وهذا لا يقتصر على بيئة محددة أو مدينة أو محافظة بعينها بل أصبحنا نرى خلال السنوات الأخيرة حالة المناخ الإيجابي الذي عاشته سورية على صعيد الرعاية والاجتهاد والتفوق هذه المفردة التي دخلت في سباق حقيقي بين الطلبة والمدارس وحتى الأسر.
لدرجة أن الحديث عن التفوق بدأ يبحث عن عناوين أهمها:كيف يمكننا تعميم ثقافة التفوق كهدف وطني بعد أن حظي هذا الجانب برعاية مباشرة واهتمام بالغين من قبل السيد الرئيس بشار الأسد والسيدة عقيلته في أكثر من مناسبة ، ففي كل عام هناك لحظة انتظار لهذا اليوم الذي يجري فيه اللقاء مع سيد الوطن، ما ولد حالة استثنائية عند الكثير من شبابنا وأبنائنا الطلاب وأسرهم للفوز بهذا الشرف الذي كاد أن يدخل جميع البيوت دون مبالغة حيث يحسب له ألف حساب، وهو مثار نقاش دائم على مدار العام لأن عدة التفوق وأسلحتها يحضر لها قبل بدء العام وبعد انتهائه حتى؟ وهذا ما أشار إليه عدد كبير من المتفوقين لهذا العام حيث مازلنا نحتفل بأخبار تكريمهم من السيدة أسماء الأسد والبالغ عددهم 46 طالباً وطالبة مع ذويهم من مختلف المحافظات الذين حصلوا على المجموع الكامل من الدرجات في التعليم الأساسي، حيث أكدت السيدة أسماء أنه بعد إرساء التفوق المنهجي والمعرفي في السنوات الأخيرة بدأ التطلع نحو المتميزين في مجالات اختصاصاتهم ونتيجة لذلك فإن زيادة أعداد المتفوقين خلال السنوات الماضية قد فتح أبواب المنافسة للتميز في مراحل دراستهم وأعمالهم المختلفة.
الإعلام يضيء الصورة
ولعل الأبرز والمهم في هذا الجانب هو كيفية تعاطي الإعلام الوطني بكل أشكاله وقنواته من خاصة وعامة مع طلابنا وشبابنا فهو سجل بلا منازع رقماً لا بأس به من البرامج المرئية الإذاعية والمقالات المطبوعة وعلى مدار العام وإن كان أغزرها قبل بدء الامتحانات العامة وبعد صدور النتائج ومن ثم المفاضلة واختيار المستقبل ما جعل من معادلة الطالب والأسرة والمجتمع بمؤسساته التربوية والتعليمية المعنية تسجل حالة انسجام وتكامل وتعاون استطاعت أن تبعد الكثير من الثغرات والصعوبات التي تظهر بين الحين والآخر، وكان للإعلام دور مهم في تسليط الضوء عليها لمساعدة المعنيين في حلها ما جعل الحضور واضحاً وبارزاً لأساتذة الجامعات السورية من كلية التربية وعلم الاجتماع والنفس وغيرها وهذا ما قدمته الفضائية السورية أكثر من مرة وكذلك الصحف الرسمية ومن ضمنها جريدة الثورة من خلال صفحاتها الإخبارية والتخصصية.
وفي هذا الجانب تؤكد الدكتورة مها زحلوق من كلية التربية جامعة دمشق في توضيحها لأحد الأسئلة فيما إذا كان التفوق أصبح علماً تطبيقياً له منهجياته بحدذاته فكان جوابها بأن صناعة التفوق مسألة مهمة جداً يمكن صناعته، لكن مع مراعاة الفروق الفردية إضافة إلى منهجيات البحث العلمي وتحديد المصطلح وما شابه ذلك من إبداع وتفوق وموهبة، مؤكدة أنه هنا لا يهم المصطلح بقدر ما يهمنا كظاهرة، فالظاهرة موجودة كحالة تفوق وتميز، مشيرة في السياق ذاته إلى أن التفوق الدراسي هو أحد أشكال التفوق أو التميز متمنية من المعنيين«أصحاب القرار، وزارة التربية،» وجوب الانتباه إلى مسألة مهمة جداً اسمها قدرات وخاصة أن هناك ذكاءات متعددة فمنهم من لديه قدرات عالية في الرياضيات والفيزياء وآخر في الأدب، وثالث بالإعلام وهذا كله شكل من أشكال التفوق سواء أكان تفوقاً فرداً أم مجتمعياً لأن الإبداع بحد ذاته هو نتيجة التفوق بدرجة أساسية.
وبالتالي له حيثيات وآليات معينة تؤدي إلى النجاح الفائق ومن أهمها قدرات الطالب أولا ثم البيئة المحيطة الموجودة، رعاية الأهل والمدرسة وكذلك الدولة والمجتمع إذ لجميع هذه الأطراف دورها المطلوب.
ونبهت الدكتورة زحلوق إلى مسألة غاية في الأهمية هو أنه ليس جميع أفراد المجتمع متفوقين وحتى المعنيين بالأمور من أهل ومربين ومدرسين لا يتوقعون أن يكون الجميع متفوقين وأننا غير قادرين على ذلك على مبدأ الفروق الفردية، إذ ليس جميع الناس متساوين في الجانب العملي ولا سيما أن التفوق هو مجال من مجالات التربية الخاصة.
القدرات الفردية
بدوره الدكتور كامل عمران رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة دمشق ومن خلال موقعه العلمي فهو يعول كثيراً بالتأكيد على أن الطالب إنسان يملك إرادة ،يعيش في بيئة اجتماعية محفزة لاستنهاض مجموعة من الحقائق سواء أكانت بالأسرة أم ثقافة التفوق،معترفاً ومقدراً جداً بأن ما يعطيه السيد الرئيس بشار الأسد لمناخ التفوق والذي لم يسبق له مثيل قد وفر المناخ الإيجابي والداعم للحصول على هذه الميزة فمن لم يكن مكترثاً بالتفوق أصبح الآن يسعى لنيل هذه الصفة لأن الفرصة مناسبة جداً، وحالياً المجتمع بجميع مكوناته يسعى من أجل دفع الطالب للتفوق.
وإن كان كل منا متفوقاً بأمر من الأمور برأي الدكتور عمران الذي شدد على أهمية أن نفرق الآن بين التميز والتفوق مع ملاحظة الحالة العلمية والكمية لمجموع العلامات وغيرها بدءاً من العلامة التامة 290 مثلاًو280 و270 وغيرها..إذ إن الحالة الكمية هي تميز التفوق في عدة مجالات .
على لسانهم
سمعنا الكثير مما قاله المتفوقون بأنفسهم بألسنتهم عبر اللقاءات التي أجريت معهم وممن قابلناهم نحن بدورنا حول جملة العوامل والظروف التي جعلتهم ينالون هذه الدرجة، حيث الآراء التي أجمعوا عليها هو حضور الدافع الذاتي بأقصى درجات المسؤولية، والثقة بالذات، تنظيم الوقت واستثماره مسألة غاية في الأهمية، الاعتماد على الدروس الخصوصية حالة شبه نادرة أكد عليها الناجحون بامتياز.
الاهتمام بالحصص الدراسية خلال العام الدراسي ومتابعة الأساتذة بشكل صحيح ودقيق ما يوفر كثيراً من الجهد والتعب في المنزل ثم تأتي البيئة الحاضنة( الأسرة والأهل وما يوفرانه من هدوء وراحة وتفهم لجو الطالب وعالمه وهذا الأهم .
إن ما تقدم هو مجرد إضاءة بسيطة على هذه الظاهرة التي بدأت تتنامى بقوة في بيئتنا، وتستحق كل التقدير والمتابعة فبعد أن كنا نكرم طالباً واحداً نال العلامة التامة في الشهادة الثانوية أصبحنا نكرم اليوم العشرات وربما نصل إلى المئات والآلاف ما دام التأسيس لهذه الحالة أخذ مسارات عدة نحو النهوض والتقدم.