أجبت إنه كان لهذه المسألة جذور تاريخية وأنها ستسوى في الفترة التاريخية القادمة. أجبنا نحن الاثنين متى؟ بالتأكيد في القرن الحادي والعشرين.
قد يكونون نسبوا إلينا أننا لا قيمة لنا. في الواقع جاء توحيد الألمانيتين باكراً وذلك بناء على ارادة الشعب الألماني، ليس لأن غوربا تشوف وكول قررا ذلك. في الولايات المتحدة، غالباً تمت الاشارة إلى نداء الرئيس ريغان. «سيدي غوربا تشوف» اهدم هذا الجدار!.» لكن لم يكن ذلك عمل رجل واحد، ولاسيما أنه كان يوجد موقف آخر يقول: «انقذوا هذا الجدار».
بعد قومية الألمانيتين، لم تجر الأمور كما أردنا. بما في ذلك في ألمانيا فذلك التقسيم بين الألمانيتين لمدة طويلة والذي استمر أربعين عاماً كان قد أدى إلى شرخ في المجالات الروحية والانسانية، يصعب التغلب عليها كما هو الحال في الناحية الاقتصادية. فسكان ألمانيا الديمقراطية سابقاً أدركوا بسرعة أن الأمور في ألمانيا الغربية ليست مثالية، ولاسيما في نظام الضمان الاجتماعي. لكن بالرغم من جميع المشكلات «التلاحم»، توصل الألمان لأن يجعلوا من ألمانيا الموحدة عضواً جديداً، قوياً وسالماً في الجماعة الدولية.
مع ذلك هؤلاء الذين استطاعوا رسم السياسة الدولية- الأوروبية خصوصاً- خلال سنوات قليلة استطاعوا تسييس الامكانيات التي عرفت نفسها عليهم.
في اليوم التالي لنهاية «الحرب الباردة» طرحنا فكرة تشكيل أجهزة أمنية جديدة على قارتنا، وكان المقصود بذلك تشكيل مجلس أمن أوروبي أو نهج (حكومة مديرين) تضع سلطات حقيقية وواسعة.
للأسف، إن الأمور جرت عكس ما أردنا. وكان لذلك الأمر نتائجه على جميع المنشآت الأوروبية وأبطأ من بناء أوروبا الموحدة وحل محل الحدود القديمة خطوطاً فاصلة جديدة، ونشبت حروب في أوروبا وسالت الدماء.
وظهرت الريبة، إذ اشتبه أن يكون لدى روسيا نوايا سيئة ما لم نقل عدائية وامبريالية. وقد صعقت من الرسالة التي وجهها رجال سياسة أوروبا الوسطى والشرقية للرئيس أوباما. والتي كانت بمثابة نداء لرفض أي تفاعل مع روسيا. من المخجل أن هؤلاء السياسيين لم يفكروا بالنتائج الوخيمة التي قد تنجم عن مجابهة جديدة.
من المسؤول عن اشعال الحرب العالمية الثانية، هذا التساؤل فرض نفسه وظهرت الرغبة بمقارنة ألمانيا النازية بالاتحاد السوفييتي، وأرى أن محاولات كهذه معيبة، فهي تناقض الحقيقة التاريخية والأخلاقية.
فهؤلاء الذين يريدون بناء جدار جديد من عدم الثقة والعداء المتبادل في أوروبا لا يقدمون بذلك خدمة لا لبلدهم ولا لأوروبا اجمالاً.
فأوروبا لن تصبح عاملاً قوياً في التطور العالمي إلا بشرط أن تصبح بيتاً حقيقياً مشتركاً للأوروبيين أجمع، في الشرق والغرب على حد سواء.
كيف نتابع هدفاً كهذا؟
في بداية أعوام 1990 بدأ التوجه نحو توسيع الاتحاد الأوروبي. لم أطرح للبحث مكتسبات هذا التوسع، إذ كانت هذه المكتسبات موجودة فعلاً، حيث اتضح جلياً أن مشكلات القارة قد سويت من خلال بناء الاتحاد الأوروبي بدءاً من الغرب.
ولكي نتجاوز التجارب التاريخية الجديدة -الأمن، الأزمة الاقتصادية، البيئة، الهجرة- من الضروري تغيير السياسة والاقتصاد العالمي والأوروبي قبل كل شيء. بالنتيجة أدعو جميع الأوروبيين لدراسة اقتراح رئيس روسيا حول معاهدة أمن أوروبية دراسة حيادية وبناءة، فإن توصلت أوروبا إلى حل هذه المشكلة تستطيع عندها التحدث بصوت مرتفع.
بقلم: ميخائيل غوربا تشوف
آخر رئيس للاتحاد السوفييتي سابقاً