الذين يرون أنه يجب مراعاة ذوق المشاهدة...لكن إن تمت مراعاته إلى ما لانهاية من الذي سيكسر هذا السائد؟
الفن ..والفنانين..أكثر ما يجذب المشاهد في شهر رمضان..ومختلف الفضائيات باتت تدرك هذا المزاج الرمضاني...فتعطي المشاهد جرعات فنية لامتناهية ..
لاتكتفي بحضورهم في الدراما..تراها جرعة أقل مما يجب ،فلابد اذاً من حضور مكثف على مدار البث..أغلب البرامج اكتفت بحضورهم في،برنامج (منورنا رمضان)الذي تعرضه الفضائية السورية منتصف ليل كل جمعة طيلة أيام شهر رمضان...أرادت ميساء ومعها مهى نعامة أن تقدما شيئا مختلفا... لذلك (رمضان منورنا) لم يكتف بحضور الفنانين،أراد أ ن يجمع بين الفن والثقافة،على مدى حلقتين حاول التلوين بينهما،توليفة قدمت نكهة مختلفة...كنا ننتقل خلال حلقتين بين الفن تارة من خلال وجود الفنانة منى واصف في الحلقة الأولى ..ووفيق الزعيم في الحلقة الثانية،وما بين الأدب (الأديب العراقي ونادية خوست)وفي الحلقتين أصرت معدة البرنامج ومقدمته ميساء نعامة على وجود (رشا رزق) وكان خيارا موفقاً، فهي كانت تضفي على الجلسة روحا أصيلة..تناسب الجلسة التي بدت تشبه روح شهر رمضان.. البرنامج خرج من الاستديو،وهو أمر بتنا نتمناه في برامجنا السورية ،لأنه يخرجنا من هذا الحيز الضيق،وربما أخرج أفكار تلك البرامج إلى حيز أرحب..في (رمضان منورنا) يحتفل البرنامج بالبيت الدمشقي، ويحاول أن يختار ضيوفاً يشبهونه،ويحاول أن يعيدنا من خلال محاور البرنامج إلى تلك القيم،يتحدث الضيوف عنها،أو بالأحرى يتغنون بها..وتنتقد معدة البرنامج أننا نتذكرها في شهر رمضان،وسرعان ما ننساها فيما بعد...
المضمون الذي يطرحه البرنامج على شكل محاور ،يحاول أن ينتقل من فكرة إلى أخرى بسلاسة،يربط ما بين الأفكار،وينتقل الحوار ما بين ضيف وآخر...ضمن المحور الواحد،حتى ليبدو وكأنهم يردون على بعضهم كما حدث في الحلقة الأولى لدى تناول محور(الحنين إلى الماضي) فبينما أكدت الفنانة منى واصف أنها لاتحن إلى الماضي،وترى أن سببه النجاح واستمرار النجاح....أما المفكر العراقي فقد رأى عبد الحسين شعبان،أن الحنين إلى الماضي طبيعي لأنه أمر معروف لذلك فان فلسفة العودة إلى الماضي هي ليست فقط جزء من الحاضر بل وتستشرف المستقبل...
الاسترسال الذي كنا نعيشه مع بعض الضيوف لدى الحديث عن بعض المحاور كما حدث مع المفكر العراقي لدى حديثه عن تحليله للحنين للماضي،ولأنه أعطى تحليلا مميزاً، بدا وكأنه يقدم روحا ثقافية مختلفة،لكن إلى أي مدى يمكن للمشاهد المبرمج على نوعية برامجية معينة أن يعجب بهكذ برامج..هنا...من المهم أن نخرق مزاج المشاهدة..لكن بعملية مزج تضيف بعض البهارات الفنية،على تلك الروح الثقافية ..
وأن يكون هذا الخرق مع ضيوف من نوع مختلف،كما حدث في خيار البرنامج على مدى حلقتين فقد كان حضور الطرفين (نادية خوست وعبد الحسين شعبان) موفقاً، مثل الحضور الفني .. ففنانة بوزن منى واصف لايمكن لحضورها إلا أن يكون مؤثراً .. هي تتجدد مع كل حضور تلفزيوني...تتفهم العصر وروحه الجديدة، وتتماشى معها، دون أن يفقدها خصوصيتها وألقها الآتي من أصالة رغم أنها في أحيان كثيرة لاتتحدث عنها، إلا أننا نشعر بها كمشاهدين..
الفنانة وفيق الزعيم كان حاضراً خلال الكثير من الأسئلة التي تناولت البيت الدمشقي..لكنه كان حاضرا أكثر لدى حديثه عن دوره في مسلسل (باب الحارة)في شخصية أبو حاتم..إلى الحد الذي لم نتمكن ربما من التمييز أيهما يتحدث في لحظات عديدة.. أخيراً.. الدمج ما بين الفني والثقافي أبرز ما يميز البرنامج..هي مبادرة أو فكرة..ربما مع استمراريتها تتمكن من خرق مزاج المشاهدة الاعتيادي ..