تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مؤتمر القدس يناقش التعليم والقضـاء خـلال العهـد العثماني

دمشق
سانا- الثورة
الصفحة الأولى
الاربعاء 24-6-2009م
تابع المؤتمر الدولي حول القدس في العهد العثماني أعماله صباح أمس في مكتبة الأسد بجلستين حول التعليم والقضاء والعلاقات الاجتماعية والاوقاف والخدمات الطبية في القدس خلال العهد العثماني.

وفي الجلسة الاولى التي حملت عنوان التعليم والمؤسسات التعليمية والثقافية في القدس وترأسها محمد ابشيرلي أستاذ قسم التاريخ في جامعة فاتح باسطنبول قدمت الدكتورة خيرية قاسمية أستاذة التاريخ في جامعة دمشق والجامعة العربية الاوروبية في بحثها أمثلة من الحياة الفكرية في القدس أواخر العهد العثماني عدداً من الشخصيات المقدسية التي تميزت خلال تلك الفترة بهدف تعديل الصورة النمطية عن ضحالة هذه الفترة من الوجهة الثقافية.‏

واستعرضت قاسمية بعض الحقائق المتعلقة بالبعدين المكاني والزماني لموضوع البحث مشيرة إلى التداخل الثقافي والفكري في المنطقة الجغرافية العربية المعروفة باسم بلاد الشام وغيرها من الاجزاء المجاورة.‏

وقالت الباحثة ان مدينة القدس تنفرد بمكانة خاصة دون مدن العالم لما لها من ثروة روحية لكونها قبلة أنظار الديانات السماوية الثلاث.‏

وعددت الباحثة أربعة نماذج من الشخصيات التي مثلت النخبة الفكرية المقدسية في تلك الفترة وهي يوسف ضياء الدين الخالدي وبندلي صليبا الجوزي وخليل السكاكيني ومحمد اسعاف النشاشيبي فتحدثت عن تجربة كل منهم ودورهم في الحركة الفكرية في القدس والتيارات التي انتموا اليها في تلك الفترة.‏

أما الباحث العراقي فاضل مهدي بيات الخبير في مركز الابحاث للتاريخ والفنون والثقافة الاسلامية باسطنبول أرسيكا فعرض في بحثه حول ظاهرة انتشار التعليم في القدس في ضوء التنافس العثماني الاجنبي للاهمية التي كانت تمتلكها مدينة القدس نظرا لوجود الاماكن المقدسة فيها بالنسبة لاتباع الديانات السماوية الثلاث ما جعلها مركز استقطاب الزائرين من مختلف دول العالم والهجرة اليها والاقامة فيها ومحط أنظار الدول الغربية التي سعت لايجاد موطئ قدم فيها وتكوين نفوذ دائم فيها عبر اقامة المؤسسات الخيرية والدينية والتعليمية المختلفة أو عبر رعايا الدولة العثمانية والطوائف المسيحية واليهودية فتشكلت جمعيات متعددة تحت تسميات مختلفة أخذت على عاتقها اقامة هذه المؤسسات والعمل على ديمومتها وتوسيعها.‏

وقال بيات انه على الرغم من أن هذه الجمعيات والدول الاجنبية أبدت نشاطا ملحوظا في المؤسسات الخيرية والدينية والتعليمية المختلفة الا أن ما قامت به في مجال التعليم فاق كل التوقعات حيث لم يمر وقت طويل حتى عجت المدينة بأعداد هائلة من المدارس بمختلف المستويات مع تقديم المغريات للعائلات لادخال أبنائهم فيها مضيفا ان الدولة العثمانية كانت تعلم جيدا بالغايات الكامنة وراء اقامة هذا الكم الهائل من المدارس غير الاسلامية والاجنبية في القدس.‏

وأشار الخبير في مركز أرسيكا إلى أن الدولة العثمانية استخدمت الاسلوب نفسه فأقامت مؤسسات تعليمية بمختلف مستوياتها وشجعت الرعايا بمن فيهم غير المسلمين لادخال أولادهم فيها حيث اهتم السلطان عبد الحميد الثاني شخصيا بهذا الامر موضحا أن الدولة العثمانية أدركت ازدياد مخاطر هذه المدارس بعد انقلاب 1908 وخاصة الاجنبية منها وتلك التي أقامتها المنظمات الصهيونية فأصدرت أوامر باغلاق ومنع ترخيص بعضها ولاسيما بعد الحرب العالمية الثانية.‏

بدوره عرض الدكتور عبد الجليل عبد المهدي الاستاذ في الجامعة الاردنية في بحثه حول المؤسسات التعليمية والثقافية في القدس في العهد العثماني دور المسجد الاقصى في هذا المجال الذي كان مركزا علميا مرموقا له أثره البارز في المدينة المقدسة وفي فلسطين والامصار الاسلامية المختلفة إلى جانب كونه مركزا دينيا له قداسته.‏

وتحدث عبد المهدي عن دور المكتبات في تلك الفترة في التشجيع على نشر العلم والفكر وتعقد فيها المجالس العلمية والدروس وقال ان القدس كانت عامرة بخزائن الكتب في الأقصى والمدارس وغيرها من المؤسسات العلمية والثقافية اضافة إلى المكتبات الخاصة.‏

وتناولت الجلسة الصباحية الثانية التي ترأستها الدكتورة خيرية قاسمية موضوع القضاء والعلاقات الاجتماعية والاوقاف والخدمات الطبية وتحدثت الدكتورة بشرى خير بك استاذة التاريخ في جامعة دمشق حول مظاهر من التصوف في بيت المقدس كما اوردها بعض الرحالة المسلمين في اواسط العهد العثماني واوردت اربع رحلات لثلاث شخصيات صوفية زاروا القدس وكان لكل واحد منهم تجربته الصوفية الخاصة ضمنها في مصنف حوى الكثير من المعلومات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والجغرافية كانت ترجمة لسلوكهم وتعبيرا عن تجربة شخصية تختلف من شخص لآخر.‏

وذكرت المحاضرة أن مدلول التصوف وتطوره تعدد بسبب عدم المقدرة على ادراك جوانبه كلها بطريقة تمكن من جمعها في الفاظ قليلة ودالة على تلك الجوانب الا أنها أشارت إلى امكانية الاقتراب من تعريفه بانه ليس دينا او مذهبا وانما هو نهج او طريق يسلكه العبد للوصول إلى الله وهو وسيلة بيد الانسان للوصول إلى مرتبة الطهارة والكمال وليس عن طريق تعطيل الفكر وانما بدمج جميع عناصر الانسان الروحية والعقلية والنفسية التي تؤلف كيانه في محور ذاته الخاصة.‏

بدورها أشارت الدكتورة عبلة سعيد المهتدي الباحثة في مركز الوثائق والمحفوظات في الجامعة الاردنية في بحثها حول القضاء والعلاقات الاجتماعية في القدس خلال النصف الاول من القرن السادس عشر من خلال سجلات محكمة القدس الشرعية.‏

وذكرت أن السجلات الشرعية الاولى المتوفرة تقدم صورة جيدة عن دور القضاء بالنسبة للحياة الاجتماعية في القدس مع بعض الدلالات الواضحة على التغير المرحلي الذي كانت مدينة القدس لا تزال تشهده.‏

كما قدمت الباحثة لمحة عن الواقع الاجتماعي في القدس خلال النصف الاول من القرن السادس عشر والطبيعة السكانية التي كانت في المدينة خلال تلك الفترة مشيرة إلى أن دفاتر التحرير العثمانية تعد من أغنى المصادر التي يمكن استخلاص المعلومات الدقيقة منها عن الواقع السكاني في كامل لواء القدس خلال تلك الفترة والتي كانت تشير إلى أن مدينة القدس كان يسكنها أبناء الديانات الثلاث من مسلمين ومسيحيين ويهود وبأن المسلمين كانوا يشكلون الاغلبية من السكان. بينما بدأ الدكتور محمد ياسر زكور الباحث في تاريخ العلوم الطبية بحثه أطباء وبيمارستان القدس في العهد العثماني بالتعريف بمعنى كلمة بيمارستان بأنها كلمة فارسية مؤلفة من شطرين بيمار وتعني المريض وستان وتعني المكان أي دار الاستشفاء مشيرا إلى أن البيمارستانات انتشرت في أغلب العواصم والبلدان في ظل الحضارة العربية والاسلامية حتى وصلت إلى أكثر من مئة بيمارستان منها بيمارستان القدس أو البيمارستان الصلاحي الذي أسسه صلاح الدين الايوبي عام 588 للهجرة ودور العثمانيين في المحافظة على استمرار البيمارستان الصلاحي في أداء وظائفه والاهتمام به.‏

واشار الباحث إلى ان القدس مهد الديانات السماوية ومهد الحضارة العربية الاسلامية والعلوم الانسانية ولاسيما في عهد صلاح الدين الايوبي استمرت إلى العهد العثماني في نشر تألقها في اقطار العالم لتقدم له خلاصة العلم والحضارة في جميع المجالات.‏

هذا وقد استأنف المؤتمر أعماله مساء أمس في مكتبة الأسد الوطنية بجلستين حول التطور السياسي في مدينة القدس وكتابات وزخارف قبة الصخرة المشرفة والتراث المخطوط لمدينة القدس.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية