وهي المرة الثانية والستون التي تقدم فيها هذه القصة في فيلم سينمائي أو تلفزيوني على مدى أكثر من مئة عام، حيث بدأ الاهتمام السينمائي بهذه القصة في عام 1901 في عصر السينما الصامتة، وتم انتاج ثلاثة عشر فيلماً خلال السنوات العشر الأخيرة.
تشتمل قصة (ترنيمة عيد الميلاد) على جميع المقومات التي تجعلها أساساً مثالياً للأعمال السينمائية والتلفزيونية، وتوفي ديكنز في عام 1870 قبل ظهور السينما بربع قرن.
قصة (ترنيمة عيد الميلاد) قصة كلاسيكية تعد من أحب قصص عيد الميلاد المجيد وأكثرها شعبية، وقد تحول بطل القصة (سكروج) إلى شخصية أسطورية دخلت الانجليزية كمصطلح يمثل الشخص البخيل، وتحولت شخصيات القصة الرئيسة الأخرى وهي عائلة كراتشيت وتايني تيم وشبح مارلي وأشباح عيد الميلاد الثلاثة إلى شخصيات تقليدية من شخصيات عيد الميلاد.
بطل القصة سكروج معروف كعجوز بخيل لايؤمن بعيد الميلاد ويعتبر الاحتفال به مضيعة للوقت إلى أن تظهر في أمسية عيد الميلاد ثلاثة أرواح أو أشباح تمثل عيد الميلاد الماضي والحاضر والمستقبل، وتقدم له رؤى تكشف له أن وجوده كئيب وشحيح وتحوله في نهاية المطاف إلى شخص كريم دافئ القلب، ويكتشف سكروج أن الثروة لاتجلب السعادة إذا لم يتقاسمها مع غيره، وأن السعادة لا تتحقق إلا في العيش مع الآخرين.
ترنيمة عيد الميلاد من القصص القصيرة لتشارلز ديكنز صدرت في عام 1843،وأعقبها خلال السنوات الخمس التالية بأربع قصص قصيرة أخرى تتعلق بعيد الميلاد، إلا أن أياً منها لم يصل إلى مكانة وشهرة ( ترنيمة عيد الميلاد)، وقد كتب ديكنز في مقدمة قصة (ترنيمة عيد الميلاد): (لقد حاولت في هذا الكتاب الصغير أن أثير شبح فكرة لا تبعد قرائي عن روح الفكاهة التي يتمتعون بها، أو عن بعضهم البعض، أو عن الموسم (موسم عيد الميلاد) أو عني،أرجو أن تسكن الأشباح منازلهم بلطف وبشكل ممتع، وأن لا يضع أي منهم الكتاب جانباً).
ويقدم المخرج روبرت زيميكيس الحائز على جائزة الأوسكار فيلم (ترنيمة عيد الميلاد) بحلة جديدة، فهو من أفلام الرسوم المتحركة التي تستخدم أسلوب تسجيل حركة الممثلين ثم تحولها إلى رسوم متحركة رقمية ثلاثية الأبعاد،ويعد المخرج روبرت زيميكيس رائداً في هذا الأسلوب السينمائي المتطور وقد استخدمه في ثلاثة من أفلامه السابقة.
ويستخدم المخرج روبرت زيميكيس الحرية التي يوفرها فن الرسوم المتحركة والأبعاد الثلاثية بتوظيف المؤثرات الخاصة ببراعة فائقة، ما يميز الفيلم بلغته البصرية القوية.
ويرى المشاهدون سكروج وهو ينطلق في شوارع لندن ويهيم في أجوائها، ما يكسبهم إحساساً بأنهم يرافقونه في جولاته. كما حرص المخرج زيميكيس ككاتب سيناريو الفيلم على التقيد بلغة الكاتب ونظرته إلى واقع الأمور وبروح العصر الذي وقعت فيه أحداث القصة في العصر الفكتوري، واستخدم زيميكيس في الفيلم أصوات عدد من كبار نجوم هوليوود، وفي مقدمتهم النجم الكوميدي جيم كاري الذي أثبت قدرته على تقليد الأصوات المختلفة وتنويعها. ويقوم جيم كاري بأداء ثمانية أصوات مختلفة في الفيلم، منها خمسة يجسد فيها شخصية سكروج في مراحل مختلفة من حياته،بالإضافة إلى أصوات الأشباح الثلاثة بنبرات مختلفة.
صعد فيلم (ترنيمة عيد الميلاد) إلى قمة قائمة الأفلام التي تحقق أعلى الإيرادات في دور السينما الأميركية، وبلغت إيراداته على شباك التذاكر 30 مليون دولار خلال الأيام الثلاثة الأولى لعرضه في 3683 صالة سينمائية، وبلغت تكاليف إنتاج هذا الفيلم 200 مليون دولار،وهو أعلى مبلغ ينفق على إنتاج فيلم من أفلام الرسوم المتحركة حتى الآن.