|
اختلاجات...! آراء الاوراق البيضاء تمتد أمام ناظريها أصابعها الخمسْ تتعرّق على رفيق دربها وطفولتها!! تحسُّ أنَّ ذلك الرفيق قد جفَّ مداده!! تحاول كتابة المادة المفروضة عليها!! دون جدوى!! - ترى هل استوطن واستعمر الحزن سرمدياً في أعماقها أم انها مقهورة من نفوسٍ مريضة, قلوب متحجرة توضع في كرسي لاتستحقه!! لقد اقتطعوا اليوم وبقسوة تلك الشاهدة الوحيدة, على أيام عمرها ,صباها,شبابها, خريف عمرها, انها شجرة مفعمة بالحنان, وارفة الظلال, تطل عليها من وراء سور منزلها, وكما يقول الشاعر الكبير المرحوم (نزار قباني) : وللأشجار في دمشق أرواح رحلت تلك الشجرة وفي روحها ألف سر, ومليون حلم مستحيل!! سألها أحد الزملاء? -مابك أنت اليوم على غير عادتك? حاولت أن تغير الجواب!! أجابته بنزق: - ألا ترى المتسولين ,وهم يلاحقون السيارات!! إنها ظاهرة تستحق الوقوف لدراستها!!? تابعت بعصبية: -وماتعليقك عن هجرة الطيور الصغيرة عن تراب هذا البلد الطيب الزاخر بالجماليات?, بغض النظر عن المنغصات حاول أن يطيب خاطرها, لكنها حملت أوراقها وخرجت من المؤسسة وهي تتنفس الهواء والدخان الملوث بكل شيء!! أشارت الى اول سيارة اجرة, انطلقت تلك المركبة الحديدية. نسيت السائق وهو يمضي بها في طريق الربوة, فجأة نظرت إليه, وصعقت عندما رأت ان يده اليسرى مبتورة!! سألته بجزع: - كيف بترت يدك? اجابها بهدوء: أخبريني أولاً إلى أين أنت ذاهبة? وبدون تفكير قالت: إلى مضايا وبقين (شعرت بضآلةهمومها ومعاناتها ومشكلاتها امام مصيبته: قال بحزن: لقد تعرضت لحادث أليم والدَيْن ياسيدتي (مر, وعلقم أكثر من الفقر) ثم تابع بايمان وبساطة: - الحقيقة انها ليست النهاية, سأذهب بعد فترة ليقتطعوا منها مايحلو لهم!! المهم أن اطعم افواه كثيرة تنتظرني, اعطته مايستحق على جلده وصبره ومحاربته للفقر بشراسة, تمشي وتتغلغل في البساتين الخيالية وهي تجفف دموعها التي همت فجأة كأمطار نيسان, رنت بعينيها نحو عجوز في حوالي التسعين من عمرها !! وهي تحفر التراب بهمة ونشاط, ثم تضع شتلة كبيرة بكل قدسية ورهبانية, سألتها العجوز? مابك ياابنتي? قالت: إنني كاتبة منذ البدء!! ولكنني متعبة نفسياً وجسدياً, افكاري تبعثرت, وخواطري تشتتْ: ولم أعد أستطيع أن أكتب شيئاً!! نظرت إليها العجوز بعتب, ثم تحدثت: لقد زرعت الآن شجرة كرز, ترى? عندما تكبر وتثمر هل سآكل منها?!! لقد زرعتها لأولادي وأحفادي!! إن الحياة مليئة بالمفآجات, إياك ان تشعري بالإحباط, فأنت لن تصلحي الكون!! في طريق العودة, وبعد درسين اخذتهما من سائق وعجوز!! ذرات من الغبطة والفرح تتلاعب!! سوف تراه غداً!! كم اشتاقت اليه, ورغم الوقت الصعب!! والاتهامات البغيضة على سورية والأمن والأمان, وقف الفارس الكبير يتحدث الى الزعماء العرب, ذلك الفارس النبيل كلماته راحت تدخل القلب والعقل معاً في كتاب للكاتب (محمود السيد) بعنوان (تتويج العشب قرأت أو بالأحرى أسطر هذه الكلمات للمرة الثانية). فإذا كنت سورياً, أين هي الغرابة? أيها الغريب!! إننا نقطن بلداً واحداً هو العالم. وشيء واحد أنبت كل البشر الشاعر السوري القديم (ملاغر)
|