وتكريس نهج سرقة ثروات الشعوب في القارات الخمس.
لقد غادر جورج بوش البيت الأبيض، وفي رقبته دماء ملايين من البشر، وأوصال الآلاف من شعوب المنطقة ومساحات لا تحصى من الدمار والفوضى، ومع ذلك لم يشكل هذا المشهد وقفة دولية للمساءلة وليس للمحاسبة، وقفة تقول إن العالم مسؤول وهذا ما يفترضه منطق التاريخ عن محاسبة مجرمي الحرب ومصاصي الدماء.
إنه الرئيس الذي استغل كارثة برجي التجارة العالميين الذي ذهب ضحيتهما بضعة آلاف من الأميركيين كذريعة لتنفيذ مشروعه العالمي.. ومن ثم بدأ التصنيف الذي يقول من ليس معنا فهو ضدنا بغية شحن العالم بالكراهية والبغض، واستغل عطف العالم مع كارثة البرجين ليمهد لغزو افغانستان تحت شعار القبض على ابن لادن والقضاء على القاعدة، فإذا به يترك ابن لادن والقاعدة تعود لتحتل نصف افغانستان، لقد كذب وراوغ في احتلال هذا البلد الفقير تمهيداً للإمساك بخطوط النفط المستقبلية المتدفقة من آسيا الوسطى والتحكم بمرابط المشرق الآسيوي بالغرب الأوروبي والشمال القوقازي بالجنوب الهندي الآسيوي.
وبنفس الضلالة التي مارسها مع استخباراته لغزو افغانستان أضاف ذرائع لم تنطل على أحد، فشن حرباً خاطفة واحتل العراق، بعدوان ذهب ضحيته مليون عراقي، وشرد أكثر من خمسة ملايين آخرين، ودخل العراق في مشروع التفتت والتشرذم ولا تزال الفوضى تنهبه وتأكله بمتوالية عجيبة، إنه الرئيس الذي سمح بممارسة التعذيب في أبو غريب وغوانتنامو والسجون الطائرة والعابرة للقارات فجعل سمعة الولايات المتحدة تتمرغ في وحول الاستبداد الإنساني.
هو من أعطى الضوء الأخضر للعدوان على لبنان عام 2006 وتدميره،وذهب ضحيته الآلاف من أبنائه وهو من دعم ذلك العدوان، مؤشراً ودرساً لكل من يقول لا للاستبداد الأميركي ولا للاحتلال الإسرائيلي. وبوش هو من أعطى الضوء الأخضر «لإسرائيل» لمحرقة غزة ومدها بأحدث الأسلحة المحرمة دولياً لتكون في لحظة وداعه قنبلة من عيار غير معروف لشعب آمن بأرضه وحقه في الحرية والاستقلال.
لقد غادر بوش البيت الأبيض دون أدنى مساءلة عن جرائمه الموصوفة بأنها جرائم حرب تاركاً بلاده والعالم في أسوأ كارثة مالية واجتماعية واقتصادية منذ ثمانين عاماً.
إنه الرئيس الذي اختصر كل موبقات العالم وشروره وآثامه وتقمصها وعلى العالم استخلاص الدرس والعبرة.
ومن ليس معنا فهو ضدنا لحشد العالم تحت سطوته إلى خطاب حديث للرئيس أوباما: لا يمكن للولايات المتحدة مواجهة تهديدات هذا العالم بمفردها ولايمكن للعالم أن يواجه هذه التحديات من دون الولايات المتحدة: يجب أن نقود العالم بالأفعال والقدوة الحسنة.
والفرق بين الموقفين واضح فموقف بوش كان كارثياً بكل معنى الكلمة على العالم ولعل أوباما يقصد ما يقوله وبمصداقية قليلة يستطيع أن يفكك الألغام التي زرعها بوش وراءه؟ فهل يفعل ذلك؟ إننا لمنتظرون؟
لقد غادر جورج بوش البيت الأبيض تلاحقه اللعنات وبرقبته دماء ملايين البشر، وفي وجهه حذاء الزيدي ولعل القادم الجديد يستطيع أن يتجاوز الصورة ويحسن الوضع.