تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


موسكو ترفض المساومة على المسألة الإيرانية

نوفوستي
ترجمة
الاثنين 8/9/2008
ترجمة: د. ابراهيم زعير

تتحدث وسائل الإعلام منذ وقت بعيد عن احتمال استخدام المسألة النووية الإيرانية كورقة مساومة في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة, ومحتوى مثل هذه المساومة هو أن تتخلى الولايات المتحدة عن جورجيا إلى روسيا, بينما تتخلى روسيا عن إيران لتضعها في قبضة الولايات المتحدة.

وبدا أن مغامرة جورجيا في أوسيتيا الجنوبية تفند هذه الفرضية, ولكن حدث العكس تماماً وكانت الشبهات حول )المساومة( أكبر لو أنه لم تعرف المبررات الفعلية للغزوة الجورجية.‏

وقد حددت المسار كونداليزارايس التي ظهرت على جميع شاشات التلفزيون في الأيام الأولى للعدوان على أوسيتيا الجنوبية وحتى نهاية عملية إرغام جورجيا على الانسحاب و)الجنوح إلى السلم( فقد ظهرت الجهود التي بذلتها كوندي في ضبط أعصابها والسيطرة على مشاعرها, وهذا الأمر لا يميزها عموماً, طبعاً لم تصل إلى حد )مضغ( ربطة العنق كما فعل سكاشفيلي لكن الغلو في إبداء الانزعاج في مثل الأحوال لا يجدي نفعاً.‏

وفي نهاية المطاف نعيد إلى الأذهان أن البيت الأبيض هدد موسكو بأن يعيد النظر في علاقاته مع موسكو في جميع المجالات بينما وعد فيتالي تشوركين مندوب روسيا الدائم في هيئة الأمم المتحدة وبصورة متواضعة أن روسيا يمكن أن تتخلى عن مساعدة الولايات المتحدة في معالجة بعض المشكلات الهامة وعلى سبيل المثال القضية الإيرانية .‏

واتسمت المجاملات بين الطرفين على الصعيد الدبلوماسي بهذا الشأن على خلفية وقع النشاط العسكري الفعلي للقوات البحرية الأميركية وحليفاتها في الناتو حول القضية النووية الإيرانية, وكتبت صحيفة)ميدل ايست تايمز( المصرية إن تشكيلة موحدة من سفن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا التي اختتمت المناورات في المحيط الأطلسي حيث جرى التدرب على حصار السواحل الإيرانية وتقترب حالياً من الخليج العربي وتتصدر المجموعة الضاربة الأولى حاملة الطائرات )تيودور روزفلت التي تحمل 80 طائرة حربية أميركية, بينما تتصدر الثانية حاملة الطائرات )رونالدريغان( والثالثة حاملة الطائرات ايفودزيما وفي النتيجة ستتحشد عند السواحل الإيرانية نحو 40 قطعة بحرية قتالية بينها حاملات الطائرات وطرادات وغواصات , علماً أن بعض الغواصات مجهزة بالسلاح النووي.‏

وبطبيعة الحال لا يمكن وصف هذا الوضع بالاعتيادي كما حاولت واشنطن تصويره, وحسب أقوال الصحيفة المذكورة أن الكويت أعدت برنامجاً خاصاً تحسباً لنشوب الحرب ووضعته قيد التنفيذ ويطرح الخبراء احتمالين بصورة أساسية الأول: أن تفرض الولايات المتحدة وحليفاتها الحصار على إيران , والآخر: احتمال إغلاق الخليج العربي الذي تمر فيه نسبة 40 بالمئة من الوقود الذي تستهلكه هذه البلاد , ومن ثم الحيلولة دون قيام القوات البحرية الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز )بإغراق 2-3 ناقلات محملة بالنفط( فيه ووفق الاحتمال الثاني فإن الهدف الآخر لوجود مجموعة القوات البحرية في الخليج العربي بالقرب من إيران هو دعم ضربات سلاح الجو الإسرائيلي الأهداف النووية الإيرانية.‏

ويبدو الاحتمال الأول هو المفضل, ومما يعزز هذا الاحتمال أن وزارة المالية الأميركية فرضت منذ أيام عقوبات جديدة على خمس شركات إيرانية تتهمها واشنطن بالتورط في صنع الأسلحة النووية الإيرانية , ويجري ضمنا تجميد أصول هذه الشركات إن وجدت في الولايات المتحدة ويحظر على الشركات الأميركية أي تعامل معها.‏

كما فرض الاتحاد الأوروبي من جانب واحد ليس فقط عقوبات إضافية بصدد البرنامج النووي الإيراني بل قلصت كثيراً القروض الممنوحة من أجل تقييد التجارة مع إيران, وكذلك تشديد عمليات تفتيش الحمولات البحرية والجوية بين بلدان الاتحاد الأوروبي وإيران. إن هذه الإجراءات تندرج في احتمال فرض حصار اقتصادي شديد على إيران اعتقاداً من الغرب أن الاقتصاد الإيراني لن يتحمل مثل هذا الحصار وبالتالي سترفع الراية البيضاء عاجلاً أم آجلاً.‏

أما بصدد القصف الجوي الإسرائيلي للأهداف النووية الإيرانية فإن هذه الفكرة سابقة لأوانها أغلب الظن لأن إسرائيل نفسها غير مستعدة للحرب مع إيران بشكل يضمن لها تجنب الضربات الجوابية للصواريخ الإيرانية, إضافة إلى أن وسائل الدفاع الجوي الجديدة التي وعدت بها الولايات المتحدة إسرائيل لن تنصب قبل عام 2009, وربما لا تريد واشنطن أن تبدأ إسرائيل هذه الحرب على إيران.‏

بالمناسبة إن فرض الحصار البحري لا يستثني احتمال قيام إيران بأفعال جوابية ستقود حتماً إلى حرب واسعة النطاق, علماً أن الحرب لا تقتصر على طيران حاملات الطائرات ,وليس مصادفة أن قامت كونداليزارايس, كما أوردت وسائل الإعلام بزيارة القاعدة الجوية الأميركية انجرليك في تركيا, ومن المعروف أن هذه القاعدة مارست دوراً رئيسياً في عمليات القصف على العراق وأفغانستان, وردة الفعل الإيرانية هي مثل هذه الاحتمالات انحصرت في إعلانها عن صنع غواصة جديدة وسفن جديدة لا يمكن أن يرصدها الرادار, وعن طائرة من الجيل الجديد تحلق مسافة 3 آلاف كيلو متر بدون التزود بالوقود وإطلاق قمر صناعي إيراني )1( ونموذج له كما وعدت أن من يتجرأ على مهاجمة إيران )لن يخرج من المنطقة حياً(‏

هذا يعني أن الولايات المتحدة ناهيك عن إسرائيل لن تقصف إيران في وقت قريب, والأغلب أن واشنطن وتل أبيب كانتا تفكران باستخدام الأرض الجورجية لتنفيذ هذه المهمة لو أن المغامرة الجورجية المدعومة من واشنطن وإسرائيل لم تفشل بهذا الشكل السريع, وفي جميع الأحوال لا يعني البتة أن الحصار البحري الأميركي وحلف الناتو على إيران من جانب واحد سيلقى الصمت في موسكو لأنها ترفض المساومة على المسألة الإيرانية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية