معظم الطلبة يبحثون عن نجاح وتخرج في ظل الظروف الأمنية التي تشهدها سورية، فالطالب بالكاد يستطيع أن ينهي كتابه الجامعي ويحيط بمعلومات أسئلة الامتحان..
في كلية الآداب بجامعة دمشق يجتمع أكثر من خمسين ألف طالب من مختلف المحافظات بل والبلدان العربية و الأجنبية ويبدو أن السمعة الغالبة هي الفوز بعلامة الـ 50 .. لا تفكير بالمعدل إلا من القلة القليلة !
أغلب من التقيناهم رموا الكرة في ملعب الظروف والأحداث الراهنة ، إذ يعتبر حامد سليم من قسم اللغة العربية انه تفوق في السنتين الماضيتين بفضل تفرغه للدراسة أما السنة الحالية، فالأمر مختلف تماماً ، محملاً الكهرباء المسؤولية !
” سأقدم شكوى ضد وزارة الكهرباء، فكيف سأدرس ثلاث ساعات متقطعة وبشكل مقلق ؟ ” .
الحياة أصعب
وحزن منير دلعين من قسم الجغرافيا لأن معدله لهذا العام لن يصل الـ 70 على اختلاف الأعوام السابقة بسبب عدم تمكنه من حضور المحاضرات والمتابعة نتيجة بعض الأحداث المؤسفة في بلدته داريا وقال ” هذه السنة حملت الكثير من مشاعر الحزن والأسى .. وكان هناك تأخر في متابعة الدروس والمحاضرات ولذلك لم نعر انتباهاً واهتماماً لموضوع التفوق والمعدل “
وتساءلت ليلى من قسم اللغة الانكليزية: أين الإجراءات التي تتخذها الوزارة بحق من تضرر معدله بسبب ظروف هذه السنة ؟
” أنا شاهدت التلفاز وجلست إلى الانترنت أكثر بكثير من كتبي ومحاضراتي .. ليس بيدي فلا أستطيع أن أغيب عن أحداث تهدد مصير وطني “
ليلى دعت الجامعة لاتخاذ أساليب تحسن من معدل التخرج و اقترحت مثلا : الفحص المعياري ، أو معدل وسطي عن الأعوام السابقة ، أو زيادة نسبة النجاح أو تخفيض نسب المعدل للفوز بمقعد دراسات عليا ، وطالبت الجهات المعنية بإيجاد حل لهذا الموضوع على غرار المراسيم والقوانين التي راعت ظروف الطلبة.
تفوق أكاديمي وواقعي
وبعيداً عن الظرف الأمني سألنا الدكتور عبد الحميد علي أغا المدرس في كلية الآداب والمشرف على رسالة ماجستير بعنوان قسم علم الاجتماع عن التفوق وكيفية تحقيقه ، فأكد أنه مرتبط بمعايير تختلف من دولة لأخرى ومن محافظة لمحافظة وجامعة لجامعة وطالب لطالب ، ويعود الاختلاف بالدرجة الأولى – حسب رأيه – إلى عدم تحديد مفهوم التفوق وكيف يمكن تعزيز هذا الشعور عند الطالب والأسرة والمجتمع ” أغلب الطلبة يبحثون عن النجاح والعبارة الشائعة هي / 48+2 / ” .وأضاف : لا يمكن اختصار التفوق الدراسي بالحصول على العلامة التامة في الامتحانات وخاصة بالطرق والأساليب المتبعة حالياً والتي لاتعبر بشكل حقيقي عن معنى التفوق المراد الوصول إليه ، ونوه إلى أن التفوق الحقيقي هو الاستفادة من المعلومات النظرية و بإيجاد حلول للمشكلات المستعصية والتحديات التي تواجه المجتمع والاستفادة من هذا الطالب المتفوق في استثمار تفوقه لصالح المجتمع والوطن ومن هنا تبرز أهمية براءات الاختراع التي تعتبر سبباً في نهوض الأمم علمياً .
من هو المسؤول في النهاية ؟
طرح الدكتور أغا سؤالاً جوهرياً حول علاقة التفوق الدراسي بالمستوى العلمي والتدريسي بين جامعة وأخرى وقال : لا يوجد مبرر للجامعة بعدم قدرتها عن تقديم متفوق واحد وفق المنظور الذي تحدثنا عنه على الأقل كل عام ..
هل يعقل ألا تقدم جامعة كتشرين مثلاً مخترعاً أو نابغة فكرية أو طالب مجتهد بالمعنى الحقيقي للكلمة وتبقى الحالة استثناءً من عام لآخر ؟؟
” لاشك أن هناك خللاً في طرائق التدريس ومهارات التواصل وتأهيل وكفاءات الكوادر وتوافر المستلزمات..”
فإلى متى ننتظر حتى ننقل التفوق من مرحلة الكتب إلى ارض الواقع ؟!