تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هل يمكن تحجيم «بلاك ووتر»؟

هيرالد تريبيون
ترجمة
الأثنين 7-12-2009م
ترجمة: خديجة القصاب

لايزال مقاولو الأسلحة الأميركية كما تدعوهم وسائل إعلامهم غير مكترثين بالسياسات التي يتخبط في رمالها المتحركة الرئيس أوباما، أكانت تلك المعتمدة في أفغانستان أم الخاصة بما يجري في باكستان،

فالاحتجاجات الباكستانية المناهضة لمهمة «داين كوربوريشن» و هي مجموعة مسلحة استأجرتها السي . آي. ايه لحماية الدبلوماسيين الأميركيين في تلك البلاد لم تلق أذاناً صاغية في ردهات واشنطن إلى اليوم، وقد رافقت موجات الاحتجاج المذكورة اتهامات باكستانية تندد بشبكة تجسس نصبها مقاولو الأسلحة الأميركية وتجارها هناك هدفها إرهاب المدنيين الباكستانيين بشكل رئيسي، وذلك إثر إلقاء السلطات المحلية القبض على شخصية باكستانية معروفة مع عدد من مساعديها تقوم بتسهيل أعمال «داين كوربوريشن» للمقاولات الأمنية «بلاك ووتر» سابقاً. كشف تعقب تلك التصريحات على امتداد الصيف الماضي وجود عدد من موظفي شركة المقاولات تلك مهمتهم تعبيد وتمهيد الطريق أمام عناصر السي. آي. ايه لتتمكن تلك الوكالة من تغطية برنامج تصفية زعماء القاعدة ليس إلا ورغم أن الأمر لايبدو شديد الغرابة للوهلة الأولى إلا أنه أصبح أكثر تفجيراً للمشاكل حالياً، فقد أفادت الأخبار مؤخراً عن استمرار شركة «بلاك ووتر» في القيام بدور إطلاق طائرات بدون طيار في سماء كل من أفغانستان وباكستان خاصة بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وذلك انطلاقاً من قواعد خفية في البلدين مهمتها سلب ونهب مناطق معينة وكان رئيس السي . آي. إيه ميشيل هايدن قد كشف العام الماضي للكونغرس الأميركي عن قيام مقاولي أسلحة وظفتهم وكالة الاستخبارات الأميركية باستخدام أساليب وحشية لتعذيب المدنيين العراقيين والأفغان كإغراق رؤوس المعتقلين منهم داخل الماء حتى يشعروا بالاختناق قبل استجوابهم في معتقلات فوق الأراضي الأفغانية والعراقية.‏

وقد تمحورت مناقشات الكونغرس لتلك القضايا حول انتقاد هذه الصناعة الأمنية العسكرية الخاصة لاستخدامها المرتزقة من الجنود وتطلق عليهم وسائل الإعلام لقب كلاب الحروب ولكن التحدي الأكبر يكمن في الجهة التي تقوم بدفع رواتب لهؤلاء الموظفين المقاولين في الشركات المدعوة بالأمنية.‏

ومن المألوف ألا تتحمس جهات رسمية لتنظيم هذه الصناعة وتأتي سويسرا بين أكثر الدول المناهضة لدعم تلك الصناعة ولمرتزقتها إلى جانب اللجنة الدولية للصليب الأحمر وتلخص وثيقة دولية تدعو لتكرار التزامات يقرها القانون الدولي ووقعت عليها حكومات وشركات المبادرة السويسرية ببنودها كافة، لذلك عمدت تلك الشركات الأمنية الأميركية إلى مراجعة استراتيجتها وبخاصة «بلاك ووتر» التي غيرت اسمها في محاولة لتبييض صفحتها وللتخلي عن سمعتها السوداء وأعمال شائنة التصقت بها جراء ما ارتكبته من مخالفات وهكذا استجابت هذه الصناعة لضغوطات السوق بغية عزل أنشطتها وفعالياتها المشروعة عن تلك غير المشروعة.‏

وتعد هذه التوجهات من تشجيع للسلوكيات المشروعة وتجريم تصرفات معنية من أهم عناصر بناء هيكلية وآلية عمل أي منظمة لكن فضائح شركة «بلاك ووتر» وعمليات الاعتقال والقتل التي ارتكبها موظفوها جعل هناك حاجة لاستصدار قانون يحظر استقدام جنود أو موظفين من الخارج لإنجاز مهام أو وظائف معينة في ذاك البلد الأجنبي.‏

أما المسألة السياسية في هذا الموضوع فتجنح إلى التسليم بأنه حتى في حال وجود الديمقراطية هناك ضرورة لتحديد قوانين مواجهة التهديدات ويمكن تبرير هكذا أفعال فقط عندما تكون مرتبطة بالبنية الديمقراطية التي يعتزم حمايتها وهي الخطوة الأولى التي تحول دون تطبيق برنامج اعتقالات شركة «بلاك ووتر» للمدنيين ويقيد بشكل صارم دور مقاولي الأسلحة الأميركيين خلال استجواب المعتقلين.‏

ولسوء الحظ فالجدل الدائر في الولايات المتحدة حالياً حول اعتماد واشنطن على المقاولين تحول لشؤون تتعلق بالنفقات والقضاء على الفساد.‏

وبينما كان هناك إجماع في الرأي خلال الأشهر القليلة الماضية على عدم جعل المقاولين الأميركيين يتولون مسؤولية استجواب المعتقلين العراقيين والأفغان وسواهم نظراً للنفقات الباهظة التي ترتبط بتوظيف هؤلاء بعمليات التعذيب والاعتقال والقتل والاغتيال.‏

يرى الشارع الأميركي حالياً أن دافع الضرائب الأميركي ليس إلا هو الذي يجعل كل مرتزق يتقاضى ضعف الراتب الذي يتقاضاه أي موظف فيدرالي, لذلك فشلت المناقشات في تحديد برنامج للاعتقالات وحول من يجب استقدامه من خارج الولايات المتحدة ومن لاضرورة في استئجاره للمهمات القذرة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية