تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الإعـــــــلام ... كيف يعيد صياغة المفاهيم الاجتماعية.. ؟!

مجتــمـــــع
الخميس 5-4-2012
متابعة علاء الدين محمد

يجمع الكثير من الباحثين أن الإعلام أصبح فيما صار عليه مؤسسة اجتماعية مميزة تكمن وظيفتها في تكوين الوعي الإجتماعي بهدف تشكيل النوعية الإجتماعية و النفسية لمعتقدات الناس ووجهات نظرهم،

لذا فإن وسائل الإعلام منذ بداية نشأتها و حتى الان تؤثر وتتأثر بتطور المجتمعات، ويؤكد علم الإجتماع أن وسائل الاعلام ذات تأثير كبير في صياغة الجوانب الحيوية في الحياة الإجتماعية و الثقافية و السياسية و أنماط العادات والاستهلاك، إضافة إلى دورها في مجال التنشئة الإجتماعية و التربوية المستمرة لشرائح وقطاعات واسعة من المجتمع العربي حول هذا الموضوع قدم الإعلامي بيير إيليا البازي محاضرة تحت عنوان -إعلامنا صوت في زمن الصمت- في ثقافي المزة بدمشق، تحدث في بداية المحاضرة عن نشأة الإعلام، حيث أوضح أن العملية الإعلامية بدأت مع بدء تكون المجتمعات الإنسانية البسيطة فعملية قرع الطبول أو إصدار أصوات معينة للتحذير أو إشعال النيران أو استخدام الحمام في نقل الرسائل هي كلها عمليات إعلامية، ومع تشكل السلطة في المجتمع تحول الإعلام إلى مراحل أكثر تطوراً مع كتابة التعلميات و الأوامر و أخبار الانتصارات و مع تسارع و تيرة التطور الصناعي ظهرت وسائل جديدة للإعلام كالتلغراف و الراديو و مسجلات الصوت و السينما و التلفزيون والمعلوماتية، هذه المسيرة الطويلة لوسائل الإعلام فرضت مجموعة من الشروط على العاملين في كل مرحلة بدءاً بالمهارات الجسدية ومروراً بإجادة الكتابة و القراءة ووصلولاً إلى القدرة على الإقناع والمظهر الحسن حيث أصبح رجل الإعلام مطالباً بتتبع كل الحركات المتشعبة، وبنشر الأخبار و تحليل منطلقاتها فعليه أن يكون يقظاً سريع الحركة و على صلة مباشرة بمصادر الأخبار، و أن يطالب بحقوقه في حرية الإعلام المتاح وعند اختراع الراديو صار تلقي الخبر أكثر سهولة ويسراً أما في عصرنا الحالي عصر المعلوماتية و التقدم جعل رجل الإعلام متنوع المعارف و على درجة عالية من التأهيل التقني والقدرة على معالجة عمله في ضوء التغييرات في مضمون الإعلام.‏

وأضاف المحاضر تؤدي وسائل الإعلام دور الأسرة و المدرسة والمعلم فتستخدم التوجيه المباشر أو غير المباشر من خلال تقديمها للمادة العلمية و الأدبية و الفنية و الفكرية و سواها و تعرضها بطرق أكثر تشويقاً تعتمد على الحبكةفي القصة و الصورة الملونة و الإثارة و هي تصور هموم الحياة و حلاوتها، فتؤثر في بناء الشخصية و السلوك و القيم وتوظف كل طاقتها لمواجهة تحديات العصر و لا يأتي ذلك إلا من خلال و ضع أهداف واضحة محددة، و نحن نشهد هذا التدفق الهائل والمتزايد للوسائل الاعلامية الأجنبية العملاقة من خلال الأقمار الصناعية للبث المباشر وغيرها من وسائل وما تحمله من آثار اجتماعية و تربوية و ثقافية ليست كلها بالضرورة في مصلحة تعزيز الوجود القومي العربي و تأكيد هويته الثقافية و الحضارية.‏

الإعلام مصدر الفعل‏

أشار المحاضر أن الإعلام لغة هو مصدر الفعل وكما يقال العلم نقيض الجهل ينقل المعرفة من ذهن لآخر فالإعلام عملية ديناميكية تهدف إلى توعية و تثقيف وتعليم و إقناع مختلف فئات الجماهير التي تستقبل مواده المختلفة و نتاج برامجه و نقصد بذلك نشر الأخبار و المعلومات الدقيقة التي ترتكز على الصدق والصراحة و تخاطب عقول الجماهير و عواطفهم السامية للإرتقاء بمستوى الرأي واستطرد قائلاً أن للإعلام دوراً هاماً في تغيير السلوك الإنساني وذلك بتغيير المعارف و القيم عن طريق المناقشة و خلق مشاركة الأفراد في المجتمع، وأيضاً لوسائل الإعلام تأثير وسيطرة على الجماهير المختلفة من خلال الرسائل المتنوعة لتسويق و تمرير عشرات المفاهيم و الصور الخالية التي يتقبلها الشباب دونما تفكير أو مقاومة و كأنها مسلمات، و للإعلام أثر إيجابي و آخر سلبي على الثقافة عامة فيؤثر في ثقافة الفرد ثم يترتب عليه التأثير في ثقافة الأسرة عبر معالجة بعض العادات والتقاليد التي تتبناها الأسرة فالإعلام مثلاً أشار إيجابياً إلى تعليم الفتيات.‏

كما أشار إلى أضرار الزواج المبكر الذي هو من العادات القديمة الموروثة، كما وأشار إلى عدم استغلال الطفل، وأيضاً نادى الإعلام بمحو الأمية نهائياً، من هنا نرى أن الإعلام هو مجرد ناقل للمعرفة وليس منتجاً لها وإن نجح في تأدية رسالته، نجح الفرد والأسرة و المجتمع و الدولة، وتعد وسائل الاعلام المرئية والمسموعة و المقروءة مصدراً من مصادر التوجيه و التثقيف في أي مجتمع.‏

التضليل الإعلامي‏

وعن التضليل الإعلامي أكد المحاضر أنه أصبح جزءاً من حياتنا اليومية ذلك للتناقض الكبير الحاصل في بنية المجتمع كاملاً و الشرخ الحاصل بين المثقفين بشكل عام و رجال السياسة و الدين بشكل خاص مما وضع علامات الشك حول أي قرار و أي خبر و أي منطوق لأي عنوان و يعني لنا التضليل الإعلامي عدم تقديم الحقيقة بهدف الخداع والتلاعب للتأثير على الآخرين باجراء تعديلات على النص و الصورة لخلق واقع جديد لا علاقة له بالواقع المتحقق فعلاً وبشكل عام يمكن القول بأن التضليل الاعلامي عملية وافقت تطور المجتمعات الإنسانية، ومورست بأسماء شتى وأساليب مختلفة و لكنه بعد عصر النهضة و انتشار الصحافة و تطور وسائل الإعلام صار أكثر تعقيداً بسبب الثورة التكنولوجية، التي حدت من سيادة الدولة بالتحكم بمصادر الخبر، وعملية التضليل هي جزء من فن الإتصال في ظل المنافسة، وتتيح التقنيات الحديثة إمكانيات متنوعة و هائلة لهذا التضليل و الذي يعتمد نظريات متنوعة بدراسة السلوك الإنساني وردود الفعل إزاء ما يقدم له، وهدف الاتصال تكريس التماثل و التحشيد، وتجزئة الجمهور ليكرس العزلة بأساليب مضللة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية