مواضيع شائكة سيبحثها الحلف خلال قمته لكن من غير المتوقع أن يصل المجتمعون إلى حلول جذرية وخاصة بشأن شكوك روسيا في نيات الحلف تجاهها واتهامها له بتبني استراتيجية مزدوجة، فمن جهة يعتبرها شريكاً له ومن جهة أخرى يصفها بالخصم ويحاول التوسع في محيطها الاستراتيجي والكلام لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وهناك موقف تركيا من مسألة الدرع الصاروخية حيث تشكك أنقرة في دوافع واشنطن لإقامتها وهو ما دفع رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان إلى اشتراط تحكم بلاده بهذه الدرع في حال تم الاتفاق على نشر الجزء المتعلق بتركيا، في الوقت الذي لا يغيب عن بال القادة الأتراك حساسية روسيا تجاه هذه الدرع وبواعث القلق الإيراني منها.
وبطبيعة الحال يبقى الوضع في أفغانستان وأبعاد التورط الأميركي والأطلسي في هذه المنطقة من العالم الشغل الشاغل لزعماء الحلف في ضوء الصعوبات الكبيرة التي تعانيها قواتهم في أفغانستان مع استمرار الحرب بلا أفق، واستحالة تحقيق نصر كامل فيها، فواشنطن تتعطش لتسليم المهام الأمنية إلى القوات الأفغانية رغم عدم جاهزيتها لذلك تمهيدا للتملص من الأعمال القتالية، في حين تسعى دول أخرى لسحب جنودها من الميدان بعد أن ضاقت ذرعاً بسقوطهم صرعى في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وبكلفتها الباهظة التي اضطرتها لتطبيق سياسات تقشف قاسية لاحتواء عجز ميزانياتها فارتدت عليها في الداخل رأياً عاماً غاضباً وإضرابات واحتجاجات وأعمال عنف عمقت أزماتها.
ومما لاشك فيه أن الناتو سيجد نفسه مرة جديدة على المحك في هذه القمة بحيث تنتظره قرارات صعبة لابد من اتخاذها لطمأنة روسيا وتركيا من جهة ولوضع حد للأزمة في أفغانستان من جهة أخرى، فالحرب التي طال أمدها دون أن تحقق أي إنجاز يذكر، تحولت إلى حمام دم متواصل للطرفين يذكي نار العداوة والحقد بين الشرق والغرب، وليس أقل هذه القرارات الخروج المبكر من هذا المستنقع، وتجنب هزيمة استراتيجية مذلة بدأت ملامحها تلوح في أفق أفغانستان كما سبق أن لاحت للأميركيين سابقا في فيتنام وتحقق فيما بعد.