كونها توجهه إلى السياق الحياتي السليم بامتياز وفي كل الاتجاهات فكيف يرى شبابنا هذه المعادلة وهل يمكنهم الوصول إلى التمييز بين الخطأ والصواب بأريحية أم إن هناك مطبات كثيرة يعيشونها في هذا السياق وهل كل تلك المؤثرات تتناقض مع بعضها البعض كي تشكل مساحة مربكة يصعب فيها الوصول من قبل الشباب إلى التمييز الناجح.
الآراء الشبابية التالية تؤكد هذا الجانب مثلاً/ الشاب أحمد سعود/ /ثانوية عامة/ يقول: أتعلم التمييز بين الصح والخطأ من الأهل والمحيط والتجارب التي نعيشها ويعيشها الآخرون وأحياناً من التلفزيون وأحياناً من تجارب الأصدقاء وباعتقادي أي تصرف يؤذي الآخرين هو عمل سيىء لكن في أحيان كثيرة تكون المبالغة والتركيز والتنبيه الدائم من قبل الأهل كما المحيط حول كل فعل يجعلني أشعر في أحيان كثيرة بأن تلك النصائح والاشارات إلى الصح أو الخطأ كأنها عبء بدلاً من حضورها كضرورة إنسانية إن صح القول لأن الضغوط الكثيرة وتحت عنوان تعليمي يجعلني لا إرادياً أشعر بالملل والنفور من كل تلك النصائح التي تأتيني كالمطر لا تفعل ذلك وافعل كذا وكذا ودوماً وفي كل ما أقوم به، أدرس كثيراً ولا تذهب إلى عند فلان لأنه سيىء، لا تلعب رياضة كل هذا الوقت.. رغم أنه لو عدت إلى نفسي بأريحية قد أختار ما هو صحيح دون كل تلك الاملاءات الهائلة وبرأيي آلية الفرض المستمرة تجعلني متخبطاً في التمييز رغم نزوعي إلى الفعل الجيد في أحيان كثيرة لأن الانسان لابد أن يتعلم من تصرفات الآخرين ولدي عقل أفكر فيه لكن دون كل هذه المراقبة الدائمة والضاغطة التي تنذرني بالخطر دون مبرر.
أما الشاب سامي ذياب جامعي يقول: أنا مقتنع بأن محيطي يريدني إنساناً يحمل السلوكيات الرائعة لكن برأيي غياب الوسيلة المقنعة والتي تحقق الانسجام بين ما نريده كجيل جديد يفكر بطريقة جديدة ويتأثر بالمتغيرات وبين ما يفرضونه علينا تحت عنوان الخوف من الانحراف والخوف على قيمنا الأخلاقية فالآخرون لا يقبلون متطلباتناواحتياجاتنا، كشباب نحب التجديد والتعرف على أشياء مختلفة عما نعيشها ونحب المغامرة والاحساس بالذات والاستقلالية، مثلاً أحب الخروج في مشاوير مع الأصدقاء، أحب الرحلات البعيدة، أرغب بالخروج بآلية تغيب فيها كل تلك الحواجز، أتمنى اختيار الأصدقاء بعيداً عن تدخل الأهل الذين يتدخلون في كل تفصيل فيكون ردي التمرد والقيام بما أرغبه دون اتباع أي نصيحة يقدمونها، وهذا كله يؤثر على مقدرتي الحقيقية في التمييز، فالأسلوب القسري لا يمكنه أن يوجهني إلى الطريق الصحيح أو الاحساس الدقيق بتبعات المشكلة المحتملة الحدوث معي لذلك تمييزي بين الصح والخطأ تعثر نتيجة الضغوط المستمرة، فالأسلوب والعلاقة الجيدة بين الأهل والأبناء يساعدني على التصرف بأريحية أنا وغيري فضروري أن يتقبل الأهل دوافعنا كشباب نحب التغيير والمعايشة لعالم جديد يختلف ونرى أنفسنا فيه ولو نسبياً وتقبل ما نريده غائباً عن حياتنا بدافع التربية والخوف.
أما الشابة سراب حمودة خريجة جامعية تقول: التمييز بين الصواب والخطأ عندنا كشباب محكوم دوماً بمقولة /ع عيون العالم/ والعادات والتقاليد، صحيح أن هذه الحالة
تعلم الشاب التقيد بقواعد سلوكية جيدة لكن يصل الأمر في كثير من الأحيان إلى درجات تكون فيها هي الأهم على حساب قيمة الفعل الجيد الحقيقي لأن التمسك به هنا مرده الخوف من الآخرين لذلك لا ندرك أهمية قيمة ذلك الفعل من جهة ومن جهة أخرى تصبح تلك العادات حارساً قاسياً رغم أننا لا نطلب الكثير, وقد تكون سلوكياتنا كشباب متعلمين ندرك التمييز بين الصح والخطأ جيداً، بشكل روتيني لكن تقرها أيضاً العادات، بصراحة في أحيان كثيرة إن كان لدي رغبة بحضور ندوة ثقافية في أحد المراكز مساءً يفرض علي أن أحسب قضية خروجي إن كنت أريد الالتزام بالعادات لذلك فالتمييز بين الخطأ والصواب تتدخل فيه معطيات كثيرة وضغوط ومتطلبات شخصية كشاب له نشاطه وحيويته الخاصة والمفترض الأخذ بيده لا أن تتكبل في كل حركة تحت عنوان العيب ولا يخفى على أحد إن عبر أحد الشباب عن رأيه بصراحة في أمر ما قد يعتبر من قبل الآخرين قلة احترام وغيرها من القيود الكثيرة المشابهة.
من هنا التمييز بين الصح والخطأ عند الشباب بوجه خاص ليس بحالة مجردة تأخذ مسارها الصحيح بشكل اعتيادي إنما هي مساحة مربكة له رغم أنه من المتعارف عليه أن القسر الاجتماعي من شأنه أن يجرد الفرد من أي مبادرة حرة خلاقة ويتحول بها إلى دمية يحركها المجتمع إذ يتماهى مع المجموع وإن كان الأخير يقدم للفرد مضمون القواعد الأخلاقية، وقد أجمعت الدراسات الاجتماعية وآراء خبراء اجتماعيين ونفسيين على أن الحياة الأخلاقية في جوهرها هي حياة إنسانية تقوم على التفاعل والتأثير المتبادل بين الفرد والمجتمع.