حيزا كبيرا من اهتمامات البشر وكان الشباب من أوائل المهتمين وربما كانوا في الأكثر تأثرا بما يهب من رياح الشاشة الصغيرة من أفكار ومعلومات وأحداث و...وذلك تبعا للفترة الزمنية الطويلة التي يقضيها هؤلاء الشباب بمتابعة التلفزيون مقارنة بالوسائل الأخرى.
في سورية بينت دراسة علمية قام بها مركز الدراسات والبحوث الشبابية التابع لمنظمة اتحاد شبيبة الثورة في عملية مسح وتحليل لواقع الشباب السوري( من 13إلى 35 سنة) وأهم قضاياهم ومشكلاتهم وطبيعة احتياجاتهم شباط ,2006أن نسبة مشاهدة التلفزيون عند الشباب حسب أنواع النشاط التلفزيوني هي:
ذكور:(36,4) يهتم كثيرا,(27,7) دائما .
إناث: (35,7) يهتم كثيرا,(34,5) دائما.
هذه النسب العالية من الشباب تراجعت عندها أولويات المعرفة والإعلام لصالح تقدم التلفزيون وطغيانه على ممارسات حياته تقول الشابة عبير(20 عاما ):(أقضي ساعات فراغي كاملة في متابعة التلفزيون فهو ينقلني عبر شاشته من حالة الملل إلى عوالم أخرى حيث أتابع الأعمال الدرامية وألاحق آخر صيحات الموضة والأزياء واستمتع ببرامج المسابقات وخاصة المسابقات الفنية).
وعبرت عبير عن قناعتها بأن مشاهدة التلفزيون بالنسبة لها أفضل من قراءة الكتب ف (التلفزيون يمنحني سعة الاطلاع على كل ما هو جديد ومسلي كما أن معلوماته تضاهي معلومات كثير من الكتب والمجلات..)
يتفق شادي(18 سنة)مع عبير من ناحية قدرة التلفزيون على ملء ساعات الفراع وسعة عالمه ومعلوماته إلا أنه يرى أن (طغيانه وسط الشباب يعود لقدرته الفائقة على التقاط ما يتناسب وأهواءهم ورغباتهم الشخصية ولعل في ذلك سر تفوقه على وسائل الإعلام الأخرى).
فؤاد (22 عاما)قال :(امتياز التلفزيون في حياة الجميع لا الشباب فقط هو أنه جاء متناسبا من حالة الاسترخاء التي يبحث عنها الناس اليوم نتيجة الضغوط التي يعيشونها والزحام الذي لا يطاق في كل مكان من المدينة لذلك ستكون قنوات الأغاني والأفلام هي الأكثر مشاهدة والأفضل..).
ندى (27 عاما)تجد في التلفزيون (وسيلة للاطلاع على آخر تطورات العالم والبرامج التي تستهويها هي الاجتماعية والترفيهية) بينما توجهت طالبة الحقوق ديمة إلى البرامج الإخبارية بشكل عام ومتابعة المسلسلات الدرامية ذات المعنى والمغزى العميق على حد تعبيرها.
طالب الاقتصاد غياث قال إنه يعشق البرامج الرياضية بالإضافة إلى الأفلام الأجنبية لذلك ف (عالم التلفزيون بالنسبة لي هو قناتان الأولى رياضية والثانية مخصصة للأفلام ,ومع هاتين القناتين أقضي ساعات طويلة قد تصل في المواسم أكثر من 15ساعة).
أما رانيا (17 عاما) فقد أكدت أنها لا تهوى من التلفزيون إلا قنوات الأغاني والأفلام والمسلسلات مؤكدة أن (هذه البرامج دواء للنسيان تبعدها عن التفكير في المشكلات اليومية).
الكم الهائل والمتنوع من العوالم التي يحملها التلفزيون بدا عامل انقسام بين متتبعيه الشباب من ناحية ما الذي يهمهم بالتلفزيون وما درجة تأثرهم به وهما نقطتان كشفت عنهما الدراسة التي قام بها مركز الدراسات والبحوث الشبابية حيث أشار الأستاذ ملاز مقداد رئيس مكتب الإعلام والبحوث في اتحاد شبيبة الثورة إلى أنه الموضوعات التي يختارها الشباب السوري من وسائل الإعلام وفق الدراسة( شباط 2006) التي شملت 9350 شابا وشابة متوقعا حضورهم ضمن 5000 أسرة كانت كالتالي:
1- الدراما المحلية في مقدمة الموضوعات يوميا وبشكل منتظم.
2- متابعة الأخبار السياسية.
3- متابعة أخبار الفن العربي.
4- والبرامج الدينية.
5- بالرامج الرياضية المحلية.
ولعل أخطر ما لفتت إليه الدراسة هو كشفها عن أن المصادر التي يعتمد عليها الشباب في بناء تصوراتهم للمستقبل تتدرج وفق التالي:يعتبر التلفزيون المصدر الأول الذي يعتمد عليه الشباب دائما في بناء تصوراتهم للمستقبل يليه أحد الأبوين أو كلاهما في المرتبة الثانية ثم أحد الإخوة في المرتبة الثالثة حيث يشكلون هؤلاء بين 12%-13 % من مجموع عدد الشباب أما باقي المصادر فتقل نسبة الشباب عن أي منهما عن 5,9 %.
النسبة السابقة التي وضعت التلفزيون في مقدمة مصادر المستقبل قد تبدو مؤشر خطر على الشباب السوري ما لم نستفد منها أو على الأقل ستكون فرصة نهدرها إن لم نحسن التعامل معها.
ورغم أن دراسة مركز الدراسات والبحوث الشبابية ذاتها حملت لنا نسبة مطمئنة نسبيا حين أشارت إلى أن( المصادر التي يعتمد عليها الشباب في تقييم العلاقة بالآخرين وأنماط السلوك يعتمدون به على الآباء والأمهات في المرتبة الأولى وعلى التلفزيون في المرتبة الثانية)
إلا أن النسب السابقة مجتمعة تدعو لإعادة تقييم علاقاتنا بالتلفزيون لامن جهة إدخاله في منظومة من الأخلاق والقيم النبيلة والركون إلى أننا بذلك حفظنا شبابنا من تأثير التلفزيون فذلك ببساطة يلغى بكبسة زر من الريموت كنترول وما يجب فعله بحق هو تقييم طبيعة علاقاتنا مع التلفزيون وتحصين النفس بالتربية والوعي كشرطين متلازمين فالشباب قابل لتلقي كل الرياح التي تهب عليه ,وعلينا ببساطة أن نصل به حد إدراك أي ريح عليه أن يفتح أبوابه لها.