علها تجذب المشاهد المنصرف في أحيان كثيرة عن البرامج التي تهتم بالحوار والأفكار والثقافة....أي كل ما يعلي من شأن العقل والتفكير المنطقي،إلى صالح المزيد من الترفيه...
برنامج مثير للجدل الذي تعرضه قناة أبو ظبي،يعتمد بالدرجة الأولى على حضور مقدمة البرنامج (فضيلة السويسي) التي تحاول أن تدير حوارا هادئا،لكنها تحضر أطرافاً متصارعة كما فعلت في حلقتها الأخيرة التي تناولت فيها الرقابة العربية..
أحضرت السويسي في طرف الرقابة علي أبو شادي مدير رقابة المصنفات الفنية السابق في مصر،وفي الطرف الآخر الكاتب والسيناريست المصري محمد الغيطي،والناقد اللبناني بيار أبي صعب...وعبر الأقمار الصناعية أيمن حبيب نائب رئيس تحرير صحيفة عكاظ السعودية ...
لاشك أن البرنامج حاول أن ينشئ نوعاً من الصراع بين الطرفين ،إلا أنه لم يوفق لعدة أسباب أولها أن علي أبو شادي قدم وكأنه نموذج للرقيب المنفتح بشهادة ابن بلده الكاتب محمد الغيطي،كما تحدث أبو شادي نفسه عن أنه كان رقيبا منفتحا،وأخذ يعدد انجازاته الرقابية....فبدا أن الجميع في طرف واحد...
تحولوا طيلة الحلقة إلى مهاجمة الرقباء تارة ،والمذيعة تارة أخرى،كما فعل بيار أبي صعب حين وصفها بأنها تحاول شد البرنامج إلى نقاط تضيق الحوار...
المتحاورون ورغم اتفاقهم الضمني على الطاولة إلا أنهم كانوا يختلفون في بعض الأحيان مع ذلك الصوت القادم من صحيفة عكاظ السعودية عبر الأقمار الصناعية كما حدث في إحدى الفقرات..ليعلو صوتهم حتى انه في بعض اللحظات وصل حد الصراخ،الأمر الذي كان يفرح المذيعة التي تقاطعهم بين فترة وأخرى حتى قبل أن يكملوا أفكارهم...ولكنها بكل الأحوال كانت تتمكن كعادتها من إضفاء أجواء حماسية رغم أنها ليست أول من يطرح أو يناقش الموضوع،وهو ربما ما يلفت النظر إلى برنامجها الذي تتميز فيه بإشعال الأجواء ومن ثم ضبطها..الأمر الذي يخرج البرنامج من رتم الملل..
في حلقة (مقص الرقيب)اختار البرنامج مثالين يتحدثان عن المنع الأول عن فيلم الرسالة ومعاناته مع الرقابة الدينية العربية،والمثال الآخر معرض الكتاب في الكويت ...بدا المثال الأول قديما،خاصة أن البرنامج لم يأت بجديد لايعرفه المتابع لهذه القضية،وكان من الممكن استحضار أمثلة حدثت مؤخرا،إلا أنه يبدو أن البرنامج أثر عليه هو الآخر طبيعة الرقابة المجتمعية التي رفضها فآثر الهروب .
مثال بعيد..
أما المثال الثاني فبدا باهتا خاصة في ظل غياب المسؤولين عن هذا المنع،الأمر الذي جعل البرنامج يلجأ إلى الحضور الذين لاعلاقة لهم بالأمر..
المتابع للبرنامج بعد الإثارة التي شهدها وبعد أن طرح مساوئ الرقابة بكافة أشكالها،والتغني بالحرية الغربية،رغم الأمثلة العديدة التي ذكرتها مذيعة البرنامج حول مظاهر رقابية غربية...يستغرب النهاية الباهتة والتي اختتمت بحلول كررت مرارا..(الحوار بديل الرقابة،توسيع وعي الرقيب..)...الأمر الذي يجعلنا نفكر مليا بأهمية هذه البرامج الحوارية التي تدور وتدور على مختلف المحطات ثم تعود إلى النقطة التي انطلقت منها،دون أن تتمكن من التأسيس لوعي مختلف مجرد برامج ونقاشات..مهدورة..