وأعمال التخريب التي طالت مختلف المناطق السورية تحت ستار حريتهم وديمقراطيتهم المزعومتين، لا تزال أطراف الوساطة الدولية لحل الأزمة التي عصفت بالبلاد تطالب سورية بوقف إطلاق النار، وتلومها على أبسط حقوقها وهي طلب بعض الضمانات من تلك الجماعات بأنها لن تقتل أو تخرب أو تغتال أو تستمر بأعمال الإرهاب التي استمرأت القيام بها لأكثر من سنة.
القيادة السورية وكما هو معلوم وافقت على خطة المبعوث الأممي كوفي عنان كما هي، أولاً لأنه يهمها إنهاء العنف، وثانياً لعدم تعارض الخطة مع سيادتها وحرية قرارها، وثالثاً كي لا تترك أي حجة لأقطاب المؤامرة وأدواتها، وتؤكد لأولئك أنها مستمرة بالتعاون مع أي مبادرة من شأنها الإسهام في الحل، هذا فضلاً عن أن سورية تقف على أرض صلبة، وتستطيع السيطرة على الموقف باللحظة التي تشاء ولاسيما أن هؤلاء لا يؤتمن لهم جانب، وأمعنوا في القتل ووصلوا إلى درجة الإفلاس، وليس من المستبعد أن يستغلوا انسحاب الجيش من مناطق التوتر لإعادة التمركز، واستخدام الزمن الذي طلبه عنان لإنجاح خطته كفرصة لاستجماع قواهم وتمرير المزيد من الأسلحة التي وعدهم بها حكام قطر والسعودية.
بالطبع ما يجري من ردود فعل سلبية واتهام القيادة السورية بعدم الجدية إزاء الحل، ليس مستغرباً على القوى الامبريالية وعلى رأسها أميركا وفرنسا وأزلامها الأتراك وبعض«العرب»، وخاصة بعد اصطدامهم بالإرادة والتماسك، والقوة والإجماع الشعبي على الوقوف مع القيادة والجيش جنباً إلى جنب لتجاوز المحنة، ووصول هؤلاء إلى نفق مغلق حشروا أنفسهم به، بعد مراهنتهم على أن أموال الشعبين القطري والسعودي المسروقة من قبل الأسر الحاكمة في هذين البلدين تستطيع إسقاط أنظمة وإحياء أخرى تتماهى مع مشاريعهم ورغبتهم في التوسع والسيطرة على ثروات المنطقة.
سورية ماضية في الدفاع عن نفسها حتى النهاية التي باتت معروفة لها ولغيرها، وهي إعلان النصر على كل من سوّلت له نفسه تحديها أو النيل منها، وسوف ترحب بأي لحظة بكل خطة أو مبادرة من شأنها إنقاذ البلاد من حالة العنف التي أوصلها إليها أصحاب الغايات والمقاصد شرط ألا تتنافى وسيادتها وكرامتها.