تؤكد المعطيات أنه لغاية الآن لا تتوفر إحصائيات حديثة ودقيقة عن عمل الأطفال في سورية، وآخر إحصائية من خلال الزيارات التفتيشية لعام 2007 سجلت 503 حالات فقط لتشغيل أطفال ، وهذا عدد منخفض ولا يعبر عن واقع الظاهرة وتدل على ضعف في جهاز تفتيش العمل في ضبط حالات تشغيل الأطفال.
ومع ذلك فإن هذه الظاهرة برأي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل غير خطرة نسبيا ولكنها بحاجة لاهتمام أكبر من قبل الجهات المعنية ورؤية استراتيجية شاملة.
الدكتور عيسى ملدعون معاون وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل أوضح من خلال الندوة القومية التي أقيمت في دمشق مؤخرا حول دور مؤسسات المجتمع المحلي في مواجهة مشكلة عمالة الأطفال بالتعاون ما بين منظمة العمل العربية ووزارة العمل، نقاط القوة والضعف في عملية مكافحة تشغيل الأطفال في سورية وأولى نقاط القوة هي مصادقة سورية على جميع اتفاقيات العمل العربية والدولية فيما منع القانون رقم 24 لعام 2000 تشغيل الأحداث قبل تمام سن الخامسة عشرة كما لا يسمح للأطفال دون هذه السن دخول أمكنة العمل، أيضا قانون العلاقات الزراعية منع تشغيل الأحداث في الأعمال الزراعية قبل اتمام الـ15 عاما.
في حين تلحظ التعديلات المقترحة في مسودة قانون العمل الجديد بخصوص تشغيل الأطفال وتشديد العقوبات.
ومن النقاط الإيجابية الأخرى أن التعليم الأساسي الإلزامي حتى سن الـ15 يضاف لكل ذلك حالة النمو والوعي الشعبي والاهتمام الحكومي والأهلي بالطفولة ورعاية هذه القضية،وقيام وزارة الشؤون الاجتماعية ، العمل حاليا بالتعاون مع منظمة العمل الدولية وضمن برنامج العمل اللائق بوضع استراتيجية وطنية للحد من عمل الأطفال يتوقع أن تكون جاهزة خلال هذا العام ليتم إقرارها وتنفيذها.
غياب الاستراتيجيات
هذه الاضاءات يقابلها نقاط ضعف عزاها الدكتور ملدعون إلى غياب رؤية استراتيجية وطنية وسياسات وبرامج محددة لمعالجة ظاهرة تشغيل الأطفال في سورية خلال الفترة الماضية، وعلى الرغم من تزايد معدلات النمو الاقتصادي في السنوات الماضية إلا أن أثر هذا النمو على الحد من الفقر والبطالة غير مؤكد.
وتأتي ظاهرة التسرب من المدرسة قبل انتهاء التعليم الأساسي وضعف نظام مؤسسات التلمذة المهنية ما يدفع الأهل لإرسال أولادهم لتعلم المهن لدى «المعلم» في سن مبكرة وضعف العقوبات المحددة لتشغيل الأطفال وضعف جهاز تفتيش العمل لتؤثر جميعها سلبا على ظروف تشغيل الأطفال.
أما الرؤية الاستراتيجية المقترحة لمعالجة هذه الظاهرة تتلخص بوجوب تركيز الجهود لمعالجة الأسباب المؤدية إلى تلك الظاهرة بدلا من التركيز على نتائجها أي الأخذ بالاستراتيجية الوقائية عوضا من الاقتصار على العلاجية ومشاركة الجمعيات والمؤسسات الأهلية في الجهود المبذولة بالتعاون مع المنظمات العربية والدولية المختصة
سياسات مقترحة
ومن جملة السياسات التي يمكن اقتراحها في هذا الإطار تقوم على أهمية السعي لخفض معدلات الفقر وخاصة في المناطق الأكثر احتياجا نظرا للعلاقة الوثيقة بين الفقر وعمل الأطفال، وزيادة الطاقة الاستيعابية للمدارس في مراحل التعليم الأساسي , لا سيما المناطق النائية تعليميا.
