تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الكاتبة الكورية مون آي هي: في سـورية يتلاقى الشرق والغرب.. ويختصر تاريخ الإنسانية

ثقافة
الاربعاء 24-6-2009م
حوار: فادية مصارع

في كتابه «رحلة إلى الشرق عام 1835 اعترف الكاتب الفرنسي ألفونس دولامارتين بأن مارآه في بلاد الشرق عام 1932 يختلف عما قيل له، إذ لم تكن تلك الأرض العارية الصحراوية على ذمة بعض الكتاب والرحالة فقال: كنت خدعت بماقالوا،

أما غوستاف فلوبير فقد جاء في رسالته إلى أمه من القدس عام 1850 تبدو لي البلاد العربي رائعة، على عكس ماتعرف به، فمايراه الإنسان حقيقة يختلف عما يصفه له الآخرون خصوصاً إذا حمل هذا الوصف تشويهاً للحقائق.‏‏

د. مون آي هي من كورية الجنوبية دكتوراه في الدراسات الأجنبية من جامعة هانكوك، واحدة من أولئك الذين شوهت صورة العرب في أذهانهم، لكنها عندما أتت باحثة عن الحقيقة وراحت تنتقل بين ربوع البلاد العربية بدءاً من مصر ثم سورية فالمغرب وتونس من عام 1994 حتى عام 1999، فلبنان عام 2002، ثم الإمارات عام 2003، والجزائر عام 2٠04.‏‏

رأت الوجه الحقيقي للعرب فقررت أن تصحح الصورة المشوهة لهم في وعي الغرب بكتاباتها وأبحاثها، في زيارتها الأخيرة لسورية خصت الثورة بحديث كسرت من خلاله حواجز الخوف من المجتمع العربي، وبددت بعض مايكتنفه من غموض.‏‏

 كيف وجدت بلاد العرب بعد رحلاتك العديدة والمتكررة إليها؟‏‏

  أردت التركيز على المجتمع العربي بشكل موضوعي، وكانت أكثر زياراتي بهدف البحث العلمي والمعرفة، كنت أريد أن أرى بعيني وأعرف حقيقة هذا المجتمع الذي لطالما اقترن بالحروب والإرهاب والصراعات والفقر والجهل والتخلف والمرض، وقبل أن تطأ قدماي الأرض العربية كنت قد سمعت صراخ أبنائها من خلال قراءاتي للقصة والرواية في الأدب العربي، الأمر الذي حفزني أن ألمس ماقرأت على أرض الواقع، وكان لي ماأردت، وعندما دخلت إلى وجدانهم، وجدت أن البلاد العربية ككل بلاد العالم المعاناة الإنسانية فيها واحدة، وكما أن فيها عيوباً فهي تتحلى بمزايا وحسنات كثيرة، ثم إنني لاحظت أن هناك تشابهاً في القيم بين المجتمع السوري والكوري خصوصاً احترام الأسرة والحفاظ على ترابطها وتفضيلها على المصالح الشخصية وهو ما تفتقده المجتمعات الأوروبية والأمريكية.‏‏

 ماسر شغفك بالأدب العربي؟‏‏

  كما سبق وقلت: إنني أردت التعرف إلى المجتمع العربي قبل أن أراه، فكان لابد لي من أن أقرأ أدبه، فبدأت بالروائي العربي الكبير نجيب محفوظ وترجمت له بعض أعماله لأن أحداً لم يترجم له باللغة الكورية، اخترته لأنه كتب الرواية الواقعية والتي تمكنت من خلالها الدخول إلى المجتمع المصري.‏‏

 قلت إنك ترجمت لنجيب محفوظ والمترجم كما يقال كاتب آخر للنص كيف تكتبين النص مترجماً؟‏‏

  الترجمة معقدة وتحتاج إلى أمانة وخبرة وأنا لا أترجم على هواي وإنما أتوخى الأمانة والموضوعية، ولاأكتفي بترجمة الكلمات بل ماوراء الكلمات والمعاني المستترة، وعلى الرغم من كل ذلك أبقى قلقة بعد انتهائي من عملي لأن القراء الكوريين يتأثرون بالفكر المشوه.‏‏

 ماسبب اهتمامك بأدب الفقر؟‏‏

  لأنني وجدت فيه نوعاً من النغمة العربية الحزينة المثيرة للشفقة والرثاء في القصص التي تناولت الفقراء وبؤسهم، ووجدت أن القصة القصيرة لزكريا تامر (شمس صغيرة) سطعت في سماء الأدب من خلال شخصيته الخاصة التي تتميز ببعد عربي وعالمي أيضاً.‏‏

وعندما قرأت قصة هزلية حزينة لنوال السعداوي استوعبت قرب الوجدان الكوري من الوجدان العربي، فبين الشعبين معاناة مشتركة من الاستعمار والصدمة العقلية أمام الحضارة الغربية، وخاصة أن المرأة الكورية مثل أختها العربية، والمشكلة التي تتناولها الكاتبة المصرية نوال السعداوي تعيشها بعض الكوريات الكادحات فهي تشجع النساء على تحدي الواقع ومواجهته، وعالم القصص لدى نوال السعداوي يتميز بجماليات الصراحة والشجاعة فهي كاتبة جريئة تقشر كل الأقنعة الوجدانية برؤيتها المتميزة.‏‏

