاقة أم لا..بل للأمر علاقة قوية بمدى غنى الجانب الإنساني الداخلي في كل منا,وبمدى قدرتنا على رؤية هذا الجانب في الآخر وتلمسه..