يقسّم الباحث الطلال كتابه إلى أربعة فصول الأول في «البحث عن أسلوب فني مبتكر» والثاني في «تناقضات الحياة وصراعاتها الدرامية في بعض قصص العجيلي» والثالث في «الرمزية وجماليات الإبداع الفني في قصص وليد اخلاصي» والثالث في «الكثافة الشعرية في قصص حنا مينه القصيرة.
وجاء في قلم الكاتب: تعمدنا أن تمتد فصول هذا الكتاب على مسافة زمنية مديدة, مسافة تعبر عن مرحلة الريادة في القصة السورية ممثلة ببعض أعمال الرائد المبدع الدكتور «عبد السلام العجيلي» وممتدة إلى القصة القصيرة فقط من أعمال الكاتب «حنا مينه» الذي نال شهرة واسعة يستحقها عن جدارة, وكذلك نماذج قصصية من إبداعات الفنان المُجد «وليد إخلاصي» مع المرور بنموذج من القصاصين السوريين الذي استلموا راية الخلق والإبداع من جيل الرواد مثل القاص «عزيز نصار» وصولاً إلى جيل الشباب الباحث عن أساليب فنية مبتكرة وجديدة, إذ تطور فن القصة كثيراً في القطر السوري ولم يعد همّه يقتصر على معالجة القضايا الاجتماعية والإنسانية فحسب, بل صار يركز على تطوير أساليبه الفنية مستعيناً بالتجارب الإبداعية العالمية وما أثمرته وطرحته بعض تقنيات المدرسة السريالية والرمزية ومدارس أخرى منوعة, إضافة إلى الكثافة الشعرية العالية للقصة القصيرة, مع استثمار واسع للفنون المجاورة كالتشكيل الفني والقطع السينمائي.
ويضيف: اخترنا بعض القصص المحددة لهذا الجيل تظهر فيها مثل هذه الطموحات والرغبات عند المبدعين, بقدر مانوعنا في بعض الأسماء وخاصة في الفصل الأول والأخير لنمسك باللحمة الأساسية التي تجمع كوكبة من الأجيال المبدعة في السرد السوري, على أمل الوقوف لاحقاً عند أسماء وأعمال سورية أخرى.
وتحت عنوان أساليب جديدة في التعبير القصصي تحدث الطلال أن أحد الكتّاب الكبار قال يوماً إن المضامين الاجتماعية والإنسانية للقصة موجودة بكثرة في حياتنا، وحيث ما التفتنا وجدنا مشكلات وقضايا فردية أو عامة؛ لكن الفنان المبدع ليس من يلتقط بعناية وتبصر هذه المضامين والمشكلات، بل هو من يعبر عنها بطريقة فنية أحسن تعبير... من هذا المنطلق غيرت القصة العالمية في عموم المعمورة من اساليبها في التعبير عن قضايا مجتمعاتها وعن بعض المشكلات الفردية, وربما كانت بداية القرن العشرين هي منطلق هذه التغيير الذي ترك بصماته على القص العالمي عامة, والعربي خاصة.
ويبيّن الطلال أن التعبير عن تلك «المضامين والمشكلات» بطرائق فنية مبتكرة والبحث عن الخيط الرابط بين التجديد والحداثة في الأسلوب وبين استمرار الاهتمام بمكونات ومحتويات المضامين الاجتماعية والإنسانية، هو ما نسعى الكشف عنه من خلال دراسة نماذج قصصية تنتمي إلى ثلاثة أجيال في تاريخ القصة السورية.
وفي الفصل الرابع والأخير من الكتاب يتناول الباحث الكثافة الشعرية في قصص حنا مينه القصيرة ليؤكد أن الصور الشعرية تتجسد في أدب (حنا مينه) أكثر فأكثر في قصصه القصيرة, إذ ترق لغته وتصفى, وتتخلص جمله من الإيقاع الصاخب ومن الزوائد وتصبح أكثر ألفة وشاعرية وإنسانية, ونتيجة لذلك تكون صنعته الفنية أكثر دقة واختزالاً وإحكاماً مما هي عليه في الرواية, وباختصار فإن مينه ينجح إلى حد كبير في قصصه القصيرة لتكثيف تجربته الإنسانية العميقة وبلورة مشاعره المتعددة والمتضاربة أحياناً.
يذكر بأنه صدر للباحث جواد الطلال مجموعة مؤلفات منها «الواقعية والاجتماعية النقدية في القصة العراقية - وكتاب بعنوان عبد الملك نوري.. ريادة فنية في القصة العراقية - وسلسلة الدراسات رقم 4 عام 2012.
ammaralnameh@hotmail.com