تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


فـي مواجـهة الهبوط..!!!

فضائيات
الأربعاء 24-6-2009م
ببساطة أطل الكاتب اللبناني (رشيد الضعيف)عبر فضائية الجزيرة من خلال برنامج (فنون)ليقدم أفكاره إلينا بلغة تشبه أسلوب رواياته..

لغة ممتلئة بأنين الخيبة لكن لاتخلو من النبرة التهكمية... انه كاتب الخيبات الكبرى التي وصلت إلينا عبر روايته (السيد كاواباتا)،حيث يبدو أنه لم يجد سوى هذا الكاتب الياباني الذي أوصله وجعه إلى الانتحار،الأمر الذي جعل رشيد الضعيف يبوح له بهمومه الشخصية بعد أن قرأ أعماله ووجد فيها هذا الحديث الذي مس همومه عن الوطن والشيخوخة والزمن وجدل القديم والجديد....‏

أفكار الكاتب كانت تأتينا عبر برنامج(فنون)وهو احد المبدعين الذين استضافهم البرنامج،ليعرف المشاهدين عليهم،في خدمة مهمة... حين تعثر على أولئك المبدعين الذين لا تلتقطهم عين الكاميرا باستمرار وربما نسيتهم أو تغاضت عنهم مشغولة بملاحقة فضائح الفنانين وسخافاتهم التي لاتنتهي...‏

رشيد الضعيف لم تتمكن الكاميرا التي كانت كثيرا ما كانت تقترب وتبتعد عنه...لكن لم تستطع أن تخدعنا،كانت تعابيره توحي وكأنه قادم من معركة ما،ربما لايوجد حاليا من يشتغل في حرفة الأدب بعيدا عن تلك المعارك التي تفرض عليه بسبب طبيعة الحياة وابتعادها عن كل ماهو روحاني لصالح العملي-المادي...‏

هو لم ينكر في البرنامج كيف تحاصرنا الواقعية ولانتمكن من الهرب منها،الأمر الذي اضطره إلى مغادرة الشعر باتجاه الرواية التي باتت تستوعب شؤون الناس متخلية عن لغة الشعر الارستقراطية لصالح الفصحى الشعبية...‏

خلال حديثه كله على الجزيرة كان يقدم آراءه بتلك التعابير التي نستخدمها في حياتنا اليومية،ليقدم لنا الأشياء كماهي،دون أية زخرفة...وعلى الرغم من واقعيته لكن ليست تلك الواقعية الجارحة بل إن متاهات الرومانسية نراها قد تضل الطريق أحيانا وتعتكف عنده راضية أن تقبع في نتاجه الذي يضم أكثر من سبع عشرة رواية ترجم أغلبها إلى عدة لغات... مثل المستبد، تقنيات البؤس، غفلة التراب، عزيزي السيد كواباتا...‏

الآراء التي قدمها الكاتب اللبناني في البرنامج كانت تأتين بموازاة قراءات لمقاطع عدة من رواياته،لكن تلك المقاطع المنتقاة بعناية كانت تتداعى معها صور تغني رؤية المشاهد أكثر من تلك الصور السطحية التي تبث عبر الفضائيات لتقدم كل شيء للمشاهد وتقوده نحو الفراغ ... دون أن تفسح له المجال لبناء ذاكرة تخيلية تزداد إبداعاً كلما فتحت آفاقا باتجاه الأدب...‏

على الرغم من أن البرنامج يقدم الكاتب وحده بمواجهة الكاميرا إلا أنها تنتقل من مكان إلى آخر، فها نحن في حلقة الكاتب نراه يسير في الشارع بمحاذاة البحر،الذي لطالما التقط أوجاعه وهمومه ورماها فيه...‏

يصاحب انتقاله إلى تلك الأمكنة الجديدة،انتقالنا معه إلى أفكار جديدة،وعلى الرغم من مدة البرنامج القصيرة ..إلا أننا نشعر أن زمنا طويلا مضى بسبب التكثيف الكبير الذي نعيشه مع أفكار الضيف،حيث لاثرثرة،كل فكرة في مكانها...‏

لانعرف إن كان عمداً يقوم البرنامج بمهمة الكشف عن كل هذا العمق في المجتمع العربي بمواجهة الكثير من القبح والهبوط الذي تصدره فضائياتنا العربية...‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية