تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حين يلبس الإسرائيلي عباءة السعودي

متابعات سياسية
الأربعاء 27-5-2015
عبد الرحمن غنيم

لم نفاجأ مطلقاً بالمعلومات التي كشف عنها الخبير العسكري الأميركي غوردون دوف عن التعاون العسكري أو بالأحرى وحدة الحال بين إسرائيل ومملكة الرمال أو الضلال،

وعن قيام طائرة إسرائيلية من طراز إف 16 مموّهة بألوان سلاح الجو السعودي بإلقاء قنبلة نيوترونية على اليمن السعيد كجزء من مؤاجرة ومؤازرة إسرائيل الفعلية للتحالف السعودي الذي يشن حرباً ظالمة على شعبنا العربي في اليمن، بل تصرفها كعضو في هذا التحالف.‏

نقول إننا لم نفاجأ لأنه سبق لنا، ومن خلال جريدة « الثورة » أن كشفنا في الماضي, ولأكثر من مرة عن العلاقة القائمة بين سلاحي الجو السعودي والاسرائيلي, وعن وضع قاعدة تبوك الجوية، وهي ثاني أكبر قاعدة جوية في العالم، تحت تصرف الصهاينة، كما كشفنا عن لعبة تمويه الطائرات التي جرى التفاهم عليها بين الجانبين لتبدو الطائرات الاسرائيلية وكأنها سعودية. لقد عالجنا هذا الموضوع يوم 20 نيسان 2014، أي قبل أكثر من سنة، في مقال تحت عنوان: « ما الذي يحدث في تبوك ؟ طائرات مَنْ في سماء مَنْ ومن أجل ماذا؟». ثم عالجنا ظاهرة التحالف بين الطرفين في مقال نشر في مطلع حزيران 2014 تحت عنوان «السيناريو المسبوك وعمالة الملوك » ، وآخر يوم 30 حزيران من العام ذاته بعنوان» بعد تنفيذ المضمر بندر يظهر «. فقصة التحالف العسكري بين الصهاينة والنظام السعودي ليست جديدة.‏

إن ما هو جديد في الواقع يتمثل في أمرين :‏

أولهما – استهداف التحالف السعودي الإسرائيلي لليمن، ما يعني أن هذا التحالف يمكن أن يستهدف أي قطر عربي آخر إذا اقتضت المصلحة الإسرائيلية أو السعودية هذا الاستهداف.‏

وثانيهما – أن لجوء إسرائيل الى إلقاء قنابل نيوترونية على اليمن، ولجوء طائرات آل سعود الى إلقاء قنابل عنقودية، يمثل نوعاً من فانتازيا الطغيان التي غايتها القول إن هذا التحالف لن يتورّع عن استخدام أسلحة الدمار الشامل بما فيها الأسلحة النووية الإسرائيلية بالطبع .‏

لننتبه هنا إلى الحقيقة القائلة بأن قيام طائرات إسرائيلية مموّهة بألوان سلاح الجو السعودي باستخدام أسلحة دمار شامل أو أسلحة محرّمة دولياً يعني أن إسرائيل تقوم، وعلى طريقة تلبيس إبليس، بتحميل النظام السعودي مسؤولية استخدام تلك الأسلحة. ويبدو من الواضح تماماً أن إبليس السعودي سعيد بهذا التلبيس الذي يتيح له التظاهر بالقوة والجبروت دون أن يحسب حساب النتائج المترتبة على ذلك، أو أن له دوافعه الخفية التي تجعله يقبل هذا التلبيس طالما أنه يتم لحساب إسرائيل حصرياً !!.‏

إن الحقيقة التي يجب أن ننتبه إليها هي أن قبول النظام السعودي بهذا اللون من التدليس أو التلبيس اليهودي الذي يلبس فيه الصهيوني اليهودي عباءة السعودي ليس سوى جزء من مجموعة ممارسات تتمّ كلها لصالح الإفساد الثاني لبني إسرائيل. وهذه الممارسات هي :‏

تعبئة وتمويل وتدريب وتسليح الإرهابيين التكفيريين والمرتزقة من كل ملة وطين لاستهداف قوى الصمود والمقاومة التي تواجه العدو الصهيوني في حرب غايتها تمكين إسرائيل من التوسع بين الفرات والنيل.‏

