وشكل يوم 31/7 حداً فاصلاً في العام 2010 بين تقنين الكهرباء وعدم تقنينها, فقبل هذا التاريخ كان الناس يتحدثون عن عدم حصول انقطاعات تذكر للكهرباء هذا العام ولكن حرارة اليوم المذكور ذهبت بالاستقرار وذهبت بالجهود المجتمعة لوزارات الكهرباء والري والنفط والنقل التي تجتمع في تنسيق الجهود لاستمرار عمل مجموعات التوليد وتأمين الوقود ونقله وتنسيق المناسيب المائية لتأمين عمل المحطات الكهربائية.
اليوم نحن أمام واقع كهربائي مقلق للجميع ولوزارة الكهرباء قبل غيرها والسؤال الذي يطرح نفسه ما الواقع الكهربائي..؟
وماهو المخرج..؟ وكيف تدار هذه الأزمة على أرض الواقع؟.. أسئلة يطرحها الجميع وسنحاول الإجابة عليها من خلال المعنيين في وزارة الكهرباء ونتمنى أن تكون الأجوبة شافية للجميع.
ظروف طارئة.. وتوازن
الدكتور أحمد قصي كيالي وزير الكهرباء قال للثورة: الأزمة التي يعيشها الجميع من انقطاع الكهرباء ناجمة عن عدة قضايا منها في وزارة الكهرباء ومنها ما هو خارج الوزارة ولا سيما الظروف الجوية الاستثنائية التي تمر على القطر, والقلق الكبير من استمرار هذه الظروف وبالتالي من اعتبارها في الخطط القادمة لمشاريع الوزارة وهي طبعاً ستضيف أعباءًَ جديدة مادية على تجهيزات الشبكة والتوليد والتوزيع.
وتابع كيالي: أما فيما يخص وزارة الكهرباء فالأمر يتعلق بالاستطاعات المولدة والتي يتعادل فيها الطلب على الطاقة المنتجة وبالتالي أي ظروف طارئة من شأنها رفع الطلب تخل بالتوازن بين الطلب والإنتاج وتظهر بتقنين الكهرباء وللأسف أتت الظروف الجوية القاسية والتي وصلت فيها درجات الحرارة لمعدلات غير مسبوقة ولفترة طويلة ما تسبب في زيادة الطلب من جهة وانخفاض مردود مجموعات التوليد من جهة ثانية. وهذا أمر يتعلق بطبيعة المواد, فيزيائية التجهيزات وقد فقدت الشبكة ما يزيد على 20٪ من استطاعتها في بعض الأوقات ما زاد من حجم العجز ولا بد من مواجهة هذا الواقع بتعاون جميع الأطراف. وزارة الكهرباء ومستهلكو الطاقة وفي القطاعين العام والخاص على السواء من خلال ترشيد استهلاك الطاقة وعدم هدرها ومن خلال تشغيل المولدات الخاصة في المنشآت الصناعية والمؤسسات والورش لنستطيع تأمين الكهرباء للمواطن الذي لايملك بديلاً ولاسيما أن الحرارة عالية ولايستطيع المواطن ممارسة نشاطاته اليومية ولاحتى النوم من دون كهرباء.
وأشار كيالي إلى الجهود الكبيرة التي تستحق الاحترام والتقدير التي تبذل من قبل الجميع بدءاً من رئاسة الحكومة مروراً بوزارات المالية - الري والنفط والنقل وصولاً إلى كل عامل في هذا القطاع لأننا بحاجة لهذه الجهود للوصول لحل دائم لمشكلة انقطاع الكهرباء وبالنسبة لنا كوزارة هناك إجراءات تقوم بها مؤسسة توليد الطاقة والمؤسسة العامة للتوزيع لمواجهة الأزمة الطارئة والقائمة, طارئة بالظروف الجوية وقائمة من خلال عدم وجود فائض احتياط توليد وهذا ما نعمل مع مؤسسة التوليد على معالجته من خلال مشاريع جديدة وكذلك مع مؤسسة التوزيع من خلال إجراءات إدارة الطلب على الطاقة من حيث تأمين التجهيزات الجديدة واستمرارية السابقة في العمل.
الاستطاعات الإسمية 8500 ميغا واط
يتألف أسطول توليد الطاقة الكهربائية في سورية من 81 مجموعة توليد موزعة على ثلاث وزارات(الكهرباء- الري والنفط) وهنا لا بد من التوجه بالشكر للعاملين في هذه الوزارات مع وزارة النقل التي تعمل على نقل الوقود لمحطات التوليد وكذلك العاملين في السدود على المحطات الكهرمائية وفي قطاع الغاز والمصافي النفطية.
وأضاف المهندس هشام ما شفج معاون وزير الكهرباء والمدير العام للمؤسسة العامة لتوليد ونقل الطاقة الكهربائية: تمتلك وزارة النفط 12 مجموعة توليد باستطاعة 230 ميغا ووزارة الري تمتلك 17 مجموعة ثماني مجموعات منها على سد الفرات باستطاعة اسمية (نظرية) 800 ميغاواط, وست مجموعات في سد تشرين باستطاعة ما بين 540-600 ميغاواط حسب منسوب الماء يضاف إليها 3 مجموعات باستطاعة 25 ميغا لكل مجموعة باستطاعة إجمالية 75 ميغا على سد البعث.
وتابع المهندس ماشفج: أما مجموعات مؤسسة توليد ونقل الطاقة فعددها 52 مجموعة توليد تتراوح استطاعتها الإفرادية من 30 ميغا كما في السويدية والتيم ومجموعات تصل استطاعتها الى 250 ميغاواط كما في محطة توليد الدير علي.
وأضاف ماشفج: بالمحصلة مجمل الاستطاعات المركبة 8500 ميغاواط وهي استطاعة اسمية(نظرية) المتاح منها 7000 ميغاواط, أما ال1500 ميغا الفرق بين المتاح والإسمي فيعود انخفاضها إلى تقادم المجموعات زمنياً وارتباطها بالمصادر المائية ومناسيبها والصيانات الدورية والمبرمجة والأعطال الطارئة.
التقنين يتراوح
بين 800-1000 ميغا
وحول التقنين قال المهندس ماشفج لغاية 31/7 استطعنا بشكل مرضٍ تلبية الطلب على الطاقة بدون تقنين فعلي ملموس وهذا بسبب كما ذكرت- تضافر جهود الجهات المعنية بتوليد الكهرباء- الري- النفط والنقل), وفي 31/7 وصلت أول هجمة حرارة وازداد الطلب إلى مراحل متقدمة اضطررنا معه للتقنين بين 800-1000 ميغاواط ويمكن القول إن الطلب على الطاقة ازداد أكثر من 15٪ واللافت أن الطلب نهاراً ازداد وأصبح يماثل الطلب ليلاًَ وأحياناً يفوقه والمشكلة أن تلبية الطلب نهاراً أصعب منه ليلاً بسبب انخفاض أداء مجموعات التوليد الغازية والبخارية العاملة على التبريد الجاف وذلك بسبب ارتفاع درجات الحرارة وهي حالة علمية, فبحسب مجلةGTW العالمية تنخفض استطاعة العنفات الغازية الجديدة بنسبة تتراوح بين 0, 5-9٪ حين ترتفع درجات الحرارة درجة واحدة عن الحرارة النظامية التي هي 15 درجة مئوية يضاف إلى ذلك تأثير تقادم المجموعات, ويتم توليد أكثر من 44٪ من التوليد الإجمالي من المجموعات الغازية العاملة بمبدأ الدارة المركبة والدارة البسيطة والباقي من مجموعات توليد بخارية نصفها يعمل بنظام التبريد الجاف الذي يتأثر بعاملين أساسيين, درجة الحرارة وسرعة الرياح وفي المحصلة وصل انخفاض استطاعات المجموعات الغازية الى 30٪ نتيجة الظروف التي ذكرت.
دخلنا صيف 2010 بزيادة 800 ميغا
وعن ذروة الطلب قال ماشفج: تجاوزت ذروة الطلب 7500 ميغا واط ولو أخذنا يومين متماثلين في عامي 2009-2010 لوجدنا حجم الزيادة في الطلب يزيد على 1000 ميغا واط فمثلاً يوم 15 آب 2010 وهو يوم رمضاني يفترض أن يقل فيه الطلب على الطاقة ازداد الاستهلاك3, 3 عن يوم 15 آب 2009 وهو يوم غير رمضاني, ولوأخذنا يوماً آخر غير رمضاني مثلا يوم 10/8, بلغ الطلب على الطاقة خلال هذا اليوم عام 2009 حوالي 132 مليوناً و535 ألف كيلو واط ساعي فيما بلغ الطلب على الطاقة2010 لنفس اليوم 125 مليون كيلو واط , وبتقريب أبسط ذروة 2009 لليوم المذكور 6462 ميغاواط فيما وصلت ذروته 2010 الى 7533 ميغاواط آب بفارق 1000 ميغاواط...
وأضاف ماشفج نحن أضفنا صيف 2010 زيادة عن صيف 2009 ما يزيد عن 800ميغاواط والشيء المقلق أنه بنتيجة الحرارة بقي الطلب في يوم 15 آب في رمضان مماثل ليوم 10 آب قبل رمضان وهذا لم يكن يحصل من قبل ولكن ارتفاع الحرارة زاد الطلب.
إجراءات معالجة الوضع
وعن اجراءات معالجة الوضع قال المهندس ماشفج: لدينا جملة من المشاريع مباشر بتنفيذها وقيد التنفيذ على الشكل التالي:
1- توسع محطة تشرين بدورة بخارية دخلت العنفتان الغازيتان الأولى والثانية باستطاعة /300/ ميغا في الخدمة نهاية 2009 ومتوقع دخول المجموعة البخارية /150/ ميغاوات الخدمة في تشرين الأول القادم.
2- توسع محطة توليد بانياس بإضافة عنفتين غازيتين /260/ ميغاوات الأولى دخلت الخدمة في تموز وانتهت تجارب التشغيل التجاري وبدأت تجارب تشغيل المجموعة الثانية في 17/8.
3- مشروع توسيع محطة توليد جندر تمت المباشرة بنيسان الماضي وهو عبارة عن ثلاث مجموعات باستطاعة /450/ ميغاوات ومن المتوقع دخول العنفتين الغازيتين ثلاث مجموعات باستطاعة /450/ ميغاوات ومن المتوقع دخول العنفتين الغازيتين الأولى والثانية بالربع الثالث والرابع /2011/ والعنفة البخارية الثالثة في الربع الثالث من العام 2012.
4- مشروع توسيع محطة دير علي باستطاعة /750/ميغاوات, تمت المباشرة بالمشروع ويتوقع دخول المجموعة الغازية الأولى في الربع الرابع من 2012 والثانية في الربع الأول من 2013 والثالثة في الربع الرابع من 2013.
5- مشروع محطة توليد دير الزور يتوقع أن تتم المباشرة فيه بداية العام القادم باستطاعة /750/ ميغاوات وفي حال المباشرة بالتاريخ المذكور تدخل المجموعة الأولى الخدمة في الربع الأول من /2013/ والثانية في الربع الثاني /2013/ والثالثة في الربع الثاني /2014/.
6- مشروع توسع محطة تشرين باستطاعة 400 ميغاوات بمجموعتين بخاريتين والموضوع قيد فتح الاعتماد والمباشرة بداية أيلول وتدخل المجموعة الأولى في الربع الأول من 2013 والثانية في الربع الثالث /2013/.
وأشار ماشفج إلى وجود مشاريع أخرى قيد الدراسة بحيث تصل الاستطاعات المضافة لغاية /2015/ إلى ما بين /4000-5000/ ميغاوات وهذا يتوقف على مدى الإسراع بتنفيذ هذه المشاريع ولكن يمكن القول إن المشاريع التي باليد وأعني المباشر فيها ستضيف /2500/ ميغاوات عام 2014.
وعن حجم المبالغ المستحقة لإنجاز هذه المشاريع قال المهندس ماشفج: المبالغ المطلوبة كبيرة جداً فتوسع تشرين دورة مركبة تقدر كلفته بحوالي 210 ملايين يورو يضاف إليها /1/ مليار و 400 مليون ليرة سورية.
- توسع بانياس 75 مليون يورو.
- توليد دير الزور 671 مليون يورو يضاف إليها 460 مليون ليرة سورية.
- توسع الدير علي 640 مليون يورو يضاف إليها 724 مليون ليرة سورية.
- توسع جندر في مجموعتين بخاريتين 277 مليون يورو إضافة إلى 1.9 مليار ليرة سورية.
وأضاف ماشفج: هي مبالغ كبيرة تعمل رئاسة الحكومة مشكورة على تأمينها بالتعاون مع وزارة المالية التي لم توفر جهداً لتأمين المبالغ.
عدالة في التقنين
الشق الآخر لأزمة الكهرباء يتعلق بإدارة هذه الأزمة من قبل المؤسسة العامة لتوزيع واستثمار الطاقة الكهربائية وكيفية توزيع نقص التوليد والعدالة في التوزيع بين المحافظات والمناطق, ولتوضيح هذا الأمر أكد المهندس عماد خميس المدير العام للمؤسسة العامة لتوزيع واستثمار الطاقة الكهربائية أنه يوجد مركز تنسيق رئيسي في المؤسسة العامة لتوليد الطاقة وآخر في المؤسسة العامة لتوزيع واستثمار الطاقة يتم من خلالهما تبادل معلومات الشبكة ولاسيما كميات الطاقة المنتجة والعجز, وعلى التوازي توجد مراكز تنسيق في كل المحافظات مربوطة مع مركز التنسيق الرئيسي في مؤسسة التوزيع.
وأضاف خميس أن مؤسسة التوزيع وزعت بالتنسيق مع مؤسسة التوليد كمية العجز على مراحل وكل مرحلة تعني كمية معينة من التقنين وهذه المراحل مدروسة بدقة يتم توزيعها على جميع المحافظات بعدالة وكذلك في المحافظات توزع على المناطق بعدالة ولكن المشكلة الكبرى التي تعاني منها في عدم وضع برامج تقنين ثابتة هو عدم ثبات كميات عجز الطاقة والنقص يختلف بين لحظة وأخرى حسب الظروف وهي كثيرة, كالجو وأداء مجموعات التوليد والأعطال وغير ذلك من الظروف, فمثلاً يكون لدينا عدد معين من المراحل نعكسه تقنيناً مثلاً بنصف ساعة على كل منطقة ولكن في لحظة معينة تتوفر كميات اضافية من التوليد ما يعني الغاء التقنين فيتم الحديث عن عدم عدالة في التقنين وحصولها في منطقة وعدم حصولها في أخرى ولكن الواقع غير ذلك وكما ذكرته.
وعن انعكاس الظروف الجوية على عمل المؤسسة قال المهندس خميس: إدارة الطلب على الطاقة لم تتأثر بهذه الظروف والمؤسسة استمرت في تنفيذ خطتها بتنفيذ المشاريع الجديدة وتأمين التغذية للتجمعات الجديدة وتطوير الفوترة إلا أنه بسبب الحرارة الزائدة حدثت أعطال طارئة في بعض التجهيزات كفصل بعض قواطع مراكز التحويل واحتراق الكابلات للتوتر المنخفض, ولكن هناك ورش تعمل على مدار الساعة لمعالجة هذه الأعطال وبالمحصلة تجهيزات التوزيع تتأثر بشكل أو بآخر بالحرارة ويقل أداؤها أو يتوقف بعضها ولكن الوضع متابع ومسيطر عليه.
ودعا المهندس خميس المواطنين إلى التشارك في ادارة الطلب على الطاقة مع المؤسسة لأن المواطن هو الجزء الآخر من العملية وبالتالي عندما يستخدم الكهرباء بشكل منطقي حسب الحاجة دون هدر أو تبذير واستخدام بعض التجهيزات الكهربائية خارج أوقات الذروة فإنه يقوم بدور مهم لا يقل عن دور العاملين في المؤسسة ويحافظ على الشبكة من الأعطال والضغط.
وختم خميس بالشكر الكبير للجهود التي يبذلها العاملون في قطاع التوليد ومراكز التنسيق والعاملين في كافة المفاصل, ولاسيما الطوارئ.
الخلاصة
في الخلاصة نحن أمام أزمة كهرباء حقيقية لا يمكن القفز والرهان على تغير درجات الحرارة والأمر يتطلب تحركاً سريعاً خارج وزارة الكهرباء للتغلب على بطء الاجراءات وأن تكون هناك لجنة انجاز لتأمين تلبية الطلب على الطاقة وهذا غير ممكن بالطرق التقليدية عن طريق الاعلان ومجالس الإدارة لأن معظم مشاريع الكهرباء ممولة من عدة جهات وهذا يتطلب موافقة هذه الجهات على جميع المراحل التي تمر بها المشاريع بدءاً من دفتر الشروط والإعلان وانتهاء بالتعاقد والمباشرة.
ولذلك لابد من إيجاد لجنة انجاز مخولة بجميع الصلاحيات المطلوبة ومستثناة من القوانين والأنظمة لتأمين الطلب على الطاقة.
أيضاً لابد من وقف الاستنزاف الحاصل للطاقة الكهربائية في الجهات العامة من خلال رفع تعرفة الطاقة إلى حد الكلفة لهذا القطاع.
الأمر ذاته بالنسبة لتعرفة التجاري, فلابد من ايجاد تعرفة مرتفعة لفترات الذروة فما هو التبرير لترك هذه المحال لأوقات متأخرة من الليل في حين تجد الأسواق مغلقة صباحاً حتى الساعة الحادية عشرة؟ إن العدادات الالكترونية تقرأ التعرفة حسب الزمن وبالتالي يمكن اعتماد تعرفتين أحدهما منخفضة لفترات الصباح والنهار وأخرى مرتفعة لفترات الذروة لأن الناس لم تعد تقبل بقطع التيار الكهربائي في أطراف المدن فيما تهدر المحال التجارية كميات كبيرة وسط المدينة ومنطق المعنيين يقول بعدم قطع التيار عن وسط المدن.
الأمر الأخطر القادم على قطاع الكهرباء أن الظروف الجوية التي سادت المنطقة بمجملها ولم تقتصر على سورية ستفرض واقعاً جديداً بالنسبة لمتطلبات هذه الظروف من اضافات في مجموعات التوليد, ما يعني زيادة الطلب على بناء مشاريع التوليد ورفع قيمة هذه المشاريع وهذا تحد جديد يجب أن نسابقه زمنياً.
وأمام هذه الظروف يجب أن تنجز كل المنشآت الصناعية صياناتها في شهري تموز وآب كي تخفف من الاستهلاك, ولاسيما وأن هناك شركات صناعية خاسرة ومستمرة باستنزاف كل شيء.