تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كيف تبني المرأة مدينتها اللغوية الجديدة ؟

كتب
الأربعاء 22-9-2010م
رولا حسن

لطالما اقتصر خطاب المرأة على متعة الحكي وحده وهي في توظيفها لعملية الكتابةوممارستها الخطاب المكتوب قد انتقلت من الحكي إلى الكتابة.

وقد مرت المرأة في ثلاث مراحل اساسية شكلت في التحليل العام المسار الصاعد لمسيرة المرأة من الحكي إلى الكتابة.فمن نص ألف ليلة وليلة إلى نص مي زيادة إلى ما تكتبه المرأة اليوم . أهمية ربط المرأة وبحث أوضاعها الحضارية الثقافية من خلال اللغة تنبع من كون اللغة تظهر تاريخيا وواقعيا على أنها مؤسسة ذكورية بامتياز وهي إحدى قلاع الرجل الحصينة.‏‏‏‏

وهذا ما تحدث عنه مطولا عبد الله الغذامي في كتابه المرأة واللغة ,حيث يعني بحسب الغذامي حرمان المرأة ومنعها من دخول هذه المؤسسة الخاصة بالرجل إزاحتها إلى موقع هامشي بالنسبة لعلاقتها مع صناع اللغة ومنتجيها.‏‏‏‏

ثمة بحث عن المنعطفات والتفصيلات الجوهرية في علاقة المرأة مع اللغة وتحولها من موضوع لغوي إلى ذات فاعلة تعرف كيف تفصح عن نفسها وكيف تدير سياق اللغة من فحولة متحكمة إلى خطاب بياني يجد فيه الضمير المؤنث فضاء للتحرك والتساوق مع التعبير ووجوه الإفصاح وهذا أمر لم يكن سهلا على الإطلاق .فالمرأة احتاجت وتحتاج إلى وعي خارق بشروط اللغة وقيودها لكي تتمكن من إحلال الأنوثة بإزاء الفحولة بوصف الصفتين معا قيمتين ابداعيتين تحظيان بالدرجة نفسها من الإحترام والجدية ولكيلا يكون الأصل اللغوي هو التذكير فحسب وإنما تأتي الإنوثة بما أنها أصل لغوي يقف بإزاء الأصل الذكوري ويجاريه.وهنا تجدر الإشارة إلى أن المرأة من خلال سعيها إلى تقاسم المركز اللغوي من خلال تحقيق «الوعي الخارق»المشار إليه تعرضت إلى ضغوط نفسية واجتماعية ملموسة من (امبرطورية الرجل اللغوية).ويمكن القول إلى جانب ذلك: إن ما أعاق المرأة عن مسعاها المذكور لم ينحصر قط في الضغوط التي تعرضت لها وبشكل مباشر من جانب الرجل «المركز»‏‏‏‏

بل إن موقعها اللغوي الذي ظل هامشيا لفترات طويلة أوقعها دون قصد في شراك التبني التلقائي للعلاقات اللغوية المكونة لمفردات الخطاب الذكوري المسيطر, فالكاتبة هدى بركات مثلا ترى على سبيل المثال أن شخصية الرجل تقدم لها حقلا أكثر اتساعا وتعقيدا مما تقدمه المرأة (لأن ما هو مطروح من أشكال الوعي والسلوك على الرجل العربي هو أصعب وأشمل مما هو مطلوب من المرأة).و بتعبير آخر: المرأة في مجتمعنا مكفوفة عن أن تكون أحد أبطال التشكيل الاجتماعي فكيف أخترع روائيا شخصية غير موجودة في الواقع على حد تعبيرها.‏‏‏‏

باعتقادي أن هذه الرؤية للمرأة هي أقصى حالات الاستلاب وحسب ما عبر عنه عبد الكبير ألخطيبي بأن القوى المسيطرة على مستوى المعرفة هي التي تجعل المسيطر عليه يصل إلى الاعتقاد أو التفكير بأن نقطة ومركز وأصل كلامه هي نفس نقطة ومركز المسيطر وربما هذا هو عمق المشكلة.‏‏‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية