تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كرامات الأجداد

صفحة ساخرة
الخميس 31-12-2009
يحكى أن مغني المدينة قد وافته منيته ونظراً لمقامه العالي فقد تواجد في منزله يوم الوفاة مجموعة كبيرة من رجال الدين والشخصيات المهمة من البلدة وخارجها وكما تقتضي التقاليد والعادات

في ذاك الزمن فقد حفل منزل المرحوم بتلك الشخصيات لمدة ثلاثة أيام بلياليها ضيوفاً أعزاء على الرحب والسعة فالبيوت آنذاك كانت عربية الطراز ذات سعة ورحابة وفي السهرة يتسامر القوم في أمور الفقه والدين وشتى الأحاديث.‏

في الليلة الأولى للوفاة تجمع في القاعة الكبيرة جميع الضيوف المقيمين، إضافة إلى بعض الوجهاء من أهل العلم من مدينة الفقيد، والحديث يدور في شتى الموضوعات وخصوصاً مناقب الفقيد، وهنا قال أحد الحاضرين مخاطباً مفتي إحدى المدن:‏

- يا مولانا سمعنا أن جدكم المفتي فلان أفندي رحمه الله كان من أهل الكرامات فهلاّ حدثتمونا عن شيء من كراماته؟ أجابه الرجل متواضعاً: والله هي أشياء بسيطة، وقد كان رحمه الله تقياً، لكن الحضور أصرّوا على سماع شيء من كرامات الجد الفاضل وهنا بتواضع شديد قال:‏

- يقال إن جدنا المفتي فلان أفندي رحمه الله وقت وافته المنية وقدم على المغتسل سقطت وزرته فقام من ميتته وأعاد الوزرة لستر عورته ثم رجع فمات، وهنا صاح الجميع: ما شاء الله.. ما شاء الله.‏

حين خفت الضجة وانتهت الدهشة تطلع أحد الحضور إلى مفتي مدينة أخرى طالباً منه أن يسرد بعضاً من كرامات جده فلان أفندي المفتي، فلقد تناهى إلى الأسماع أيضاً بعض من كرامات ذاك الرجل الجليل، وهنا حاول الرجل أيضاً التملص بتواضع من أن يذكر شيئاً لكن البعض قال: ياسيدي إنما نريد أن نقطع الليل، ونتزود من مواعظ هؤلاء الأفاضل رحمهم الله.‏

امتثل الرجل وبدأ يسرد حكاية عن كرامة لجده قائلاً: عندما وافت المنية جدنا المفتي فلان أفندي رحمه الله وقدم للمغتسل عطس أحد الحاضرين فقام جدنا من ميتته وشمّته أي قال له يرحمكم الله ثم عاد وأكمل ميتته، وأيضاً أخذت الدهشة الحضور على مأخذ فتعالت الأصوات: ما شاء الله .. ما شاء الله.‏

كان صبّاب القهوة المرة يراقب الوضع، ولعل النشوة قد أخذته واشتعل خياله فتقدم من كبيرهم وقال له: سيدي وأنا كمان جدي له كرامات - فاستغرب الجمع أن يكون لصَّباب القهوة جد له كرامات، لكن كبير القوم قال له: لا بأس يا بني يضع الله سره في أبسط خلقه، هات حدثنا عن إحدى كرامات جدك.‏

فأخذ صبّاب القهوة المرة يروي بالعامية وبالفصحى مقلداً إياهم: عندما مات جدي صارت جدتي تولول وتصيح: وين تركتنا يا أبو فلان؟ فقام جدي من الموت وصرخ فيها: يا بنت الكلب... إنتي موتيني طقيق، وهلق عم تولولي وتندبي علي؟ ثم رجع فمات.‏

ما كان من الحاضرين إلا أن صرخوا به: اخرس ولك، أدب مافي، أدب سيس فقال لهم: ليش سيدي كلكم ما شاء الله، ما شاء الله وأنا وحدي أدب سيس؟ ما كلها كرامات.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية