تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كمال فوزي الشرابي ..عاش مهجوراً ورحل مهجوراً

آراء
الأثنين 26-1-2009م
حسين عبد الكريم

بين طرطوس وبانياس عنوان قديم جديد (الشاطىء المهجور) يستوقف الانتباه: كيف هو مهجور؟

ويشدّ الرؤى الى قراءة صفحات الزرقة، ويطالع المتأمل بين الموجة والموجة كلمات زبد وأغنيات نوارس،‏

لا تجيد النعاس أو اليقظة خارج أسرة الموج ووسائد الزّبد.‏

كمال الشرابي الشاعر والمترجم والعاشق أولاً، كان كهذا الشاطىء يصادق وحدته الكاسرة، وينتصر على القطيعة بحرصه الكبير على القراءات والكتابة وأشياء الحب أو ما يشبه الألفة ورائحة الحنين والتآلف والالتقاء والشغف.‏

كتب الكثير عن القبل واللهفة والعشق، وعاش فقيراً ومحتاجاً للقبل وأحوال العشق التي طرأت عليها متغيرات وتبدلات طقسية ومناخية جوهرية: لم يعد غيم العاشق ماطراً فوق كروم السؤال والانتظار.‏

والهمسة صارت رعداً بطراً، وأنّات المحبين صارت مقفرة مثل أغنية ارتجلها تافه وغنّاها كاذب ولحنها نصاب، فكيف تكون؟؟!‏

سنوات وجيئات وأحزان ظلّ كمال الشرابي صديق جريدة الثورة وملاحقها وأقبيتها وغرفها وجميع كادرها في التحرير والتنضيد والإخراج...‏

يتعامل مع مادته المترجمة أو قصيدته كما تتعامل النساء القديمات مع أسرارهن، وكما يتعامل هو مع عشق متروك على رفوف البال...‏

(رماني الدَّهر بالأرزاء حتى‏

فؤادي في غشاءٍ من نبال‏

فصرت إذا أصابتني نبالٌ‏

تكسَّرتِ النصال على النصال)‏

هذان البيتان قد يُعبِّران عن واقع وجعه ومآسيه الغرامية التي لاحقته حتى آخر سطر في صفحة عمره وآخر دمعة في كتاب البكاء وآخر (مرحبا) في تمتمات روحه وتحياته المصحوبة بالسكاكر والأمنيات الطيبة.‏

كعاشق متقدم لفحص شهادة ابتدائية الحب بقي يُزيِّنُ أعلى سترته بوردة العشق الحمراء، وكأنه بذلك يستعيد وعي الطفولة.. وهل هو إلا طفلٌ كبير؟؟!‏

كمال الشرابي ترجم الكثير عن الفرنسية وكان بارعاً متقناً حاذقاً في ترجماته..‏

وأصدر العديد من المجموعات الشعرية الغزلية في أغلبها..‏

في ترجماته وفي قصائده يدقق النظر تجاه كلِّ مفردة وكلِّ فاصلة وكلِّ شدِّة ومدّةٍ وسكون وضمّةٍ وكسرةٍ وجزمٍ ورفع..إنه يشبه الحطابين الحاذقين، الذين لا يودون ترك يباسٍ واحدٍ في جسد الغابة، ويشبه النُسّاج الذين يتفننون في مدِّ الخيوط ونسجها وربط فواصلها وخواتيمها بأناة ومقدرة وتفوق، حتى يخرج المنديل الى رأس الصبية كشال حسن ونبرات قصائد ومطر..‏

كمال الشرابي عاشقاً ومتعباً وشاعراً وحزيناً ومترجماً وصبوراً وإنساناً مهجوراً صادق الوحدة حتى صيّرها ألفة وتأملاتٍ وكتاباتٍ ومواعيد عشق...‏

دواوينه الشعرية تلاقينا لتقول بعده التحيات والمرحبا والضحكات والقبل..‏

وتعتذر وردة سترته الحمراء عن حضور غداء الحب والصداقة والحنين.‏

سؤال أخير: هل ودعته عيناها اللتان أذاعتا سرَّ الهوى يوم الهوى؟؟!‏

قسراً ترك لنا ضمير غيابه وحبره الشعري والعشقي والثقافي...‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية