تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لمـــــاذا الـــتغاضي عــن الإرهـــاب الإســــرائــيــلي؟

شؤون سياسية
الأربعاء 24-6-2009م
علي سواحة

ما الذي جعل إسرائيل دوماً تضع نفسها خارج القانون الدولي منذ ولادتها القيصرية عام 1948 إلى اليوم؟.

وما الذي جعل أركان عصابتها يحسبون أنفسهم أنهم فوق القانون رغم هول ما ارتكبوه من جرائم على مدار ستين عاماً بحق الشعب الفلسطيني وفي بقية الأراضي العربية المحتلة؟ وما سر تساهل الغرب معها في أدنى حالاته -إن لم نقل الدفاع المستميت عنها- في أكثر حالاته مع أنه يتباهى بالديمقراطية وحقوق الانسان؟!.‏

الإرهاب الإسرائيلي الذي فاق كل تصور في المسيرة البشرية منذ الخليقة إلى اليوم لم يعد أمراً مقبولاً به أو التغاضي والسكوت عنه، وسجل إسرائيل منذ تأسست عصابات هاغاناه في عام 1949 وشتيرن وأفنون وغيرها إلى ما حل بغزة مؤخراً في أكبر مجزرة لم يشهدها التاريخ البشري هي وصمة عار في جبين كل من يدافع عن هذا الكيان الغاصب أو يقدم له الدعم والمساندة غير المحدودة.‏

إنه أمر مثير للتساؤل والاستغراب أمام هذه الحالة المستثناة في العالم دون سواها.‏

فلقد أصبح من المؤكد أن هناك إحجاماً أمريكياً وأوروبياً عن اتخاذ أية خطوة قضائية لا في المنظمات الدولية والهيئات التابعة لها ولا في المحاكم الدولية حيال مجرمي الإرهاب والعرب في إسرائيل، وهو بالطبع ما جعلها تتمادى في غيّها وغلوائها وغطرستها وارتكابها المجزرة تلو المجزرة والجريمة تلو الجريمة دون أن تتعرض لأي مساءلة قانونية دون أن تعير في نفس الوقت أي اهتمام لتلك المحاكم التي يدّعي العالم المتحضر الغربي أنه اوجدها لحماية الديمقراطية وحقوق الانسان.‏

فقبل عامين قدمت القناة الأولى في التلفزيون الإسرائيلي على سبيل المثال فيلماً وثائقياً تضمن اعترافات مسؤولين إسرائيليين بقتل مئات الأسرى المصريين في عدوان عام 1967. وعلى الرغم من تلك الاعترافات الرسمية التي أوردها عدد من المعقبين على الفيلم المذكور وفي مقدمتهم بنيامين اليعازر عندما كان قائداً لوحدة /شكيد/ في حرب 1967 وهو مطلوب لمحكمة اسبانية تنظر في دعوى فلسطينية منذ عامين ضد إسرائيليين حيث أكد اليعازر في اطار تعقيبه أن وحدته شكيد قتلت لوحدها 250 أسيراً مصرياً وأن هناك من الوحدات الإسرائيلية الأخرى من كان في سجلها أكثر من هذا الرقم ورغم كل ذلك لم يحرك أحد ساكناً كما يقول الجنرال الإسرائيلي اليعازر في سياق تعليقه على الفيلم الوثائقي المذكور.‏

وقبل سبعة أعوام أيضاً كانت هناك بادرة قانونية دولية جريئة حين أبدت محكمة بلجيكية استعدادها للنظر في قضية مرفوعة ضد رئيس وزراء إسرائيل آنذاك آرييل شارون بتهمة ارتكابه جرائم حرب إبان الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982، لكن ما لبثت أن تلاشت بعد أن رضخت الحكومة البلجيكية للضغوط الغربية والاسرائيلية رغم أن الدعوى التي بادرت المحكمة البلجيكية للنظر فيها تعتبر من أخطر التهم القانونية الدولية في عالم اليوم، كما تعد تلك الخطوة انجازاً قانونياً كونها سابقة قانونية فريدة في الغرب ضد إسرائيل، لكن رغم ذلك تم وأدها في مهدها وهذا ما تم نتيجة لتواطؤ غربي ضد محاكمة المسؤولين الإسرائيليين وملاحقاتهم قضائياً تطبيقاً لمبدأ قانون القوة الذي يحكم عالمنا اليوم.‏

كذلك منذ فترة قصيرة شهدت أروقة المحاكم الإسبانية مسابقة مماثلة في قبول محكمة إسبانية النظر في دعوى أقامها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ضد عدد من الشخصيات الإسرائيلية الرفيعة بتهمة ارتكابهم جرائم حرب واعطائهم الأوامر لقتل عشرات الفلسطينيين الأبرياء في غارة إسرائيلية جوية عام 2002 وقد وثقت المنظمة الدولية الحقوقية ذلك ورفعت الدعوى نتيجة لذلك تضامناً مع المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان واستندت لذلك في دعواها أن ما قامت به إسرائيل يشكل مخالفة صريحة لقواعد الحرب المعمول بها في القانون الدولي ولاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.‏

وأصدرت المحكمة الإسبانية نتيجة لذلك أوامرها بالقبض على سبعة متهمين إسرائيليين، منهم وزير حرب سابق وجنرالات في الجيش الإسرائيلي إضافة إلى رئيس الاستخبارات الإسرائيلي السابق لتورطهم المباشر في تلك الغارة الإسرائيلية لكن ذلك لم يتم تنفيذه لأسباب مجهولة كالعادة، والأمثلة كثيرة بشأن إحجام المحاكم الأوروبية عن محاكمة إسرائيليين ارتكبوا منذ ولادة هذا الكيان الصهيوني في عام 1948 جرائم مشهودة لهم بحق الفلسطينيين والعرب وهذا الاحجام لا يزال نافذ المفعول لا اليوم ولا أحد يستطيع أن يطرح هذه القضية على الجانب الأوروبي الذي ما زال في جميع تحركاته ومبادراته حيال الشرق الأوسط يضع المصلحة الإسرائيلية قبل كل شيء ويقدمها على باقي أجندته دون أي تردد، مع أن أصواتاً أوروبية حاولت أن ترفع صوتها في وجه هذه المتناقضات في السياسات الأوروبية حين يطول الأمر إسرائيل أو غيرها لأن هؤلاء الأوروبيين القلة يدركون جيداً أنه لو فتح الباب لمحاكمة القتلة الإسرائيليين لما تبقى مسؤول إسرائيلي واحد لا تطوله المحاكم الجنائية بسبب كثرة المجازر التي ارتكبوها والتي تنافسوا عليها بامتياز على مرأى ومسمع من العالم.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية