تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أكاذيب إسرائيل حول حرب 1948

فورين أفيرز
ترجمة
الاثنين 8/9/2008
ترجمة:ريما الرفاعي

خلال العقود الستة الماضية, عمد الإسرائيليون والفلسطينيون إلى استخدام الماضي للتعبير عن مطالبهم بالحاضر وإضفاء الشرعية على ما يعتقدون أنها حقائق خاصة بتأسيس كيانهم.

ولم يكن القوميون من كلا الطرفين أول من حاول تجميل رواية ميلاد دولته أو أول من اخترع الأعذار لمآسيها. وعلى امتداد التاريخ كانت الدول تولد من رحم الدم أو الخطيئة. وهذا هو السبب الذي يجعل الدول, على حد قول الفيلسوف أرنست رينان, تعمد إلى إطلاق الأكاذيب بشأن ماضيها.‏

وقد ظل قيام إسرائيل عام 1948 لفترة طويلة محل إطراء من جانب اليهود وأيضاً محل شكوى وتألم من جانب الفلسطينيين.‏

لقد كانت حرب عام 1948 من وجهة نظر الإسرائيليين, معركة بقاء حسمت بنصر يصل لحد المعجزة. أما في العالم العربي, فإن قصة الحرب مبنية على نظرية المؤامرة التي تعفي العرب من مسؤولية الهزيمة. وفي كلتا الحالتين, كانت كتابة التاريخ محاولة عبثية لنيل الشرعية.‏

وبسبب رفضهم الاعتراف بأن الحلم اليهودي بإقامة الدولة قد تلطخ بالخطايا التي واكبت قيام إسرائيل, وإصرارهم على إنكار مركزية القضية الفلسطينية في الشرق الأوسط, فضل الإسرائيليون التركيز على جهودهم لإقامة الدولة ضد ما يفترض أنها جيوش عربية متفوقة. لكن الحرب بين السكان الفلسطينيين الأصليين والجالية اليهودية المنظمة في فلسطين (اليشوف) كانت المرحلة الأكثر ضراوة في النزاع. في تلك الحقبة الممتدة ما بين 30 تشرين الثاني 1947 و15أيار 1948, حيث كان مصير الكيان الإسرائيلي الوليد معلقاً بخيط رفيع. إلا أن الأفكار السائدة منذ ذلك الحين تحاول تجنب ذلك القتال وتركز بدلاً منه على الوقفة البطولية ضد الجيوش العربية الغازية خلال المرحلة الثانية من الحرب الممتدة ما بين 15أيار 1948 وحتى ربيع عام 1949 وعندما انتهت الحرب اختفت المشكلة الفلسطينية من الجدل الإسرائيلي العام أو أنها حولت, لمصلحة الإسرائيليين, إلى قضية )لاجئين( أو )متسللين( حتى بدا وكأنه ليس هناك نزاع إسرائيلي -فلسطيني أو شعب فلسطيني, أو كما عبرت غولدا مائير, رئيسة وزراء إسرائيل, عام 1969 )أنهم غير موجودين(.‏

وخلال ثمانينات القرن الماضي, بدأت جماعة عرفت باسم )المؤرخون الجدد( بتحدي الأسطورة الصهيونية حول ميلاد إسرائيل. وقد توصل هؤلاء المؤرخون ومن بينهم سمحا فلابان, وإيلان بابيه, وآفي شلايم إلى وثائق تتعارض مع الرؤية التقليدية للحرب بصفتها صداماً بين داوود اليهودي وجالوت العربي.‏

ويظل كتاب بني موريس )ميلاد مشكلة اللاجئين الفلسطينيين 47-1949( المنشور عام 1987 هو الأكثر أهمية عن هذه القضية الشائكة معنوياً وسياسياً والتي تشكل لب الخلاف في النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني المستمر. يورد الكتاب قصة طرد 700ألف عربي بالقوة على أيدي الجنود اليهود الذين كانوا يحتلون المدن والقرى على امتداد فلسطين. وقد دفع موريس ثمناً شخصياً باهظاً بسبب طرحه رواية جديدة عن ميلاد إسرائيل, رواها بشجاعة وكفاءة. فقد أدين, بعد نشر الكتاب, بمعاداة الصهيونية وحرم من العمل في أي قسم من أقسام التاريخ في جميع أنحاء إسرائيل, ولم يتمكن من الحصول على عمل في جامعة بن غوريون في النقب إلا بعد أن استدعاه عيزرا وايزمان, رئيس الدولة في حينه, إلى مكتبه وطلب منه تأكيد إيمانه بحق إسرائيل في الوجود.‏

لقد ميز موريس بين آرائه كمؤرخ وآرائه كمواطن, وكان واحداً من دعاة السلام حيث دخل السجن بسبب رفضه الخدمة ضمن قوات الاحتياط في الجيش الإسرائيلي في الأراضي المحتلة خلال الانتفاضة الأولى عام 1987, لكنه انحرف بالتدريج, شأنه شأن أغلبية الإسرائيليين, باتجاه موقف ينتقد بشدة الفلسطينيين, حيث وجه اللوم إلى القادة الفلسطينيين جراء انهيار عملية أوسلو وانتفاضة الأقصى عام 2000.‏

لقد أعرب بني موريس في كانون الثاني 2004عن أسفه لعدم قيام الإسرائيليين عام 1948 بتطهير الدولة اليهودية من سكانها العرب. وقال في تصريح صحفي: )لو أن بن غوريون قام بعملية طرد كبرى للفلسطينيين حتى نهر الأردن, لكان قد عزز إسرائيل لأجيال مقبلة(.وكتاب موريس الجديد المسمى )1948( قد يكون من أفضل الدراسات حول الحرب العربية-الإسرائيلية الأولى. فهو دقيق بشأن جميع وجوه النزاع الاستراتيجية والعسكرية, إضافة إلى انتهاكات حقوق الإنسان, ومشكلة اللاجئين, والدبلوماسية, والدعاية.‏

ويتناول موريس في هذا الكتاب مجمل الأساطير الإسرائيلية المتعلقة بإقامة الدولة داعماً حججه بأعداد كبيرة من المصادر. لقد وقعت الفظائع وعمليات الإجلاء التي عانى منها السكان العرب في خضم المعارك أحياناً, وبينما كانت القوات اليهودية تسعى إلى تأمين الطرق التي تربط بين المستوطنات, وغالباً ما كانت تنفيذاً لأوامر صريحة من الجنرالات في المعركة. ويظهر موريس أن المجازر التي ارتكبها الصهاينة تفوق تلك التي ارتكبها العرب, وأنهم قد قتلوا عن عمد أعداداً أكبر من المدنيين وأسرى الحرب, وارتكبوا عدداً أكبر من حالات الاغتصاب.‏

ويبرئ موريس, بالتفاصيل الدقيقة, الجانب العربي من حالات نسبت إليه وسميت المجازر مثل تدمير قافلة تحمل أطباء وممرضات في جبل سكوبوس في نيسان 1948 ويؤكد أن الأمر كان معركة قتالية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية