ودفعت الحكومة النيجيرية بتعزيزات ضخمة من قوات الشرطة ومكافحة الشغب إلى الولاية التى كانت أعمال العنف قد تصاعدت فيها فى مثل هذا الوقت من العام الماضي وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى.
وذكرت الشرطة النيجيرية أن أربعة من قواتها قتلوا فى المواجهات مع جماعة « بوكو حرام » الاسلامية المتشددة فى ولاية باوتشي شمال البلاد حيث تجري حاليا محاكمة 170 من عناصر الجماعة التي تعرف باسم «طالبان نيجيريا» بتهمة الانتماء إلى تنظيمات متطرفة تستهدف التخريب وإثارة العنف.
كانت الولاية نفسها مسرحا لمواجهات مماثلة فى تموز الماضي مع عناصر حركة بوكو حرام والتي انتهت آنذاك بمقتل زعيمها محمدو يوسف .
ويرى مراقبون أن بروز هذه الجماعة جاء في سياق الانقسامات التي نشأت مع مطالبة بعض الولايات النيجيرية بتطبيق الشريعة الاسلامية، وهي خلافات عمدت بعض وسائل الاعلام الغربية الى تضخيمها.
وتتكون نيجيريا من تسع عشرة ولاية شمالية ذات أغلبية مسلمة، وست عشرة ولاية جنوبية ذات أغلبية مسيحيّة، حسب الإحصاءات الرسميّة إضافة إلى ولاية العاصمة الفيدرالية. وقد بادرت أربع عشرة ولاية شمالية بعرض «مشروع» لتطبيق الشريعة على البرلمانات، وفي الجنوب تقدمت ولايتا أويو وكوارا بمشاريع تطبيق الشريعة إلى برلماناتها، وهما من الولايات ذات الأغلبية المسلمة من قبائل اليوربا، وقد أقرت حوالي عشر ولايات تطبيق الشريعة الإسلامية.
وتختلف ولايات الشمال عن ولايات الجنوب في هذه القضية من الناحية الجغرافية ً، حيث الجنوب هو منطقة غنية بالنفط، والشمال مناطق زراعية ورعوية ممتازة، وهو غني جداً بالمعادن، وبعض المنتجات الزراعية. كما أن قبائل الجنوب ذات أغلبية مسيحية ووثنية، وتنتمي إلى مجموعة كبيرة من القبائل ، أشهرها قبيلة الإيبو التي خاضت ضد الشماليين حرب بيافرا الأهلية التي حسمت لصالح الشماليين، ومن القبائل الجنوبية الكبيرة قبيلة اليوربا ذات الأغلبية المسلمة، والشماليون يتميّزون بأنهم من قبائل مسلمة مثل قبيلة الهوسا والفولاني الكانوري وبعض القبائل العربية.
من الناحية الاقتصادية، تتركز رؤوس الأموال والثقل العسكري في الشمال، بينما تتموضع آبار النفط في الجنوب.
ويرى المراقبون أن هذه الفوارق بين الشمال والجنوب لها الدور الرئيسي في هذه الخلاف الذي هو في حقيقته صدى للصراع القبلي القديم. يضاف الى ذلك، وجود جهات خارجية غربية، كما أكدت شخصيات نيجيرية وطنية عقب أحداث كادونا عام 2000 ، كان لها دور تحريضي في هذه الأحداث العنيفة .
وفي هذا السياق، فان وسائل الإعلام الغربية ضخمت موقف المسيحيين من تطبيق الشريعة الإسلامية، فالاعتراض في الواقع كان من نسبة قليلة تركز في ولايات الإيبو المسيحية، لكنه لا يمثل كل المسيحيين ، الذين بات يطالب بعضهم بحقوق خاصة في النفط الموجود في ولايتهم، مقابل تطبيق الشريعة. ويرى المراقبون أنه مهما كانت التبريرات التاريخية فإن الصراع يتعلق في واقع الأمر بندرة الموارد الاقتصادية. ورغم الثراء النفطي الضخم للبلاد، لم يواكب الاقتصاد حركة النمو السكاني الذي تضخم كثيرا خلال العقود الماضية, وصار النيجيريون يزدادون فقرا مع مرور السنين.
اضافة الى إخفاق الدولة في توفير التعليم المناسب للسكان, الأمر الذي ولد خيبة أمل وغضبا بين الشباب العاطل عن العمل الذي يسكن المناطق الحضرية. وهؤلاء الشباب هم الفئة التي يستهدفها الزعماء السياسيون والدينيون للحصول على الدعم.