وهم الرقابة
فنون الأربعاء 22-9-2010م فؤاد مسعد مما لا شك فيه أن الجرأة كانت واحدة من أهم أبطال الموسم الدرامي الأخير إن لم تكن البطل الأهم ، فقد تم تقديم أعمال اخترقت أعرافاً وتابوهات رقابية ونسفت خطوطاً حمراء كان يخشى كثيرون الاقتراب منها أو حتى ملامستها ،
ونبعت سمة الجرأة من قدرة تلك الأعمال على طرح موضوعات أكثر سخونة والغوص إلى عمق الواقع والتقاط تفاصيله ومحاولة نبش المكامن المخبأة والمسكوت عنها ، ونبعت في أحيان أخرى من محاولة التقاط ما بين السطور وقراءته بصوت عالٍ .. وهناك من تعامل مع هذا الأمر على أنه تطور طبيعي فرضته مجموعة عوامل منها التطور الذي تشهده الدراما السورية عاماً بعد آخر والانفتاح الرقابي الذي تم لمسه على أرض الواقع إضافة إلى الإيمان بأن الإبداع الحقيقي يحتاج إلى حرية مسؤولة ، ويُضاف إلى ذلك المسؤولية التي حملها مبدعو وصانعو تلك الأعمال فكانوا على مستوى الجرأة التي طرحوها في أعمالهم .. ولكن بالمقابل هناك من طالب بالمزيد من الانفتاح الرقابي وهذا حقه رغم أن تعاطي الرقابة مع الأعمال جاء متقدماً بخطوات كبيرة عن الكثير من الرقابات في المحطات الأخرى ، إلا أن الغرابة تكمن لدى من قدم جرأة عالية في عمله ومن ثم نكر على الرقابة هذا التعاطي المسؤول والمنفتح وكأنها الشمّاعة التي اعتدنا تعليق أي إخفاق أو هنة أو .. عليها ، ربما في مرات سابقة كانت تستحق أحياناً أن تكون تلك الشمّاعة ولكن هذه المرة ارتفعت عن هذا الجدال لتجعل الكرة في الملعب الآخر ، وبالتالي هناك من التقط هذه الكرة ولعب فيها بحرفية وبشكل صحيح وهناك من انسلت من بين يديه .
وإن عدنا إلى الوراء وتحديداً إلى أيام الأبيض والأسود سنتذكر أعمالاً قُدِم فيها كم كبير من الجرأة ، ولكن أتت مرحلة لاحقة أفرزت أعمالاً مُعقمة رضوخاً لوصفة عدد من المحطات العربية ، ومع انتشار الفضائيات بدأت الخروقات الرقابية تتلمس طريقها إلى الدراما من جديد حتى باتت واضحة بشكل جلي في السنوات الأخيرة ، إلا أن التحدي اليوم اختلف فباتت هناك رقابة أقسى من تلك التي اعتدنا عليها ، إنها الرقابة الاجتماعية وبالتالي يبدو أن التفكير في المرحلة القادمة سيذهب باتجاه التفكير في كيفية التعاطي معها .
fmassad@scs-net.org
|