|
عن نوبة الانقطاع الطويلة التي أصابت المشهد النقدي الشعري.. ثقافة من كل الجهات تجاهل تعمدّه نقاد الدراسات الأكاديمية على وجه التحديد، لتبقى مهمات التعريف بالنتاج الشعري الجديد من مهام المتابعات الصحفية، التي غالباً ما تنتابها نوبات الشللية.! الناقد هايل محمد الطالب، في كتابه «تحولات الدلالة في النص الشعري» الصادر حديثاً - إصدار خاص على ما يبدو- يُحاول إعادة بعض الحضور النقدي للنتاج الشعري الجديد منذ تسعينيات القرن الماضي إلى اليوم، صحيح أن الطالب، لا يتناول في في دراسته نتاج شاعر بعينه، غير أنه يُلاحق بعض الظواهر الشعرية، التي برأيه صارت إحدى ملامح القصيدة الحديثة، ليعطي في النهاية سمات هي من خصائص النتاج الشعري الجديد، حتى و إن أخذ الطالب لدراسة هذه الملامح نماذج شعرية لشعراء بعينهم، وهذه النماذج الجزئية كعينات للكل.!! لفتة معقولة هذه الظواهر الشعرية وجدها الطالب في ثماني ملامح طبعت القصيدة التي أنتجت خلال عقد التسعينيات، وما جاء بعد ذلك، هذه الظواهر وجدها في: البناء الدرامي وجماليات الصورة، حضور التراث من خلال دراسة تحولات الأطلال في النص الشعري، المغامرة اللغوية في قصيدة التسعينيات، البنية اللغوية و الأسلوبية للقصيدة الطويلة، النزعة الرومانسية، خطاب الحب عبر تحولاته المختلفة، استراتيجيات بناء النص الشعري، و..أخيراً ثنائية الأنوثة- الوطن في النص الشعري. حين نرى المشهد الثقافي السوري، فثمة أشخاص قد بلغوا من العمر عتياً، ومازالوا يحتلون الصدر في أغلب الاحاديث عن الشعر في سورية، وعلى ما يرى أحد النقاد: «فالستينيون مازالوا راسخون في المكان، بحكم التقادم، والسبعينيون يسمون أنفسهم شباباً، والثمانينيون شبه مغيبين، بينما ينظر للتسعينيين على أنهم شيء من سقط المتاع..»، وهكذا الأمر مع من جاء بعدهم بدخول الألفية الثالثة، وربما هنا الأمر أشدُّ مضاضةً، والمشكلة الحقيقية وراء كل هذا غياب المنابر التي تحتفي بالشعر كأصوات وليس كأشخاص..كنصوص وليس كمراتب. يُلمس بالأصابع هذا الشعر الذي يوصف بأنه يغلب عليه الهم اليومي التفصيلي، حيث الشاعر تقضّ مضجعه الجزئيات والمسائل اليومية بعيداً عما يسمى القضايا الكبرى الايديولوجية تحديداً التي كانت تقض مضجع الشعر السوري فيما سبق، وثمة من يراه يقف موقفاً سلبياً مما هو ايديولوجي، إذ ثمة نزعة ما للشاعر السوري اليوم لأن يتخفف من حمولات الايديولوجيا، وذلك لأسباب كثيرة. كما أن هذا الشعر - حسب الدكتور سعد الدين كليب - يتسم بأنه شعر صورة بالدرجة الاولى، فالشاعر ليس له من هم إلا التفكير بصورة ما تمت ألفتها من قبل ولا نجدها على صعيد الواقع اليومي. ومن مواصفات هذا الشعر كذلك، أن ثمة جرأة ملموسة على صعيد الشعر النسوي.. مع ذلك ثمة من يختلف مع الناقد محمد هايل الطالب، في أنه لايرى أن شعر هذه المرحلة يشكل حركة شعرية أو تياراً شعرياً كتلك الحركة التي تشكلت مثلاً في الخمسينيات والستينيات، فمنذ السبعينيات الى الآن لسنا أمام حركة رغم وجود شعراء كبار، وهذه مشكلة ليست في الشعر وحده بل ليس ثمة حركة ثقافية أو سياسية، وحتى اقتصادية. «ثمة رداء يصنع الكاهن» صحيح أن هذا القول، قد ينطبق على الكثيرين في حياتنا العامة، لكنه يكاد «يلبسُ» بعض المبدعين، الذين تكرسوا في حياتنا الثقافية، لجملةٍ من الأسباب، قد يكون الإبداع آخرها، وليس أولها، خلو الساحة وفراغها ذات يوم، وكان أن كرسهم الإعلام بدوره، ومن ثمّ النقاد، في ظل حماية الرداء، الذي لبسهم، وأصبح نقدهم، أو انتقادهم يعادل alraee67@gmail.com">الكفر..! alraee67@gmail.com
|