والزيارة إذ تمثل فرصة حقيقية لتطوير هذه العلاقات،فإنها في الوقت ذاته تتيح المجال الفعلي لتحقيق نقلة نوعية أخرى تضفي المزيد من الفعالية المطلوبة على أوجه التعاون بين ضفتي المتوسط، خصوصا على ضوء السمات والخصائص التي تحكم موقع البلدين وعلاقاتهما ودورهما.
فسورية التي كانت دائما رسالتها السلام ولغتها الحوار ترى في كل خطوة من شأنها تعزيز ذلك بين الشعوب والدول، فرصة يجب توظيفها إلى الحد الأقصى من بلورة أوسع رؤية ممكنة لمواجهة المشكلات القائمة.
وزيارة الرئيس اليوناني لسورية اليوم خطوة مهمة على هذا الصعيد، بل هي تتيح المزيد من الفرص لحوار جاد وبناء خصوصا بين أصدقاء تربطهما علاقات وثيقة من التعاون والتواصل الحضاري عبر آلاف السنين، وتشكل رافدا من أهم الروافد الحضارية في التاريخ.
الرئيس بابولياس أشار إلى أن «العلاقة اليونانية السورية واليونانية العربية هي نتيجة للروابط التاريخية القديمة بين الحضارتين اليونانية والعربية وكانت مثالاً على التبادل المثمر للأفكار والأعمال بين الحضارات وهي دليل على أن الحضارات لا تصطدم بعضها ببعض بل تتعايش وتغني كل منها الأخرى».
وهذه الإشارة توضح إلى حد بعيد معطيات سياسية وإنسانية في غاية الأهمية من خلال التأكيد على الحوار والتعايش بين الحضارات والإغناء المتبادل على كافة الصعد، وهو ما تحتاجه السياسة في عالم اليوم مثلما كان حاجة دائمة على مدى العصور
وكما قال الرئيس بابولياس فإن سورية "كانت دوما وعبر القرون مفترق الطرق والملتقى الجغرافي للأمم التي تبادلت الخبرات والمعلومات"..هي اليوم تستقبل ضيوفها وهي أشد إيمانا بدورها وموقعها وسياستها وأكثر تمسكا بلغة الحوار ورسالة السلام التي ميزتها، وأن زيارة الرئيس اليوناني ستترك نتائجها الإيجابية الواضحة على العلاقات السورية اليونانية والعلاقات العربية الأوروبية وعلى الحوار بين ضفتي المتوسط.