كذلك استبدال العقوبات المفروضة على مخالفة الأهل لقانون التعليم الإلزامي بمحفزات إيجابية كدفع حوافز مادية لأسر الطلبة الأكثر فقرا، مع تطوير نظام ومؤسسات التلمذة المهنية للحد من ظاهرة تشغيل الأطفال بهدف تعلم المهنة، وإشراك أصحاب العمل والمؤسسات الأهلية في وضع وتنفيذ سياسات وبرامج الحد من عمل الأطفال، وضرورة توعية الأسر والمجتمعات وأصحاب العمل بمخاطر هذه الظاهرة من خلال وسائل الاعلام والمنشورات وغيرها من وسائل التأثير على الرأي العام، دون نسيان تفعيل أجهزة تفتيش عمل وتدريبها وتأمين المستلزمات المادية والبشرية لها وتشديد عقوبات وغرامات تشغيل الأطفال في قانون العمل .
قانون العمل الجديد.. يحدد شروط العمل الجديد
حددت مسودة المواد المتعلقة بتشغيل الأطفال في قانون العمل الجديد عددا من البنود الهامة التي تستحق التوقف عندها فيما يخص تشغيل الأحداث بعد أن أخذت هذه الظاهرة تتفاقم بأشكال مختلفة من الفوضى والاستغلال.
فالمادة 113 من القانون تؤكد على منع تشغيل الأحداث من الذكور والإناث قبل اتمام مرحلة التعليم الأساسي أو إتمام سن الـ 16 من عمرهم . ويصدر بقرار من الوزير نظام تشغيل الأحداث والظروف والشروط والأحوال التي يتم فيها التشغيل وكذلك الأعمال والمهن والصناعات التي يحظر تشغيلهم فيها وفقا لمراحل السن المختلفة. وتحظر الفقرة (أ) من المادة 114 تشغيل الحدث أكثر من ست ساعات يوميا على أن تتخللها فترة أو أكثر لتناول الطعام والراحة لاتقل في مجموعها عن ساعة كاملة وتحدد هذه الفترات بحيث لا يشتغل الحدث أكثر من ثلاث ساعات متواصلة.
كما لايجوز تكليف الحدث بساعات عمل إضافية مهما كانت الأحوال أو إبقائه في محل العمل بعد المواعيد المقررة له , وعدم تشغيله في أيام الراحة ،ويحظر تشغيله في العمل الليلي.
وتؤكد التعليمات على صاحب العمل الذي يقوم بتشغيل الأحداث أن يتقيد بالإعلان بشكل ظاهر في مكان العمل نسخة تحتوي على الأحكام التي يتضمنها هذا الفصل، وأن يحرر كشفا مبينا به أسماء الأحداث وأعمارهم وتاريخ استخدامهم بحيث يضع في محل العمل وبشكل ظاهر كشفا موضحا فيه ساعات العمل وفترات الراحة.
ولا يجوز لصاحب العمل تشغيل أي حدث قبل أن يقدم الولي أو الوصي عليه المستندات المطلوبة منها إخراج قيد مدني، شهادة صحية صادرة عن طبيب مختص تثبت مقدرته الصحية على القيام بالعمل الموكول إليه، موافقة الولي أو الوصي الخطية على العمل في المنشأة، على أن تحفظ هذه المستندات في ملف خاص للحدث يتضمن بيانات كافية عن محل إقامته وتاريخ استخدامه والعمل الذي استخدم فيه وأجره وإجازاته , ومن النقاط الأخرى الموضوعة أن الحدث يستحق إجازة سنوية مأجورة مدتها 30 يوما، ويستثنى من تطبيق أحكام هذا الفصل في المادة 118 الأحداث الذين يشتغلون في الصناعات المنزلية التي لايعمل فيها سوى أفراد العائلة تحت إشراف الأب أو الأم أو الأخ أو العم والخال .
عقوبات متفاوتة
ومن العقوبات المقترحة في حال تشغيل الأطفال ضمن مسودة مشروع قانون العمل هو معاقبة كل صاحب عمل يخالف أحكام المادة 113 الوارد ذكرها والقرار التنفيذي الصادر بشأنها بغرامة لاتقل عن 50 ألف ل.س ولاتزيد عن 100 ألف ل.س ،ويعاقب كل صاحب عمل يخالف أحكام المواد الآنفة الذكر بغرامة لاتقل عن 5000ل.س ولاتزيد على 10 آلاف ل.س، في حين تتعدد الغرامة بتعدد الأحداث الجاري تشغيلهم أو قبولهم في أماكن العمل بحالة مخالفة الأحكام المذكورة وتشدد الغرامة إلى الضعف في حال تكرار المخالفة خلال السنة التالية لارتكابها....