تشير أرقام تحليل النمو الحقيقي للناتج المحلي الاجمالي إلى أن النمو الاقتصادي خلال الأعوام 2005-2009 تراوح مابين 4-6 بالمئة كانت مساهمة الخدمات جيدة من هذا الرقم الاجمالي وتشمل تلك الخدمات اجمالاً التجارة والنقل والاتصالات والخدمات المالية والصحة وخدمات الأعمال.
كذلك شهد قطاع العقارات مساهمة ملموسة فيما كانت مساهمة قطاعي المياه والكهرباء سلبية، أما الزراعة فكانت مساهمتها متواضعة.
وشكل تراجع انتاج النفط ضغطاً على معدل النمو مما جعل معدل نمو الناتج الاجمالي بدون النفط أعلى منه مع النفط منذ عام 2005 لكن معدل نمو الناتج المحلي بدون النفط شهد تراجعاً وهذا يعني ان النفط لا يتحمل مسؤولية انخفاض معدل النمو خلال الأعوام الماضية.
أما بالنسبة لمعدل النمو على مستوى القطاعات الاقتصادية فتشير الأرقام إلى ظهور النمو السلبي في ناتج الزراعة وإن كانت سلبية نمو الزراعة قد ارتفعت بشكل كبير في عام 2008 حتى إن الصناعة الاستخراجية عادت لتحقق معدل نمو ايجابي بعد أن كان نموها سلبياً في عامي 2006-2007.
وفيما تراجعت مساهمة بعض القطاعات المنخفضة القيمة المضافة في الناتج كالزراعة والصناعة تحسنت مساهمة بعض القطاعات الأخرى في نفس الفترة كالتجارة واالاتصالات والعقارات والمصارف وهي قطاعات خدماتية بامتياز!
هذه المؤشرات إن دلت على شيء فهي تدل على معطى يعكس تركز النشاط الاقتصادي في مجالات محددة.
وتحديداً في التجارة والبناء فيما شهدت القطاعات الأخرى تراجعاً أو ثباتا وبحسب الاقتصادي د. قدري جميل أن هذه الأنماط تعكس عملية التحول الهيكلي في الاقتصاد وعلى وجه الخصوص نمو القطاع المصرفي والعقارات خصوصاً وأن معظم التغيير في الحصص تركز خلال العامين الماضيين على صعيد البناء والتجارة ما يعكس النمو القوي لهذين القطاعين.
الاستهلاك طاغ
ولدى قياس أداء الاقتصاد من جانب الطلب ترصد الأرقام أنه خلال السنوات الأربعة الماضية اجمالاً كان الاستهلاك المساهم الأكبر في النمو وهو الذي أتى أساساً من القطاع الخاص.
وعكست الأرقام على صعيد الصادرات استمرار عدم التوازن على صعيد التعامل مع الخارج الميزان التجاري وضعف نمو الصادرات والنمو في حجم الواردات.
مدير هيئة تخطيط الدولة د. عامر لطفي أكد في وقت سابق للثورة على وجود تحول هيكلي بنيوي حقيقي في الاقتصاد الوطني يعطي مؤشراً ايجابياً على تملكه أدوات اضافية جديدة لمعالجة الخلل والصعوبات التي يلقاها الاقتصاد في فترته الانتقالية خاصة إذا ما استمر في إعادة هيكلة ذاته من خلال الاندماج بالاقتصاد العالمي والتأكيد على قوة القطاع السلعي والمتابعة في الشأن الخدمي وتطوير قطاع السياحة.
قيمة مضافة
ثمة حقيقة أن نمو الناتج الاجمالي أصبح يعتمد أكثر على نمو بعض القطاعات من هنا فإن أرقام النمو الاقتصادي التي تبنى على الناتج الاجمالي المحلي هي القيمة المضافة التي يحققها قطاع من القطاعات.
وتشير مصادر مطلعة في مديرية الاقتصاد الكلي في هيئة تخطيط الدولة أن المساهمات المتواضعة لنمو بعض القطاعات تحتل المرتبة الأولى لناحية اختلاف معدلات النمو، أما العامل الثاني الذي يجعل النمو متفاوتاً فهو حقيقة تمركز النمو في قطاعات محددة لذا فإن طبيعة التقويم تكون مختلفة.
وتشير مديرة التخطيط في وزارة الاقتصاد د. سمر قصيباتي أن هناك عوامل أساسية تساعد في رفع معدلات النمو الاقتصادي اهمها زيادة الصادرات غير السلعية فبالرغم من أن دخول الاقتصاد السوري بالشراكات الاقتصادية مع الدول المجاورة والاجنبية ساهم في زيادة عجز الميزان التجاري لكن الشركات أيضاً أدت بالوقت نفسه إلى تعزيز التبادل التجاري وتحقيق اندماجات اقتصادية مع الآخرين واستطاع اقتصادنا اختراق هذه الأسواق بدليل تصاعد صادراتنا الى العراق وتركيا بوتيرة كبيرة جداً.
ولو من الباب الضيق
باختصار قد يكون اجراء مراجعات حقيقية لأفق الاقتصاد الوطني المحكوم بخصوصيته أهم ما يجب أن تسلكه الخطط الخمسية القادمة في ظل وجود ملاحظات كثيرة على طبيعة النمو الذي يحققه عاماً بعد عام فهناك اجماع في أوساط المراقبين والمحللين في شأن نوعية النمو نظراً لعدم تحوله صوب النماذج الأكثر انتاجية ولو أن من الباب الضيق فقط أي توسيع فرص العمل.
وتبقى النتائج أقل من المتوقع من حيث المؤشرات المالية والاقتصادية والاجتماعية بالرغم من تحقيق نمو 5.9٪ عام 2009!