وضع بادية الشام على اتساعها تحت تسلط الإرهابيين مع تأمين قواعد ارتكاز لهم وملاذات في تلك الأجزاء من البادية الواقعة ضمن حدود مملكة الأردن أو مملكة آل سعود، وتحويل هذه البادية إلى عبء دفاعي بدل أن يكون اتساعها ميزة إستراتيجية، وهي مسألة تتم في خدمة إسرائيل حصراً.‏

وضع جغرافية الجزيرة العربية بكاملها – وليس قاعدة تبوك الجوية فقط – في خدمة إسرائيل وسياستها العدوانية – التوسعية. وهذه هي أكبر خدمة تُقدّمُ لإسرائيل ليس فقط بهدف الإبقاء عليها ولكن أيضاً بهدف تمكينها من التوسع.‏

لنتوقف قليلاً عند هذا الجانب الثالث والأخير الذي لا ينتبه الكثيرون إلى مدى خطورته. فنحن نعرف كيف صمّم الصهاينة عام 1948 على احتلال صحراء النقب والوصول الى أم الرشراش «إيلات»، ونعرف أنهم استهدفوا بذلك أمرين :‏

الحصول على منفذ إلى البحر الأحمر.‏

والحصول على مساحة جغرافية واسعة تسمح لقواتهم بالتمركز والمناورة وخاصة في المنطقة الجنوبية بمواجهة مصر.‏

لقد باتت صحراء النقب في الفترة الراهنة أكثر خطورة وأهمية بالنسبة للعدو بحكم تطور المنظومات الصاروخية لدى محور المقاومة وقدرتها على ضرب أي موقع في الكيان الصهيوني من الشمال إلى الجنوب. وصارت مساحة فلسطين البالغة 27 ألف كم2 تمثل مشكلة جغرافية بحسابات العدو العسكرية الدفاعية منها والهجومية. وهنا هبّ حكام السعودية – لغرض ما في نفس يعقوب – لنجدة إسرائيل. فبعد أن جعلوا بادية الأعراب مسرحاً لذئاب الإرهاب بغية الحد من القدرة العربية على نشر القواعد الصاروخية فيها، قرروا وضع جغرافية الجزيرة العربية في خدمة إسرائيل جاعلين من فزاعة الخوف من إيران غطاء لهذا السلوك.‏

ما الذي يعنيه هذا الإجراء الذي يتضمن عملياً مرابطة الطيران الحربي الإسرائيلي في قواعدهم الجوية أو نشر صواريخ القبة الحديدية وغيرها من منظومات الدفاع الصاروخي في جزيرة العرب تحت إدارة ضباط إسرائيليين أو أميركيين ؟.‏

إنه يعني ببساطة أن مساحة الجغرافيا الدفاعية والهجومية المتاحة لإسرائيل والتي كانت تبلغ 27 ألف كم2 فقط، ارتفعت دفعة واحدة إلى مليونين ونصف المليون كم2، بفضل الكرم الحاتمي السعودي والخليجي. وهذا يعني أن العبء الدفاعي لمحور المقاومة في مواجهة إسرائيل سيزداد عملياً بنسبة الفارق بين الرقمين، وهو مئة ضعف !!. وهكذا تصبح رمال الجزيرة العربية وجبالها ووديانها أسلحة مجندة في خدمة إسرائيل. وفوق هذا، فإن آل سعود حين سمحوا للطائرات الإسرائيلية أن تتستر بألوان سلاح الجو السعودي وترتدي عباءة آل سعود، وأن تقصف الأشقاء في اليمن بأسلحة دمار شامل تحت هذه العباءة، يقدمون للعدو خدمة إضافية، حيث يمكنه أن يشنّ اعتداءاته منتحلاً صفتهم، وبالتالي فإن الرد على عدوانه سيوجه ضدّهم بدل أن يوجّه ضده !! فكأنهم بهذا يفدون اليهود الصهاينة بأرواح المواطنين في مملكتهم وبتعريض منشآتهم للتدمير بدلاً من تعريض منشآته للتدمير.‏

من المؤكد أن العدو الصهيوني ما كان ليحلم بمثل هذه الخدمات المجانية لكيانه لو كان جيرانه على جغرافية الجزيرة العربية هم الأمريكان أو الانجليز أو الفرنسيون لأن دعم طرف لطرف لا يمكن أن يصل إلى الحد الذي بلغه كرم الأعراب. فهل أراد الحكام الأعراب أن يثبتوا للحكام الأغراب أنهم أشد تعلقاً بالدولة اليهودية الصهيونية وحرصاً عليها منهم ؟.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية