ولا بد هنا أن يستذكر قارئ هذا التاريخ منذ بداية الثورات العربية السورية في مطلع القرن الماضي حتى تاريخ الحركة التصحيحية في العام 1970، مروراً بعهد الانتداب الفرنسي(1920-1946) وعهد الاستقلال 1946 وما شاهدته بلادنا من انقلابات تتابعت على أيدي أزلام الفرنسيين تارة والبريطانيين تارة والأمريكيين تارة أخرىِ ومنهم القادة العسكريون حسني الزعيم وسامي الحناوي وأديب الشيشكلي وصناع عهد الانقلاب على عهد الوحدة بين سورية ومصر(1958-1960) وما بين هذا الانقلاب وذاك من محاولات جعل سورية في مأزق القلق الدائم على مصير أبنائها في ضوء تداعيات هذا الحدث أو ذاك.
في العام 1970، يستطيع أحدنا في حال كان من أبناء ما بعد ثمانينيات القرن الماضي وبالتالي كان قادراً على استيعاب بعض أو كل تبعات هذا الحدث التاريخي العظيم يستطيع أن يثمن عهداً جلب إلى الوطن الأمن والاستقرار وإن تكن ثمة عثرات حالت دون بلغ الأرب في بعض الحالات وكانت في معظمها من صنع الأيدي الأجنبية التي راعها أن تخرج سورية من قبضة أصحابها، وبالتالي امتلاك قرارها الوطني، أعني الملكية-إن صح التعبير- التي وضعت سورية على السكة التي أوصلتها إلى ما كانت ترنو إليه منذ أن نالت استقلالها بتضحيات أبنائها التي لا تدانيها تضحية.
من هنا تبدت ملامح قضايا إشكالية كانت سائدة على الأرض، تبدت في أوج انحسارها وذلك مع صعود سورية سلم الارتقاء والتقدم وفرض الحضور في الساحات السياسية خصوصاً، ما دفع بذوي النيات المبيتة لخوض المواجهة مجدداً مع أبناء وطننا، وتحديداً في ضوء إثارة قضايا إشكالية جديدة ومبتكرة، كما هو حال وطننا اليوم، منعاً لأبنائه من الحفاظ على ما بني خلال أربعة عقود وفرت لهم إلى حدِ كبير وكبير جداً الأمن والأمان وصولاً إلى يوم التفاعل مع المتغيرات الدولية عن كثب وهذا ما كانت وعدت به القيادة وسارعت في تنفيذ الوعد وبكل ما أوتيت من قوة.
إن معادلة كهذه لم تكن لترضي أعداء مسيرتنا في سورية، حتى لا تكون الدولة المبادرة إلى صناعة واقع تحتذي به دول الجوار وبالتالي يجعلهم بإمرة شعوبهم لاالعكس.
من هنا أيضاً ما يعانيه أبناء شعبنا هذه الأيام، في سياق هذا التكالب لتشويه لا حاضرهم فحسب بل حتى مستقبلهم، ولكن هذه اللاكن يبدو أنها غابت ومازالت غائبة عن أذهان الذين يعتقدون أنهم يمكنهم العودة بسورية إلى الوراء ولهذا الاعتبار يؤكدون قناعاتهم بأنهم يمكن أن يكونوا أبناء الأمس واليوم في وقت معاً ولكن دون أن يدركوا أنهم يخدعون أنفسهم قبل خداع شعوبهم، وبتلاشي قضايانا الإشكالية نمت لدى هؤلاء قضايا إشكالية تحتاج إلى الحل، ولذلك يلهثون بحثاً عن حل يخرجهم من نفق أدخلوا أنفسهم فيه، ولا يعلمون كيف يخرجون منه.
Dr-louka@maktoob.com