وثمة تخوف من انه اذا لم تتمكن السياسات المالية والضريبية من اعادة توزيع افضل للدخل فان الاوضاع المعيشية والاقتصادية ستتضخم خلال العام المقبل اكثر من ذلك.
ويشير الاقتصاديون الى ان عام 2010عام مثقل بالملفات الصعبة بدءا من معالجة الخلل الهيكلي المتمثل في وضعية القطاع العام مرورا بموضوع الدعم و البطالة وصولا الى التضخم فكيف يحدد الخبراء الاولويات التي يجب معالجتها في العام الجديد؟
جرعة تفاؤل
على الرغم من الارتفاع بالمداخيل وتصحيح بعض مؤشرات الاقتصاد الكلي لا يتوقع الاقتصاديون ان يتمكن عام 2010 من ايجاد الحلول الناجعة لعدد من المشكلات المستعصية وفي طليعتها التحدي المتمثل في كيفية توفير الموارد العامة للخزينة جراء تراجع عائدات النفط وتخفيض الضرائب وتأمين الاستحقاقات الاقتصادية اضافة الى معالجة مشكلة الغلاء وارتفاع الاسعار التي ستؤدي مع الكساد الموجود الى نوع من الركود التضخمي والى تفاقم في سوء توزيع الدخل هناك ايضا تحدي البطالة الذي يعد من ابرز المشكلات التي ستواجه العام الجديد مع عدم وضوح الرؤى التي يمكن ان تخلق حالة من التوازن بين فرص العمل وعدد القادمين الى سوق العمل.
ورغم ان معدلات النمو الاقتصادي لم تكن كافية خلال عملية الاصلاح غير انها لم تنخفض وهو ما يعتبره المراقبون انجازا ايجابيا اذ تمكن الاقتصاد من تجنب حدوث انخفاض في مستوى الدخل وتحقيق بعض الاصلاحات الهيكلية والاقتصادية وما يحتاج اليه الان هو رفع معدلات النمو بقدر التحديات الكبيرة والتي تتمثل في مواجهة البطالة والعمالة فهناك تحول بنيوي هيكلي حقيقي في الاقتصاد السوري بحسب وزير الاقتصاد د. عامر لطفي يعطي مؤشرا ايجابيا على تملك سورية ادوات اضافية جديدة لمعالجة الخلل والصعوبات التي يلقاها الاقتصاد في فترته الانتقالية اذا ما استمر في اعادة هيكلة ذاته من خلال الاندماج التدريجي بالاقتصاد العالمي والتأكيد على قوة القطاع السلعي والمتابعة في الشأن الخدمي وتطوير قطاع السياحة.
واوضح د. لطفي في تصريح للثورة( ان معدلات النمو انعكست على حياة المواطنين ولو لم تكن بدرجة كبيرة ، واكبر دليل على ذلك تحقيق زيادة حقيقية في مستوى الدخل منذ عام 2000 مشيرا انه كلما ازداد معدل النمو الاقتصادي كلما كبر الناتج الاجمالي المحلي وكلما توجب على الدولة ان تجري اعادة افضل لتوزيع الدخل على المواطنين من خلال سياسات مالية وضريبية ونقدية.
أولى الأولويات
ثمة مشكلات اساسية تطفو على اجندة العام المقبل يمكن حصرها بثلاث هي قضايا الغلاء و ضعف القوة الشرائية واعادة توزيع الدخل فقضية الغلاء وارتفاع الاسعار باسبابها الداخلية والخارجية بتنا بحاجة للحد منها وليس معالجتها .
وثمة تخوف خلال عام 2010 ان يؤدي الغلاء مع الكساد الموجود الى تفاقم سوء توزيع الدخل وهو ما يستدعي اتخاذ اجراءات لاعادة توزيع الدخل خصوصا وانه تم تخفيض الضرائب على المشروعات والدخل الناتج عن الملكية في الوقت الذي مازالت الضرائب على الدخل مرتفعة.
ويرى وزير النفط الاسبق د. مطانيوس حبيب ان على الحكومة العام المقبل معالجة سوء توزيع الدخل بسرعة حتى لا يواجه الاقتصاد مشكلة تصريف الانتاج باعتبار ان ارتفاع حجم الاستثمار في سوق داخلية ضيقة نتيجة سوء التوزيع سيؤدي الى الركود الاقتصادي لافتا الى ان سورية تحتاج الى 600 مليار ليرة استثمارات سنوية في اقتصاد ناتجه القومي لا يتجاوز 25 مليار دولار.
أجندة واضحة
قد يتفق المراقبون على ان اهم الاستحقاقات المطروحة امام العام الحالي في صدور اجندة اقتصادية وادارية تتضمن معالجة القضايا الاقتصادية عبر سياسات ومواقف وبرامج محددة وواضحة تجاه العديد من القضايا التي يأتي في مقدمتها اجراء الاصلاح الاقتصادي والاداري خصوصا في ظل استحقاق الاتفاقيات الاقتصادية الجديدة.
ويرى الخبير الاقتصادي د. منير الحمش ان اولى هذه الاستحقاقات هي رفع القدرة التنافسية للمنتجات الصناعية في القطاعين العام والخاص الامر الذي يتطلب اجراء اصلاحات حقيقية على اداء المؤسسات الحمش يزعم ان هذا الاستحقاق يجب ان يكون عنوانا للنهج الاقتصادي والانتاجي فالمنتجات العربية والاجنبية تقتحم اسواقنا.