هنا في هذا المكان الذي خصص ليكون سكنا لطلبة جامعاتنا ومعاهدنا القادمين لأجل التعلم من كل المحافظات السورية... حتى الطلبة الوافدين من خارج القطر... نجد صموداً يشبه التحدي الكبير لأبنية حملت الوفاء المطلق لأيام البدايات وحملت أثقال السنين وهي تتبرج في كل عام علها تحتمل المزيد ممن مشقات الزمان وضغط الطلاب.
وفي هذا السكن الجامعي الذي احتضن آلاف آلاف الطلبة على مر السنيين وكان شاهداً على صناعة الإنسان المتجدد فتخرج ( الطبيب والمهندس والاقتصادي والحقوقي وغيرهم ) من بين جدرانه الدافئة هو اليوم يستصرخ من ثقل التراكمات وتزايد الضغط فما زال المكان يقدم ما بوسعه لقاطنيه في محاولة لتحدي الترهل الكبير الذي لحق به
والسكن الجامعي عنوان يطرح بين الحين والحين مع مشكلاته وحلوله... لكننا حتى الآن لم نسجل تجديدا حقيقيا للسكن الجامعي سوى زيادة في بعض الوحدات تتبع لكلية الهندسة في الهمك وكلية الزراعة بينما استمرت الخطط الطامحة لزيادة عدد الوحدات وتعديلها وصيانتها خطط علاجية اسعافية غير مكتملة التنفيذ.
من عرف السكن الجامعي في دمشق منذ عشرين سنة .. ثم رآه اليوم لن يلاحظ ذلك الفرق الكبير ولن يجد بصمة التجديد المطلوبة والمتوقعة...
سؤال يطرح بكثير من الحسرة: أين ذهبت الخطط الخمسية الخاصة بالمدينة الجامعية والخطط السنوية التي وضعت لتطوير المكان وتوسيعه بما يتناسب مع زيادة القبول الجامعي وزيادة الطلب على السكن.. بل أين ذهبت تلك المبالغ التي كانت ترصد كل عام لخدمة السكن الجامعي وهل عدد القاطنين في المدينة الجامعية اليوم يساوي عدد القاطنين قبل عشرين عاما؟.
إذا نحن أمام تجاهل كبير لخطط التطوير التي وضعت خلال السنوات الماضية وأعلن عنها أكثر من مرة إلى أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه وأقل ما يمكن أن يقال أن الغرفة التي تتسع لسريرين هي الآن مخصصة لأربعة أسرة والغرفة التي خصصت لأربعة طلاب أو خمسة طلاب . يقبل بها عشرة طلاب .. حتى تحولت هذه الغرف إلى ملجأ للنوم فقد لا مكانا مكملا لإتمام العملية التعليمية كما خطط بالأساس لوجودها...أضف إلى ذلك مئات الطلبة الذين لم تتح لهم فرصة السكن الجامعي في واقع خلق أزمة إضافية لم تعد تنفع معها كثرة المبررات غير المنطقية رغم توفرها .