ومن خلال هذه القصص استطاعت الباحثة الكورية كما تقول أن ترى الفردوس الخيالي لدى زكريا تامر والفردوس بعد الموت لدى نوال السعداوي، ففي قصصهم يتجلى عالم صغير متكامل مستقل يوحي إيحاءً دالاً ومكثفاً بالواقع العربي لأن كل جزيئة في القصة تحمل بذور الكلية التي تطبق آفاق المجتمع العربي، لكن (د.مون) تتمنى في الوقت نفسه على الكتاب العرب ألا يكتفوا بالتركيز على القصة الحزينة فقط لأن المشاعر البشرية تتسع لدرجات وألوان كثيرة.‏‏

 وماذا عن لقائك بأحلام مستغانمي؟‏‏

  كنت أريد أن أكتب بحثاً عن الأدب النسائي في الجزائر، وكان لابد لي من أن ألتقي بعض الكاتبات الجزائريات، وفي مقدمتهن أحلام مستغانمي وقد تعرفت إليها من خلال روايتها المثيرة ذاكرة الجسد، وعندما وصلت إلى الجزائر علمت أنها سافرت إلى لبنان فحجزت أول تذكرة وقررت اللحاق بها، وكان لي ما أردت وتم اللقاء هناك حيث كانت تقيم في شمال لبنان، حدثتني عن هموم المهنة وكيف أن الكاتبات العربيات يشعرن بالحيرة والخذلان والحزن بسبب ضغط الرقابة والأسرة والمجتمع، لذا فأغلبهن لايستطعن العيش في بلادهن لأنهن يفتقدن إلى حرية التعبير حتى إن بعض النقاد من الرجال يقول: إن الكاتبات عاهرات عقلياً، عندها قلت لها:‏‏

تعالي إذاً لنجد مكاناً خاصاً لنا في خارطة الوجود.. مكاناً تحت الشمس لا نخشى فيه أحداً.‏‏

 ومن التقيت أيضاً من الكاتبات العربيات؟‏‏

  تعرفت على غادة السمان من خلال روايتها / بيروت 75/ عن الحرب الأهلية اللبنانية، وهي تتميز بلغة مختلفة وجديدة، حاولت أن ألتقيها لكنني لم أستطع.‏‏

 عملت كمحكمة لمدة أربع سنوات تحت إشراف المنظمة العربية للثقافة والعلوم ما الذي شجعك على مثل هذا العمل؟‏‏

  كانت محاولة لمشاركة في حوار الحضارات والثقافات وبحكم عملي قرأت الكثير من البحوث والكتب للأساتذة العرب والأجانب من كل العالم، واستفدت من آرائهم وطروحاتهم حول موضوع الحوار بين الشرق والغرب للتوصل إلى إقامة علاقات دولية متفاهمة من دون عنف.‏‏

 لديك مشروع لخدمة اللغة العربية وقد بذلت جهوداً كبيرة في تعليمها أين وصل هذا المشروع؟‏‏

  المشروع الأهم الآن هو عملي في معهد سيؤول للعلوم العربية ومن أهم أهدافه وخططه: البحث عن تنمية الوطن العربي، ثم البناء للشبكة الأكاديمية بين كوريا الجنوبية والوطن العربي، فضلاً عن تبادل الخبرات بين الثقافتين العربية والكورية كما إننا نسعى لإيجاد وسيلة للتشجيع على اندماج المجتمعين السوري والكوري وخاصة الطلاب الجامعيين من أجل المشاركة في منهجية ممتازة للتعليم في الميادين كلها ولتحقيق هذه الأهداف يقيم المعهد مؤتمراً سنوياً كل سنة في العاصمة سيؤول.‏‏

 سؤال أخير: سورية في عيون د. مون؟‏‏

  في سورية يتلاقى الشرق والغرب ويختصر تاريخ الإنسانية.. أهلها يتميزون بالكرم والانسجام مع الناس، زرت دمشق القديمة أدهشني جمالها وروعتها، صليت في الجامع الأموي داعية الله أن يعم السلام في سورية والعالم وأن أراها دائماً في تقدم وازدهار.‏‏

د. مون شكراً لك.‏‏

الباحثـــــــــة فــــــي ســــــــــطور‏‏

د. مون آي هي من كورية الجنوبية.. من مواليد 1958 حاصلة على الدكتوراه من جامعة هانكوك للدراسات الأجنبية 1994.‏‏

عملت كأستاذة زائرة في جامعة بوركلي بأميركا من 1999 - 2000‏‏

إضافة إلى الإقامة الأكاديمية من جامعة الدراسات الشرقية والإفريقية في لندن 1994 - 1995.‏‏

- عضو منظمة الملتقى الدولية من عام 2003 - 2005‏‏

نشرت كتباً عدة أهمها:‏‏

الواقع الديني في الإمارات العربية 2006.‏‏

الأدب النسائي في الجزائر 2005.‏‏

الواقع الديني في لبنان 2003.‏‏

ولها أربعون قصة عربية قصيرة مترجمة إضافة إلى ترجمتها بعض القصص القصيرة لنجيب محفوظ ورواية «أولاد حارتنا».‏‏

قدمت محاضرات في الأدب العربي الحديث وأبحاثاً عدة.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية