تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


فكُّ حصار غزة ..

الديلي تلغراف.. بقلم :كريس باتن
ترجمة
الخميس 31-12-2009
ترجمة : ريما الرفاعي

ينبغي على الحكومة البريطانية والاتحاد الاوروبي تحمل مسؤلياتهما ومساعدة قرابة مليون ونصف المليون فلسطيني محاصرين في قطاع غزة

ومع حلول الذكرى الاولى لعملية الرصاص المصهور التي قامت بها اسرائيل في القطاع، نرى مدن جنوب اسرائيل مزدهرة اقتصاديا حيث تنشط حركة البيع والشراء العقاري وبناء المراكز التجارية الكبيرة، بينما في الطرف الاخر لا يزال الدمار قائما والعائلات المشردة تعيش في العراء بجانب انقاض منازلها المدمرة في الشتاء القارس. وهذا الوضع المتردي ما هو إلا نتيجة السياسات الاسرائيلية تجاه القطاع وليس بسبب رفض العالم تقديم المساعدات. ان سياسات اسرائيل ازاء القطاع جعلت بناء آلاف المنازل والمدارس والمشافي امر مستحيل. ويشير تقرير صدر مؤخرا عن وكالات ومنظمات انسانية بما فيها منظمة المساعدة المسيحية والمساعدة الطبية للفلسطينيين واوكسفام الدولية الى نتائج هذه السياسة الجائرة، حيث لم تسمح اسرائيل منذ انتهاء عمليتها العسكرية إلا لـ41 شاحنة محملة بمواد البناء بدخول القطاع. وتشير هذه المنظمات في تقريرها الى ان القطاع يحتاج الى آلاف الشاحنات المحملة بمواد البناء من اجل اعادة الاعمار بسبب حجم الدمار الكبير. ونقص البناء هو واحد من المشكلات القائمة فقط ، فإغلاق القطاع على ما يقرب من مليون ونصف المليون شخص لاكثر من عامين ولد احتياجات انسانية كبيرة غير متناهية سواء على صعيد الحياة اليومية ام الوضع الصحي، باعتبار أن الاغلاق يعني منع او تأجيل دخول الوقود والبضائع التجارية والمساعدات الانسانية .‏

وعلى سبيل المثال ، مشكلة الكهرباء،حيث قصفت اسرائيل جزءا من شبكة الكهرباءخلال الحملة العسكرية، وهي بحاجة الى اعمال اصلاح ملحة وفورية، فضلا عن استمرار القيود الاسرائيلية على تزويد القطاع بالوقود الصناعي، ما يعني ان 90 % من سكان غزة يعانون من انقطاع مستمر للكهرباء يتراوح من 4 الى 8 ساعات يوميا. وغالبا ما يدفع المواطن العادي وحده ثمن هذه السياسات الاسرائيليه. ورغم أن المجتمع الدولي قد قدم أربعة مليارات دولار من اجل إعادة الإعمار، الا انه من الواضح ان الاغلاق لم يسمح إلا بانفاق مبلغ بسيط من هذا المبلغ، حيث لا تسمح اسرائيل عبر معابرها سوى بمرور 35 مادة الى القطاع تعتقد انها ضرورية مع ان الانسان يحتاج الى الاف المواد في حياته العادية، وطبعا مواد البناء تعتبر من وجهة نظر اسرائيل من المواد غير الضرورية رغم برودة هذا الشتاء. ويصف رئيس وكالة اغاثة وتشغيل اللاجئيين الانروا في غزة جون غينغ اغلاق القطاع بإنه حصار يمهد الطريق امام تدمير وتخريب مجتمع متحضر . وقد نشر الاتحاد الاوروبي مؤخرا بيانا يدعو لحل مشكلة القطاع ،ويصف الوضع الحالي بانه غير مقبول ابدا . وحث بشكل خاص على تطبيق الاتفاقيات الموقعة عام 2005 حول حرية الحركة والوصول. ولقد حان الوقت للاتحاد الاوربي كي يضغط على اسرائيل لكونها الشريك التجاري الاكبر للاتحاد من أجل إنهاء حصار القطاع . يجب على اوروبا تبني مبادئ القانون الدولي فيما يتعلق بغزة، ويجب الا ننسى ابدا ان العدوان الاسرائيلي على غزة كان من جانب قوة محتلة لشعب محتل فلا مجال للنسبية الاخلاقية في قضايا القانون الدولي الانساني . وبما ان اسرائيل ما زالت القوة المحتلة لذا يجب عليها تحمل المسؤولية وتوفير الاحتياجات الاساسية لسكان القطاع وهذا الامر منصوص عليه في البند الرابع من اتفاقية جنيف، واستمرار اسرائيل في حصارها يمثل انتهاكا كبيرا للحقوق الاساسية للفلسطينيين . ويجب تذكير المانحين الدوليين بأن هذه الاموال التي تأتي من فرض الضرائب بسبب الاحتلال والحصار قد ارتفعت كثيرا. ففي العام الماضي تحديدا ارتفعت التكلفة بالنسبة لدول الاتحاد الاوروبي واحد بليون يورو . والضرائب الاوروبية تساعد في بناء المدارس والمشافي وإعادة بناء هذه المنشآت الخدمية في المقام الاول، وبسبب الحصار فقد بات 80 % من سكان القطاع يعتمدون كليا على المساعدات الدولية .‏

وفي كانون الثاني الماضي ،كتبت مقالا تساءلت فيه عما اذا كانت ادارة اوباما ستضغط على اسرائيل من أجل وقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية. لكن وبالرغم من الخطاب الممتاز الذي ألقاه اوباما في القاهرة، لم يحدث أي شي مما قاله على ارض الواقع وربما يبرر ذلك بسبب افغانستان والسياسات الداخلية. لذا ينبغي على الاتحاد الاوروبي ان ياخذ دوره وخاصة بعد أن تعلمت دول الاتحاد درسا اثر مؤتمر كوبنهاغن مفاده ضرورة ان تعمل معا بشكل فعال ومؤثر على الصعيد الدولي. وآمل من السيدة اشتون الممثل الاعلى الجديد للسياسة الخارجية والامنية للاتحاد ان تعترف بأن الحرمان الذي يعانيه سكان غزة يمثل تحدياً كبيراً للاتحاد، ويرتب عليه القيام بدور مهم في مساعدتهم من اجل إعادة بناء حياتهم المدمرة. واذا كانت 40 شاحنة بناء فقط دخلت القطاع العام المنصرم، وأربعين اخرى ستدخل في العام الجديد، فإن عملية اعادة اعمار القطاع سوف تحتاج الى قرون حتى تكتمل.‏

الآن وبعد عام من العدوان، يجب على دول الاتحاد ابلاغ اسرائيل صراحة بوجوب انهاء الحصار. ويجب أن تترافق الكلمات مع تحركات دبلوماسية مؤثرة وفعالة، لأن الاخفاق في ذلك يعني خذلاناً للعائلات التي ما زالت تعيش في العراء عند انقاض منازلها بينما شاحنات مواد البناء تقف على بعد اميال من القطاع. واضافة الى الشقاء والأسى اليومي، فإن استمرار الحصار وعدم التدخل يولد المرارة ويقوي محفزات الصراع في المستقبل .‏

***‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية