تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أهداف الغرب من دعم الإرهاب

متابعات سياسية
الأربعاء 27-5-2015
عبد الحليم سعود

مع التسخين والتصعيد الكبير الذي تشهده مختلف جبهات الصراع والمواجهة في المنطقة مع الإرهاب وتنظيماته المأجورة والمدعومة من قبل الغرب وحكوماته الاستعمارية كما هو الحال في سورية والعراق ولبنان،

والحرب التي يشنها تحالف ممالك الرمال ومشيخات النفط المحسوبة على واشنطن ضد الشعب اليمني، يبقى السؤال المهم ماذا يريد الغرب من المنطقة في ذروة انغماسه وتورطه في هذه الفوضى المدمرة التي تجتاح دولها، وكيف سيتمكن من حماية مصالحه وأطماعه على المدى البعيد إذا ما تمكنت هذه الفوضى المظلمة من إكمال حلقاتها الهستيرية والوصول إلى نهاياتها المأساوية ..؟!‏

لعل أفضل مدخل للإجابة عن هذا السؤال المتشعب هو استحضار المشهد الأفغاني وتطورات الأحداث في هذا البلد الفقير، فأفغانستان كانت تحاول الخروج من أزماتها الداخلية والتحول نحو الدولة الحقيقية إلى أن قام الغرب بزعزعة أمنها واستقرارها من بوابة صراعه مع الاتحاد السوفييتي وحربه الباردة مع المعسكر الشيوعي آنذاك، معتمداً في ذلك على أموال وأحقاد وجهالات وتبعية المشيخات سيئة الذكر ومنتسبي التيار التكفيري الخارج من عباءة الوهابية السعودية التي أنتجت تنظيم القاعدة الإرهابي وساهمت بإنتاج حركة طالبان الأفغانية.‏

فبعد إسقاط حكومة نجيب الله وإعدامه في العام 1996 وسيطرة حركة طالبان المتطرفة بمساعدة الأفغان العرب ـ تنظيم القاعدة حاليا ـ على هذا البلد تحول إلى معقل أساسي ورئيسي للإرهاب الذي يلبس عباءة الإسلام، ومنه انطلقت شراذم الإرهابيين التكفيريين في اتجاهات مختلفة لتعميم التجربة الأفغانية، تحت مبررات وذرائع غب الطلب، فسقط الصومال وبلدان أفريقية أخرى تحت وطأة هذا الفكر المتطرف، ولم تقتصر شظاياه على هذه المنطقة بل طالت مناطق أخرى وتلظت عواصم ومدن أوروبية وأميركية بنيرانه، وكانت ذروة التصعيد خلال أحداث 11 أيلول عام 2001 وما تلاها.‏

وطيلة الفترة الفاصلة بين 2001 و2011 كانت واشنطن زعيمة ما يسمى «العالم الحر والمتحضر» كما يحلو لبعض الأبواق المأجورة أن تلقبها تستعد لإدخال منطقة الشرق الأوسط في فوضى، أطلقت عليها وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك كوندا ليزا رايس اسم الفوضى الخلاقة، وقد تحقق لها الشق الأول من التسمية أي «الفوضى» عبر ما بات يعرف اليوم بالربيع العربي.‏

بعد الارتداد الأول لظاهرة الإرهاب التكفيري باتجاه الغرب وحدوث اعتداءات إرهابية دامية في عدد من العواصم الغربية، ارتأى قادة الغرب وحكوماته أن ينقلوا هذا الإرهاب وجماعاته إلى منطقة الشرق الأوسط مجدداً من أجل ترويض أو إضعاف أو تدمير الدول الخارجة عن إطار هيمنتهم ومشيئتهم كهدف أول وإنشاء كيانات ومشيخات جديدة وفق النمط الخليجي إياه كهدف ثان، فاحتلت واشنطن وحلفاؤها العراق ونقلت إليه تنظيم القاعدة ليكون مبضع التقسيم والتفتيت والمنافس الاستراتيجي في الإرهاب للكيان الصهيوني والنواة الحالية لتنظيم داعش الذي يروع المنطقة والعالم وبقية التنظيمات التكفيرية التي تحمل أسماء متعددة وتنتهج نفس الأساليب الإجرامية، أما الهدف الثالث فهو إفراغ دول الغرب من هؤلاء القتلة الذين يشكلون قنابل موقوتة داخل مجتمعاته، في حين تمثل الهدف الرابع باستخدام هؤلاء الإرهابيين كذريعة لإعادة الاحتلال والهيمنة والتدخل في شؤون المنطقة ومنع عودة هؤلاء مجدداً إلى أرض المنشأ.‏

فإذا نجح الإرهاب في احتلال مناطق مهمة وجغرافيا واسعة تسمح له بتنفيذ مشروعه كما يحاول أن يفعل تنظيم داعش عبر تمدده بين العراق وسورية ومناطق أخرى وتنظيمات أخرى، فإن خطره سيتعاظم أكثر فأكثر على المصالح الغربية مع محاولة الارهابيين الحصول على مصادر التمويل والثروة، وعندها ستكون مشيخات النفط في رأس أولوياتهم، بحكم توفر البيئة الحاضنة لهذا الفكر الشاذ ووجود إمكانات هائلة من الغاز والنفط تديرها حكومات حمقاء لا تعرف كيف تدير مصالحها ومصالح شعوبها، وهناك يبرز سؤال مهم: ما هي مصلحة آل سعود في تدمير اليمن وقتل شعبه إذا كان البديل عن الدولة والجيش والمؤسسات هناك هو تنظيمات إرهابية ظلامية كالقاعدة وداعش، فهل يتوقع حكام السعودية أن يكتفي الإرهابيون ببلد فقير ومدمر بينما آبار النفط والغاز والثروات على مرمى نيران بنادقهم..؟!‏

يوهم الغرب نفسه بأن دعمه للإرهاب يمكن أن يخضع شعوب المنطقة لمشيئته، ويسهم في تحقيق وتأمين وحماية مصالحه، لكن الأكيد أن هذه الشعوب وبسبب ما عانته وتعانيه من تصدير الإرهاب إليها ستتجه في صداقاتها وفي تعاونها وتعاملاتها إلى الدول التي لم تتلطخ أيديها بدعم الإرهاب مثل روسيا والصين ومجموعة بريكس وغيرها من الدول الساعية لحل الأزمات بالدبلوماسية والحوار وهذا ثمن آخر سيدفعه الغرب.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية