والغضب هو انفعال بشري نعاني منه جميعا ولكن لهذا الانفعال وجه آخر مبدع وإنساني وقادر على السيطرة على مرض العصر « الضغط» والذي وفق سجلات البشرية كان موجودا منذ وعى الإنسان حجم السؤال الذي يواجهه « من أين وإلى أين؟».
هذا الوجه هو «النكتة» التي نقولها سرا وجهارا وطارت رؤوس بسبب تفوهها بأحد النكت ولكن النكتة كانت دوما تجد طريقة لترويض سلطات التابو والتي عادة ما يضرب مرض العصر جذوره فيها وهكذا كان قائل النكتة ونكتته آخر ملاذات الإنسان لتهدئة روعه وحتى صاحب التابو استخدمه وعفا عما ناله من النكت التي قالها النكتجي .
وفي عصرنا نما هذا النوع من الفن حتى صار مذهبا فنيا له فنانوه الذين لا يشق لهم غبار وظل حكرا على الرجل لفترة طويلة حتى دخلته المرأة وأبدعت فيه ولكن أن يرتاده ذوو الاحتياجات الخاصة ويبدعون فيه لهو دليل ساطع على قدرتهم الكبيرة على تجاوز ما يعوقهم .
ميسون زايد كاتبة وفنانة كوميدية فلسطينية المنشأ تعيش في الولايات المتحدة الأمريكية مصابة بما يسمى «الشد الدماغي» الذي يجعل حركاتها لاإرادية وكلاماتها غير مفهومة ولكن بمساعدة الأهل والعلاج وخاصة فن « اليوغا» استطاعت أن تقف وتنجح في المهنة التي اختارتها وهكذا بعد أحداث الحادي عشر من أيلول بدأ نجمها يسطع وخاصة بقدرتها على إقامة المفارقات لتكسير الحواجز التي سببتها تلك الحادثة وعانى منها العرب هناك .
استضافها برنامج « المهم والأهم » مع سمير نور على قناة bbc وجال معها عبر أسئلة ذكية وخفيفة ولكن لماحة لمقاربتها ومقاربة تجربتها .
قدمت عروضا في العديد من البلاد العربية من مصر إلى الأردن وفلسطين لاقت تجاوبا كبيرا من الجمهور وهي الآن مستمرة في هذا الفن الصعب الذي يعتبر في usa من أهم العروض التي يتابعها الجمهور هناك لحساسية ما يستطيع الفنان تقديمه عبر ملامسة همومهم وتنفيس الضغط عبر آليات جمالية إلى جانب أنه صعب المرتقى والنجاح فيه صعب مستصعب, فما أسهل أن تبكي الناس لكن أن تضحكهم, فهذا شأن آخر.
ميسون زايد لا تعترف بالحدود ولكن تعي أن لكل بلد خصوصيته ومع هذا تجد دوما النكتة والمونولوج والفكرة الذكية المدهشة والمفارقة والصادمة لوعي الجمهور ,فتضحكه حتى الثمالة وتغسله بماء الضحك الذي يخلصه من تلوث مرض العصر,هكذا تحول الغضب الذي يعتمل بصدور الناس والضغط إلى طاقة إيجابية تدفعهم نحو الحياة بشكل أفضل.
Bassem-sso@windowslive.com