المحتلة، ولاسيما في غزة بمعادلات جديدة، وأوضاع مختلفة، بقدر ما تريد أن تكون أهدافها سواء المعلنة منها أم غير المعلنة لترتيب أوضاع المنطقة برمتها، بحيث تبقى لها اليد الطولى، تتلاعب وعلى نحو عدواني وفاشي ونازي وعنصري بهذه الأوضاع، ولتبقى أيضاً تحت سيطرتها إلى حد أنها تريد أن تكون الآمر الناهي حيال كل تطورات واحداث المنطقة، وواضح أيضاً أنها بهذا التوجه تجد كل تأييد ومساندة ودعم من الولايات المتحدة، وبعض الدول الغربية، وكثيرة هي الأضواء الخضراء التي سطعت هنا وهناك لتغطية عدوانها الوحشي، أو بصريح العبارة حرب الإبادة الجماعية للأطفال والنساء والمدنيين في غزة، إلى حد أنه ومع صدور قرار لمجلس الأمن برقم 1860، سارعت «إسرائيل »إلى رفض تنفيذه، دون أن تنبري دولة من أعضاء مجلس الأمن الدائمين إلى تحميل إسرائيل مسؤولية هذا الرفض وما يمكن أن يترتب عليه من تداعيات ومضاعفات تزيد من استباحة الدم الفلسطيني، وتزيد اعداد القتلى والجرحى، ناهيك عن قصف المشافي والمدارس والمساجد والمنازل، وكل البنى التحتية ومراكز وكالة غوث اللاجئين «الأونروا» ومستودعاتها لحفظ الغذاء والدواء.
وأعطت «إسرائيل«، فوق ذلك كله، لنفسها حق التصرف وحدها فيما يتعلق بوقف عملياتها العسكرية، وما يقال تجاوزاً عن «وقف لإطلاق النار»، أو تصعيدها واستمرارها لمدة أطول كي تتمكن على الأقل من احراز ولو تقدم طفيف أو انجاز دعائي وإعلامي جراء هذه الحرب المجنونة والجبانة على أهلنا في قطاع غزة.
في اعتقادي إنه كان يمكن قطع كل هذا الطريق المجبول بدم أطفالنا ونسائنا في غزة، لو أنه كان هناك استجابة لقمة عربية طارئة بشأن غزة في الأيام الأولى لحرب اسرائيل العدوانية، بحيث في ظل ذلك يكون السقف العربي قد تحصن حيال أي محاولة من قبل المجتمع الدولي وعواصم صنع القرار في الغرب، وفي مجلس الأمن ، ليتمكن العرب وعلى مستوى القادة من فرض أو الضغط على اسرائيل لوقف عدوانها ووضع آلية دقيقة وناجعة لإنقاذ غزة من خلال اطمئنان المقاومة وهي تواجه وترد على العدوان أن ظهرها غير مكشوف أو أنها في عراء، دون سند أو عمق قومي استراتيجي، يدافع ويتضامن مع تضحياتها وبطولاتها وتصديها للعدوان والاحتلال.
ويكفي الاشارة هنا إلى أن اسرائيل وفي عدوانها على لبنان في تموز عام 2006. قد فقدت هذا العامل، بحشر المقاومة اللبنانية أمام حائط مسدود، بل إن هذه المقاومة استطاعت أن تضيف عامل العمق الاستراتيجي العربي المتمثل بمواقف وسياسة سورية الداعمة للمقاومة إلى رصيدها في مجابهة الاحتلال والانتصار عليه، وإلحاق هزيمة نكراء بجيش الاحتلال ، وكان المطلوب أن تقوم مصر بدورها المعروف والتاريخي والقومي العربي كما رسمه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في تشكيل هذا العمق الاستراتيجي القومي العربي للمقاومة في غزة ولشعبنا في القطاع الصامد، لذلك فإن الحديث عن المعابر حتى في إطارها الإنساني والإنقاذي والغذائي والدوائي ، هو حديث بالأساس عن دور مصر في قرارها السيادي الوطني والقومي لمعبر رفح وليس التستر كذريعة لإغلاقه باتفاقيات دولية، كانت إسرائيل بالأساس أول من خرقتها وأسقطتها من أجل أن تصل وعلى هذا النحو التدميري والقتل إلى عدوانها الوحشي ومجازرها في قطاع غزة.. أما وقد تخلت مصر عن هذا الدور فذلك يضعنا كعرب من الماء إلى الماء في دائرة الخطر الإسرائيلي الذي لا يستثني أحداً ولا يستثني أيضاً دولة عربية دون أخرى في حال حققت إسرائيل جزءاً حتى ولو كان متواضعاً جداً من أهدافها السياسية لكن ما دام الواقع ووقائع المجابهات على الأرض والميدان قد أسقطت كل ما توقعته إسرائيل عن تحقيقه، ولتدخل في ضوء ذلك في دائرة الهزيمة والمساءلة والمحاسبة على أنها مجرمة حرب، فمن الضروري التأسيس على هذه الحقائق والتداعيات من أجل إرغام إسرائيل وإلزامها بالانكفاء عن سياسة الحرب والتقتيل والتدمير والمجازر والكف نهائياً عن خطط وسيناريوهات التلاعب بأوضاع المنطقة، أو تغيير معادلات الصراع الذي تشكل القضية الفلسطينية جوهره وليس كما ادعت ليفني وقبلها رايس أن الصراع في المنطقة هو القضاء على الإرهاب..!!