لأنه حديقة الأرواح حضر يرف سناه في روح الوجود يشيع السعادة في قلب الحياة، ما أجمله! ما رأت عين لمطلعه نظيراً فضفاف الأنهار خضراء والماء يتدفق في الروابي والجدول يعزف أجمل الألحان وأعذبها فرحاً مبتهجاً بعذوبة مائه والأشجار مغتبطة بثوبها القشيب وأزهارها تلمع كاللآلئ تحت أشعة الشمس وابتسمت
الأزهار في أكمامها بثغور حمراء كالياقوت وزرقاء كالزمرد وصفراء كالذهب وتضوعت عن روائحها مع النسيم الفاتر فتانة تنعش القلوب وتفتح النفوس وتعطر الجو بأريجها والعصافير تتنقل مرحة بين الأغصان الغضة النضرة والبلابل تقف على الأفنان اللدنة الزاهرة وتشدو بأعذب الألحان، ففي الربيع تنتشي الأرواح وتبتهج النفوس وتمتلئ القلوب قوة ونشاطاً ونسمات السرور تهتز في أجواء الربيع فتخفق القلوب بحبها وترتسم معالم السرور على وجوه الناس.
هذا هو الربيع فما أعظمك!
تملأ الكون جمالاً لا تبتغي أجراً ولا تنتظر شكراً، تأتي في كل عام لتقول لنا، لتذكرنا بأن نجعل من أفواهنا حدائق ألوان وأن تهتدي إلى أطيب القول ولا ننطق إلا بروائع الكلام وأن تكون قلوبنا مروجاً خضراء تحف بها أزهار الحب والوفاء والصدق والإخلاص.